انطلقت قافلة الشعر السعودية على الأراضي المصرية، من محافظة الإسكندرية، مساء الإثنين، 25 سبتمبر الجاري، بخمسة شعراء سعوديين هم: محمد العطوي، وسعاد أبو شال، وحسن صميلي، وأحمد التيهاني، ودلال راضي.
وقد جابت قوافل الشعر معظم المحافظات السعودية قبل أن تقرر أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف، برئاسة د. منصور الحارثي، أن تنطلق القافلة لتجوب أقطار الوطن العربي تزامنًا مع احتفالات اليوم الوطني السعودي الثالث والتسعين. وكانت البداية من مصر وتحديدًا من الإسكندرية ومن إحدى قلاعها الثقافية وهي مكتبة الإسكندرية. ومن المقرر أن تتنتقل القافلة إلى مدينتي القاهرة والأقصر في الأيام القليلة القادمة.
لقد أعلنت وزارة الثقافة السعودية متمثلة في هيئة الأدب والنشر أن عام 2023 هو عام الشعر، وأرادت أن تعود بالشعر العربي الفصيح إلى قوة حضوره وتوهجه الذي يعترف الجميع بانحساره وانسحابه من ميدان المنافسة الأدبية في الأعوام السابقة، مُخليًا بذلك الساحة إلى الرواية والشعر العامي أو النبطي وأنواع أدبية أخرى بدأت تغزو الساحة الأدبية بشراسة مثل قصيدة النثر والقصة القصيرة جدا والخواطر الأدبية, فكان لا بد من إجراء حاسم لعودة الشعر العربي الفصيح إلى مكانته اللائقة، ومساره الصحيح.
ولما كانت أكاديمية الشعر العربي بجامعة الطائف التي تنظم وتدير جائزة الأمير عبدالله الفيصل العالمية، إحدى الجهات المعنية بهذا الأمر، فقد أخذت على عاتقها زمام المبادرة والتفعيل من خلال القوافل الشعرية، واختارت لذلك فرسانها من الشعراء السعوديين من ذوي الحضور الجميل على مسرح الإلقاء والتمثيل.
وقد شارك عدد كبير من شعراء الإسكندرية وكتَّابها ومثقفيها بالحضور والاستماع لزملائهم شعراء المملكة العربية السعودية، فكان الجمهور جمهورًا نوعيًّا متذوقًا للكلمة الجميلة الهادفة في إطارها الموسيقي البيتي والتفعيلي، وفي موضوعاتها الوطنية والعاطفية الصادقة. وقد كان التجاوب هائلا والتذوق فاعلا شعر به الشعراء فأبدعوا في إلقائهم وفي اختيار عناوينهم.
وقام الشاعر د. فوزي خضر – الفائز بجائزة الأمير عبدالله الفيصل العالمية فرع الشعر المسرحي 2019 - بإلقاء كلمة ترحيب بالقافلة السعودية والشعراء السعوديين المشاركين في الفعالية التي تخلل فقراتها تسجيلات غنائية وموسيقية أطربت الحضور، وخاصة عندما أذيعت مقاطع من قصيدة "ثورة الشك" لأم كلثوم من شعر الأمير عبدالله الفيصل، وكذا بعض مقاطع من أغنيات لطلال مداح ومحمد عبده، وموسيقى من فنون الرقص الشعبي السعودي، بل قام اثنان من شعراء الأمسية بالرقص على أنغام موسيقى العرضة السعودية، فكانت فقرة بهيجة، صفق لها الحضور كثيرًا، وأكدت التحام الشعر بالموسيقى بالغناء بالرقص، وهو شكل جديد من أشكال التقديم الفني لأمسياتنا الشعرية التي تحتاج بالفعل إلى تفعيل نوع الأداء الجديد الذي يجذب الحاضرين بشدة.
لم يبدأ العام الجامعي في الإسكندرية بعد، مما أثر على كثافة الحضور الطلابي، فالكليات النظرية لجامعة الإسكندرية (الآداب، والحقوق، والتربية، والتجارة، والسياحة والفنادق) والتي تضم آلاف الطلاب، موقعها في مواجهة مبنى مكتبة الإسكندرية بالشاطبي. ومنهم المئات من عشاق الشعر، كتابةً واستماعًا، ويشاركون في حضور الندوات والأمسيات واللقاءات التي تقام في مكتبة الإسكندرية.
ولكن أمسية قافلة الشعراء السعوديين أقيمت قبل بدء العام الجامعي بأيام قليلة، لكنها تميزت بحضور إعلامي قوي، وتجول ميكروفون إذاعة الإسكندرية، وكاميرات بعض البرامج التلفزيونية على الحاضرين من الأشقاء بالمملكة العربية السعودية. وكانت هناك حالة من البهجة والسعادة شعر بها الجميع. وانعكست على أريحية الشعراء وعفويتهم واختيارهم للنصوص الملقاة. وهذا من أسرار الجمال الذي تتميز به مثل هذه اللقاءات الأدبية والثقافية، بعيدا عن الرسميات والخطوات المحسوبة والمدروسة سلفًا.
ولا شك أن جمهور الشعر في القاهرة وفي الأقصر يتطلع إلى حضور أمسيات القافلة السعودية المصرية التي ستعقد مساء يوم 28 سبتمبر بمتحف الحضارة في العاصمة المصرية، ومساء يوم 30 سبتمبر في أحد الفنادق الكبرى بمحافظة الأقصر التي تعد العاصمة الأثرية لمصر.
وما بين التاريخ والآثار والطببعة والأسرار، تزدهر أجمل الأشعار، ونتذكر دائما قول أمير الشعراء أحمد شوقي "إن الشعر ابن أبوين: التاريخ والطبيعة".
التعليقات