شهدت مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية المصرية، الجمعة الماضية، ملحمة بشرية سطرها رجال هيئة الإسعاف، كانت هي طوق النجاة لإنقاذ أسرة مكونة من زوج وزوجة وثلاث أطفال وسيدة مسنة من مصير مؤلم جراء تعرضهم للاختناق في أعقاب استنشاقهم لانبعاثات كربونية ضارة.
البداية من منزل المواطن (أ،ح) الذي يقطن بعزبة العويضة بقرية ميت حبيب التابعة لمدينة بلبيس بمحافظة الشرقية، حيث خلد إلى النوم بصحبة أسرته بعد أن أنهى يوم عمل شاق في صيانة (التوكتوك) الذي يملكه ويحتفظ به في فناء منزله، وقرر ترك (التوكتوك) يعمل لكي يتأكد من سلامة ماتوره بعد الإصلاح، ولم ينتبه إلى تسرب الانبعاثات السامة الصادرة من الماتور إلى غرفته البسيطة، ليفيق وهو في حالة اختناق شديد ولا يقوى على الحراك فزحف حتى تمكن من الإمساك بهاتفه ليجري مكالمة لخطنا الساخن 123 وبالكاد ذكر اسم القرية التي يقطن ومن تعرضه للاختناق هو وأسرته، ثم خارت قواه وفقد الوعي دون أن يذكر موقع المنزل.
وعلى الرغم من غموض البلاغ وعدم وضوحه وتشابهه مع عشرات الآلاف من البلاغات الكاذبة التي ترد لهيئة الإسعاف المصرية يوميا. فإن مسؤولي غرفة القيادة والتحكم بهيئة الإسعاف بمحافظة الشرقية رفضوا التسليم بكذب البلاغ، حتى وإن كان نسبة صحة البلاغ 1%.
فقاموا بتوجيه 6 أفراد من أطقمنا الإسعافية على متن 3 سيارات إسعاف مزودة بأسطوانات أكسجين، لتمشيط القرية موقع الاستغاثة، وبالرغم من شدة الشبورة المائية والظلام الدامس الذي غلف العزية مع اقتراب الفجر، لم يجد المسعف وحيد محمد قطب سبيل للوصول إلى البلاغ سوى طرق أول باب يصادفه بالعزبة ليستيقظ عدد من أهالي العزبة ليشاركوا في عملية البحث ليستقر الأمر عند باب منزل بسيط من الطوب اللبن ينبعث منه صوت محرك (التوكتوك) ولم يستجب أحد لطرقات الباب، وما هي إلا ثواني وتمكن الأهالي من فتح باب المنزل ليجد المسعف نفسه أمام أسرة كاملة ملقاة على الأرض فاقدين الوعي، ثلاث أطفال، وسيدة مسنة، والزوجة، والزوج الذي كان مستلقياً وبجواره الهاتف الذي جرت منه الاستغاثة، أسرع المسعف بإخراجهم صوب سيارة الإسعاف، واستدعى باقي السيارات التي كانت تمشط القرية، ليباشروا تزويدهم بالأكسجين وبمتابعة علاماتهم الحيوية، ثلاث سيارات إسعاف شقت بأضواء ( فنارتها ) ظلام القرية الدامس، وداهمت بأصوات أبواقها المميزة الطريق صوب المستشفى، لتعلن عن حدث جلل غير اعتيادي.
أسرة بأكملها كادت أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، لولا فضل الله، الذي سخر لهم في تلك الأجواء الملبدة بالغيوم رجال أشداء لم يألوا جهداً في تلبية تلك الاستغاثة الغامضة.
وقال الدكتور عمرو رشيد رئيس مجلس إدارة هيئة الإسعاف المصرية: "تابعت بتقدير واعتزاز كافة تفاصيل تلك الملحمة واطمأننت على تعافي كافة أفراد الأسرة صاحبة الواقعة، وعودتهم لمنزلهم سالمين، أحيي فيكم ذلك الضمير وتلك الروح الطيبة، التي تشبثت بأمل ضعيف حيال صحة ودقة البلاغ، أسرة بأكملها كادت أن تفقد حياتها بسبب ظاهرة مجتمعية سلبية تؤرق مؤسستنا وهي البلاغات الكاذبة، لولا العناية الإلهية التي قادتكم للسير وراء بصيص أمل حتى وإن كان ضعيف".
ووجه خالص التحية والشكر والتقدير لكل من ساهم في تلك الملحمة بمشاركة متميزة من مسؤولي غرفة القيادة والتحكم.
متلقي الاستغاثة الهاتفية: رضا سليم محمد.
مسؤول القيادة وإدارة الحدث: هيثم كمال المسلمي.
المسعف : وحيد محمد قطب ( أول من تمكن من الوصول لمصدر الاستغاثة ).
السائق : تامر محمد علي.
المسعف : شعبان محمد إسماعيل.
السائق : جمال محمد عبد الجليل.
المسعف : وليد عبد العزيز سلامة.
السائق : محمد صبري محمد.
التعليقات