بدعوة من الفنان عبد الرازق عكاشة، نُظمت في (مُتحف دارنا)، أمسية تكريمية للشاعر والروائي والمترجم أشرف أبو اليزيد، أدارها الدكتور حسين عبد البصير، الباحث والروائي ومدير متحف الآثار بمكتبة الاسكندرية.
جرت الأمسية في إطار أنشطة (متحف دارنا) الموازية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، وهو المتحف الذي أسسه الفنان عبد الرازق عكاشة، وبدأ موسمه لهذا العام، كما قال عكاشة، بتسليط الضوء على تجربة أشرف أبو اليزيد، "الذي نسج اسماً عالمياً لامعاً بفضل جهوده وإبداعاته المتميزة. يُعد أشرف سفيراً ثقافياً لمصر، وترك بصمة عميقة في الأدب العربي والعالمي، إذ ساهم في مجالات متعددة تشمل الشعر والرواية وأدب الأطفال وأدب الرحلات. وضمت مسيرته الأدبية 44 كتابًا مؤلفًا ومترجمًا، نُشر العديد منها بلغات مختلفة مثل الإنجليزية، الألمانية، الكورية، الروسية، الفارسية، السندية، الصربية والتركية، وغيرها.
وفي إطار الجسور الثقافية التي يتبناها ويبنيها (متحف دارنا)، استضافت الأمسية صوتين من الأدب التونسي، الذي مثلته الروائيتان نسرين المؤدب ود. حنان جنان. مشاركة المؤدب هي الثانية مع جمهور المتحف وعرضت فيها تجربتها السردية، خاصة مع الدكتورة حنان جنّان، الكاتبة والأستاذة الجامعية في القانون. وقرأ ضيوف الندوة مختارات شعرية وروائية من مؤلفاتهم. وكانت لفتة طيبة من الفنان مهندس الديكور مصطفى غريب أن أهدى الحضور ، من ضيوف المنصة وجمهور الأمسية، لوحات خطية لأسمائهم.
وأهدى أشرف أبو اليزيد مائة نسخة من مؤلفاته، لتكون نواة مكتبة تحمل اسمه بالمتحف، ومنها روايته (شماوس). في العام 2007 صدرت رواية (شماوس) عن دار العين في مصر، التي استضافت حفل توقيعها الأول في القاهرة، كما استضافت الكويت في نوفمبر من العام نفسه حفل التوقيع الثاني بمعرض الكويت الدولي للكتاب. ثم رشحت الرواية لجمعية كوريا والشرق الأوسط لتترجم إلى اللغة الكورية، باعتبارها نموذجا للأدب المصري المعاصر، وأن تكون ضمن الروايات التي بتم تدريسها في جامعة اللغات الأجنبية هناك. وبعد صدورها في الترجمة الكورية، في طبعة أنيقة، بدأ نشر الرواية مسلسلة على موقع آسيا إن، باللغتين الكورية والإنجليزية، وحملت حينها العنوان الجديد (الطريق إلى شماوس). على مدى سنوات، كتب العديد من النقاد العرب والأجانب مقالاتهم، ومراجعاتهم للرواية، حتى اختارتها الباحثة الهندية سبينة كي لتكون في متن دراستها للدكتوراه، والتي جاءت بعنوان (شعرية السرد في روايات أشرف ابو اليزيد)، في كلية اللغة العربية بجامعة كاليكوت، كيرالا الهند.
كانت الترجمة الكورية لرواية (شماوس) أحد أسباب ترشح أشرف أبو اليزيد للفوز بجائزة مانهي الكورية المرموقة في الأدب (2014)، ثم صدرت بالإنجليزية طبعتها الأولى عن دار (الناشر) في القاهرة (2024). وقد صدرت في دوسلدورف، ألمانيا، الطبعة الإنجليزية الثانية من رواية (شماوس) بعد أن اختارها الفرع الأفريقي لنادي الكتاب التابع لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (UN SDG) ضمن الكتب التي تولت شركة كانون Canon طباعتها خلال معرض دروبا للطباعة المتكاملة DRUPA 2024. منظمو هذه المبادرة الأدبية الأفريقية هم شبكة الناشرين الأفارقة (APNET)، وأدب الحدود لجميع الأمم، ورابطة الكتاب الأفارقة (PAWA)، ورابطة تطوير التعليم في أفريقيا (ADEA)، وجمعيات ومؤسسات المكتبات والمعلومات الأفريقية (AfLIA) )، ورابطة باعة الكتب الأفريقية (PABA) ومركز الأمم المتحدة للإعلام، ناميبيا.
مدير الأمسية د. حسين عبد البصير، روائي وأثري مصري معروف، تخصص في الآثار المصرية القديمة ونشر عددا من الروايات الأدبية التي تدور أحداثها في مصر القديمة، من بينها (البحث عن خنوم)، و(الأحمر العجوز)، وقد نال الدكتوراه بجامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة الاميركية، وتترجم أعماله دوريا إلى الإنجليزية ولغات أخرى، للكبار واليافعين.
استعرض ضيف الأمسية أعماله، ورحلته في الكتابة من الشعر إلى الرواية، وصولا لأدب الرحلة الذي رأى فيه جماعًا لفنون الأدب العربي، وأشار إلى أحدث مؤلفاته التي نشرتها هذا العام بيت الحكمة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، رواية "أبي رسام خرائط" و يأتي سؤال الأقران: "هل هذا معقول؟ والدُك يرسم الخرائط! نحن نرسُمُها في المدرسة ونحن صغار، فهل هناك شخصٌ كبيرٌ تتلخَّصُ كُلُّ مهنتِه أن يرسمَ مجرَّدَ خريطة!". لكن أحداث الرواية تجيب، حين تبحر بقرائها إلى عالم الخرائط الغامض مع بطلنا ووالده الذي يرسمها؛ لنعرف ظواهرنا الجغرافية من خلال مغامرة مثيرة وممتعة، فبدون خريطة لا يمكننا أبدا معرفة الطرق والمسافات والمواقع والمساحات.
وتحدث أشرف أبو اليزيد عن كتابه (نون النسوة .. نهر الفن) الذي صدر في سلسلة (كتاب الهلال)، وفيه يتعرف القاريء على أم كلثوم كاتبة للقصة القصيرة، ومارلين مونرو شاعرة، وأم ناظم حكمت جليلة خانوم رسامة، وديوان سافو مترجما، وسيرة فدوى طوقان، ومارجو فيون رسامة الروح الشعبية المصرية ، وسيرة فريدا كالو
كانت جليلة خانوم (هانم) رمزا للمرأة التي تناضل من أجل فنها، وكرست حبها لابنها الشاعر ناظم، وكانت سنده في أكثر من مناسبة، وهو شاب غض، أو حينما بادرته الحياة بمصاعبها بسبب آرائه وأشعاره، وخاصة أنها انفصلت عن والد ناظم في سن صغيرة. لا شك أن تمرد الشاعر التركي المعروف كان يستمد عنفوانه من أمه. فخلال سنوات سجنه في مدينة بورصة التركية، ولكي تكون إلى جواره، استأجرت جليلة بيتا قريبا من السجن. وكان من بين مواقفها الأشهر للدفاع عن ابنها يوم علقت لافتة على جسر غلطة تعلن دعوتها لجمع توقيعات تدعم ناظم حكمت الشاعر السجين، الذي كان قد بدأ إضرابه عن الطعام. أثارت دعوتها الكثيرين، وسدت الجماهير الطريق فوق جسر غلطة. وحين ظهرت الشرطة، وأخذ العسكر جليلة للسؤال عن مدى تورطها في المظاهرة، وعمن وضع اللافتة لها فوق الجسر، أجابت بأن التوقيع على اللافتة يقول: جليلة الرسامة.
وفي سيرة الترجمة، استعرض أشرف أبو اليزيد ترجماته للشعر العالمي، وأشار على وجه الخصوص إلى أنا والسُّوريالية، الاعترافات السرية لسلفادور دالي، الصادر في سلسلة كتاب دبي الثقافية، دبي، يوليو 2010، وألف حياة وحياة ، الشاعر الكوري كو أون، سلسلة كتاب دبي الثقافية، دبي، 2012، وقِديسٌ يحلق بعيدًا، الشاعر الكوري تشو أو ـ هيون، بيت الغشام للنشر والترجمة، مسقط، سلطنة عمان، 2013، وفضاء رتيب يبعث على الكآبة، الشاعر الهندي هيمانت ديفاتي، سلسلة إبداعات طريق الحرير، المشارق، القاهرة، 2016، وعطايا الخلايا الجذعية ، د. جيونج تشان را، بتانة، القاهرة، 2018، وامتطي غيمة لأبحث عنك، قصائد للشاعر الكوري مانهي، سلسلة إبداعات طريق الحرير، فهرس للنشر والتوزيع، القاهرة، 2019، أما الشّعرُ في تايوان، فكان له كتابان مترجمان (4 شعراء هاكّا من تايوان)، و(هنّ بناتُ سيرايا)، فضلا عن كتاب الشاعرة ألكسندرا أوتشيروفا ومتواليتها الشعرية (آفاقي). واستعرض الضيف موسوعته الصادرة عن مكتبة الإسكندرية (طريق الحرير)، كأول مؤلف عربي في كتاب مستقل قسم أبوابه بين مدن ومعالم، وفنون وآداب، وممالك وأعلام على طريق الحرير.
التعليقات