زرع العلماء أذنًا على ظهر «فأر فاكانتي» الشهير خلال تسعينيات القرن الماضي، ما منح الأطباء والمرضى حول العالم أملًا جديدًا. ونجح فريق من العلماء في تجربة جديدة بزراعة آذان جديدة لأطفال يعانون من تشوه خلقي يسمى «صغر صيوان الأذن» باستخدام خلاياهم.
وقالت تيسا هادلوك، من مستشفى ماساتشوستس لأمراض العين والأذن في مدينة بوسطن الأمريكية، لموقع نيو ساينتست «يعد هذا الإنجاز الأول من نوعه عالميًا، ويقربنا من تصحيح التشوهات الخلقية للأذن».
وكانت العلاجات التقليدية لصغر صيوان الأذن تقتصر على زرع أذن اصطناعية أو استخدام غضروف من أضلاع المريض وتشكيله كي يشبه الأذن. لكن تلك العلاجات تعاني من مشكلات كبيرة، فالآذان الاصطناعية عرضة للخمج، ويصعب تشكيل الأذن من غضاريف الأضلاع بالإضافة إلى أنه عملية مؤلمة قد لا يتحملها الطفل، ويتطلب أيضًا دقةً وإبداعًا كبيرين.
وصمم جواندونج تشو وزملاءه في جامعة جياو تونج في مدينة شنغهاي الصينية في التجربة الجديدة هيكلًا قابلًا للتحلل يشبه أذن طفل وزرعوا عليه خلايا استخلصوها منه. وصنع الهيكل من مادة تتحلل عندما يكتمل نمو الأذن.
تبدو الأذن بعد 30 شهرًا مثل الآذان الطبيعية. حقوق الصورة: تشو وآخرون
وهذه ليست أول محاولة للفريق لإنتاج أذن بطرائق مشابهة، فمنذ عامين ونصف، وضع الفريق مادةً موسعة للأنسجة في أذن طفلة مصابة بتشوه صغر صيوان الأذن، واستخلص خلايا من تلك الأذن وزرعها على هيكل مسامي قابل للتحلل أُنتِجَ بالطباعة ثلاثية الأبعاد. ونجحت العملية في إنتاج غضروف عندما تحلل الهيكل. وما زال الفريق يتابع حالة الطفلة، وقال أنها بخير.
تغيير الطب
خضع أربعة أطفال آخرين لهذه العملية بعد نجاحها في المرة الأولى. وعلى الرغم من أن هذه التجارب كانت واعدة، لكن النتائج النهائية كانت مختلطة النجاح. إذ نَمت جميع الآذان لكن بعضها بدا مشوهًا.
وتحتاج هذه الدراسة إلى متابعة دقيقة كي نضمن أن الآذان التي تْنتَج بهذه الطريقة ستنمو وتحافظ على شكلها الصحيح، إذ يجب أن يكون شكلها أفضل من الخيارات الاصطناعية التقليدية كي تُعد حلًا ناجحًا.. وقالت هادلوك «إذا تغير شكلها قليلًا بعد عام ونصف، فسيتساءل الآباء كيف سيكون شكلها بعد مرور 15 عامًا؟».
وتوجد عقبة أخرى تواجه الفريق وهي أن المادة القابلة للتحلل المكونة لهيكل الآذان الجديدة قد تتحول إلى مياه فتسبب انتفاخ الأذن. بالإضافة إلى أن مدى السلامة الصحية لعوامل النمو المستخدمة في تنمية الخلايا ما زال بحاجة إلى مزيد من الأبحاث.
تمثل هذه التجربة خطوة أولية في هذا الاتجاه، وعلى الباحثين معالجة مشكلاتها التقنية وفهم نتائجها. وعلى الرغم من العقبات الواضحة التي يجب تذليلها قبل نشر هذه التقنية بصورة واسعة، إلا أنها تحمل أملًا كبيرًا.. وقال جوس مالدا، من جامعة أوترخت الهولندية، لموقع نيو ساينتست «نمضي في تنفيذ الخطوات التي نحتاجها كي ننشر هذه التقنية بين المرضى، لنحقق إنجازًا كبيرً».
وما يزيد من أهمية نجاح هذه التقنية أن دورها لن يقتصر على جانب زراعة الآذان فقط، فهي قابلة للاستخدام مستقبلًا في علاج التشوهات الخلقية الأخرى أيضًا.
التعليقات