زرت مدينة باكو عاصمة أذربيجان، الواقعة على بحر قزوين، ضمن فريق لمراقبة الانتخابات الرئاسية التي جرت في 11 ابريل 2018 , في الحقيقة انني فوجئت بجمال باكو والتي يعني اسمها " مدينة الريح " نظرا لتيارات الهواء القوية التي تهب عليها من الجبال المحيطة بها .
امضيت هناك أسبوعا كاملا تعرفت فيه على نمط الحياة في باكو الرائعة حيث تلتقي الأجواء الصاخبة للشرق بالطابع العصري في أماكن الجذب الرئيسية،
من خلال جولتي لاحظت أن باكو من اجمل وأكبر مدن القوقاز وبدا لي انها تشهد طفرة سياحية كبيرة في الوقت الحاضر، إذ توفر لزائريها السعادة والترفية بين أرجاء واحة فخمة من المواقع الأثرية والمعالم التاريخية، وفرص التسوق والتنزه المتنوعة على ضفاف بحر قزوين.
جدران باكو الحجرية الفاتنة وشوارعها المرصوفة بالحصى للبلدة القديمة المدرجة على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي تريح النفس من وهج ناطحات السحاب وأحياء الشقق الفاخرة التي تهيمن على بقية أجزاء المدينة.
فداخل هذه البلدة المسورة توجد حكايات لتاريخ باذخ تم الحفاظ عليه بشكل سليم، حيث يمكن للزوار التسلق إلى ميدان تاور اي "برج العذراء للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة ومتاهة شوارع البلدة القديمة ومناراتها الشاهقة، فقبل التجوال بقصر شيرفانشاهس المقدس زر النصب التذكاري الذي يضم ضريح الفيلسوف سيد يحي باكوفي، وحماماً صحياً يعود للقرن السابع عشر وبيتاً حجرياً صغيراً مزخرفاً، وقم بإنهاء زيارتك بالاطلاع على المحال التجارية والبوتيكات ذات الألوان الداكنة التي تحتل المساحة بين جدران المساجد الصغيرة، تشمل المعالم التاريخية أيضاً مجالس شرب الشاي والمعارض الفنية ومتحف باكو.
و يمكن للزوار أن يستعيدوا حيويتهم بعد يوم مضن من التجوال وسط المدينة خاصة في شارع نظامي الشهير , مستكشفين المعالم الرئيسية والمواقع التاريخية الأخرى من خلال الاسترخاء في أحد فنادق المدينة والاستحمام في أحواضها الجذابة والاستمتاع بمشاهدة أفق المدينة عبر شرفة فنادقها العصرية الفاخرة عند المساء، حيث تلبي فنادق المدينة العالمية جميع متطلبات السياح والزوار والعابرين إلى درجة أن المرء يشعر أنه من الأغنياء.
ساحة النافورة
إن قاعة كريستال الخلابة التي تأخذ الشكل البلوري قد شيدت لاستضافة ذلك الحدث الغنائي، حيث تقع تلك القاعة على تلة صغيرة تطل على بحر قزوين وتسطع نهارا بفعل أشعة الشمس كما ترسل أضواء الليزر في السماء ليلا. وتعتبر القاعة قريبة من ميدان العلم الوطني، والذي يعد موطنا لأحد أكبر الأعلام في العالم، وبالتأكيد الأكبر في أوروبا حيث يرفرف هذا العلم على على سارية يبلغ ارتفاعها 162 مترا فيما يبلغ طول العلم 70 مترا وعرضه 35 مترا. أما أفق السماء بالمدينة، فيحتضن نسبة كبيرة من ناطحات السحاب التي بني معظمها في غضون السنوات العشر الماضية.
أبراج النار
تعتبر من أشهر المعالم السياحية في العاصمة باكو وتتمثل في الأبراج الثلاثية التي شيدت مؤخرا والتي تعرف باسم “أبراج النار” وهي ترتفع بنحو 235 مترا فوق المدينة. فضلا عن ذلك، تبدو هذه الأبراج براقة ولامعة أثناء النهار ومذهلة خلال الليل، لاسيما عندما تضاء حوالي عشرة آلاف من المصابيح الملونة والتي ترسم أنماطا هندسية من الأضواء والنيران الراقصة. ويشار هنا إلى أن كلمة آذربيجان تعني ” أرض النار ” وقد عرفت بهذا الاسم لأن حقول الغاز فيها تنفث النار من الأرض عند خروجها إذ تمتلك البلاد احتياطيا كبيرا من البترول والغاز.
برج مايدين
غير أن أهم المعالم السياحية بالعاصمة هو ” برج مايدين” الذي يعشقه السكان مثلما يعشق الباريسيون برج ايفل، وكان هذا البرج فيما مضى معبدا ثم أصبح برجا للمراقبة ثم فنارة لإرشاد السفن في البحر. واليوم، يستطيع الزائر تسلقه على ارتفاع 28 مترا للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الساحرة من قمة البرج.
التاريخ القديم
إن التاريخ القديم لباكو لايزال محفوظ بين جدران البلدة القديمة التي صنفتها منظمة اليونيسكو ضمن قائمة التراث العالمي، وتزخر باكو بعدد ضخم من أماكن الترفيه والأسواق التقليدية والحديثة حيث يمكن للزائر تذوق الطعم الشهي للخبز المحلي المعروف باسم “تندير” والذي يخبر في أفران طينية ويقدم معه جبن البقر المالح والقشدة، فضلا عن الشاي الأسود الذي تقدم معه الحلوى والمربى. ولا يمكن للزائر أن يغادر باكو دون أن يمر على متجر بالسوق لشراء الزي الأربيجاني التقليدي “جارب” أو السجاد اليدوي الشهير، والمجوهرات وهناك كذلك الخانات المقوسة حيث يمكن أن يقيم المسافرون على الطريق.
قصر شيرفانشاكس
ولا يفوت الزائر أيضا مشاهدة قصر شيرفانشاكس الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الخامس عشر حين كان حصنا أو قلعة منيعة للدفاع عن المدينة، وأخيرا، هنالك ذلك المتحف الغريب الذي يضم تحفا فنية ونماذج مصغرة للعديد من الكتب والمؤلفات العالمية الشهيرة بالإضافة إلى أعمال وروائع مشاهير الكتاب من أمثال وليام شكسبير والروائي المسرحي الروسي الكساندر بوشكين .
متحف السجاد
ورغم أن متحف السجاد مخصص للسجاد والمنسوجات، إلا أنه يعكس الأحداث التاريخية للبلاد عن طريق السجاد ونقوش البلاط، تم تصميمه على شكل سجاد مطوي، وباعتباره محطة هامة على طريق الحرير، فإن أذربيجان تشتهر بصناعة السجاد والمشغولات اليدوية الزاهية المثيرة للدهشة كالمعروضة هنا في هذا المتحف، وبطبيعة الحال يمكن للزوار معاينة بعض هذه المنسوجات عن قرب في مخزن المتحف.
جبل النار
إنه عبارة عن تلة أكثر من كونه جبلاً، إلا أن موقعه رائع وجميل، وتقول الأسطورة إن راعياً أخرق قام بإضرام النار من سيجارته في خط الغاز الذي يسري أسفله في إحدى الليالي خلال القرن الثالث عشر، حيث كان ارتفاع النيران يصل حينذاك إلى 10 أمتار. ويعتقد أن الملاح الذي لمح تلك النيران هو الملاح ماكرو بولو.
حيدر علييف
ويعتبر مركزاً ضخماً و بمثابة الطفل المدلل لمدينة أذربيجان، ذات واجهة زجاجية ويعكس فن المعمار الأذربيجاني، تم بناؤه في 2012، تم تصميم هذه التحفة المعمارية لتحمل اسم حيدر علييف، وهو أول رئيس لدولة أذربيجان المستقلة. يضم المركز حوض أسماك وصالة عرض ومتحفاً يستضيف معارض دائمة ومؤقتة، تتراوح ما بين معارض السيارات القديمة والمشغولات الفنية .
محمية جوبوستان
وتقع محمية غوبوستان الوطنية على مقربة من وسط مدينة باكو، فهي عبارة عن مساحة شبه صحراوية مميزة، حيث أدرجت على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي في 2007.
في حين أن الكثير من السياح يحضرون إلى هنا لمشاهدة البراكين الطينية المتدفقة التي تصنع حالة من الفقاعات حول المحمية، إلا أن كهوفها الفنية العديدة تستحق المشاهدة، فالموقع موطن لحوالي 6000 من النقوش، جنباً إلى جنب مع رسوم تفصيلية تصور وجود الإنسان البدائي.
التعليقات