هل أخطأ أحمد سعد عندما ارتفع صوته قائلا لمتعهدة الحفل فى بنزرت بتونس (اسكتى)؟ قطعا ارتكب تجاوزًا لفظيًا لا يليق، سواء أكان متعهدا أم متعهدة، ولا مبرر أبدا من الممكن قبوله، حتى لو كان الدافع انفلات المتعهدة وعدم التزامها لا بتفاصيل العقد ولا بآداب الحوار، كان ينبغى أن يضبط هو لغة الحوار، ولا يتجاوز حتى لو تجاوز الطرف الآخر.
هل أخطأ أحمد سعد فى حق المرأة التونسية؟ يقينا لم يقترب فى كلماته من المرأة التونسية، لو كان المتعهد رجلا وقال له (اسكت) هل نعتبره، طبقا لهذا المقياس، يهين الرجل التونسى؟ (آفة حارتنا التعميم) وليس النسيان كما قال أستاذنا نجيب محفوظ.
لا أحد يعبر عن الكل، لا المتعهدة تساوى المرأة التونسية، ولا أحمد سعد يمثل الفنان المصرى، يمثل فقط أحمد سعد.
الشخصية العامة عليها واجبات وعليها نواهٍ، لا يجوز لها الانزلاق فى تبادل أى لفظ جارح، إلا أن الخطأ الأكبر هو ما أقدم عليه نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، وكأنه وجدها فرصة لكى يلقى البنزين على النار، طالبه بالاعتذار للمرأة التونسية وكأنه يقر بأن يحمله جريمة لم يرتكبها، ثم إن بيان النقابة عندما يلزم أحمد سعد بالاعتذار فهو يضيع عليه الفرصة لإثبات عدم تطاوله على المرأة التونسية.
أعلم تماما أن النقيب مصطفى كامل، حسن النية فهو يخشى أن تحترق (السوشيال ميديا) بكلمة من هنا أو هناك وتزداد ألسنة اللهب اشتعالا، إلا أنه أخفق فى استخدام هذا السلاح، وكأنه وجدها فرصة لكى يقيد الفنانين، داخل مصر، ويلزمهم بضرورة الحصول على إذن مسبق من النقابة، بل ويطالب الجهات المختصة بمنع الفنان من السفر، إلا بعد التأكد من الإذن.
النقابات المهنية يحكمها قانون واحد، فهل نعود لزمن الستينيات عندما كانت الدولة تلزم المواطن قبل السفر بالحصول على إذن من جهة العمل.
تبدو وكأنها محاولة لإثبات أى دور للنقابة، نوع من التسلط تجاوزه الزمن، مع الأسف يعلو هذا الصوت بين الحين والآخر مثلما كان النقيب السابق هانى شاكر يسعى لتطبيق قانون الضبطية القضائية، من خلال نقابة الموسيقيين، لولا أن مجلس النواب بأغلبية أعضائه تصدى وتم إسقاط مشروع القانون.
يجب أن يتحلى النقيب بالهدوء فى معالجة مختلف القضايا، وأن يستوفى وقته فى الاستماع لكل الأطراف، فكما هو واضح من الملابسات، لم يستمع حتى إلى أحمد سعد قبل إصدار قراره، أصابه هاجس التوتر، خوفا من التصعيد هنا أو هناك، ولم يدرك أنه لو أقر هذا المبدأ، وهو إلزام عضو النقابة بالاعتذار عن جريمة لم يرتكبها، فسوف تشتعل بعده عشرات من الحرائق.
أحمد سعد صار الورقة الرابحة فى الحفلات بعد النجاح الذى حققه مؤخرا فى موسم الرياض، هو عادة مرن فى تقبل الآراء، وعندما ارتدى فى إحدى الحفلات ملابس استفزت الجمهور، لم يعتبرها نهاية العالم، وصرح بأنه لن يفعلها مجددًا.
كما أنه قبل أن يستغل أحدهم ما حدث فى حفل بنزرت للصيد فى الماء العكر قال: (ما عاش ولا كان إللى يهاجم المرأة التونسية)، بينما النقيب (جاء يكحلها.. عماها)!.
التعليقات