كل منا ينال نصيبه من الألم كما ينتظر نصيبه من السعادة.
لله في عمرك توقيتات تناسبك أنت في المقام الأول.
عندي قناعة شخصية بأنه كلما كنت نقيًا كان مشوارك شَاق شَكِس .. لكنه مثمر!
في صغري كان لدي ثقة عمياء في كل من حولي، بسذاجة الشباب كنت أتصور أنه لا يوجد عذر لأحد ألا يكون أمين صادق وجَدِير بالثِّقَة.
كم العار الذي كنت أشعر به عندما أخطئ كان عبئًا كبيرًا لا أرغب في تحمله، وكنت أتصور أن الجميع لديهم مثلي نفس القناعات.
مرت عشرات السنوات وكبرت، واكتشفت أن كم الخوازيق التي تلقيتها تكفي لبناء مدينة جدباء!
لا أعرف حقًا كيف كان لدي كل هذه المقدرة على التحمل.
لطالما أيقنت أن الأصل هي الطيبة حتى يثبت من أمامي عكس ذلك … لقد كفرت بهذه المقولة قولا واحدًا.
إن براءة الأطفال تقتلها سنوات الخداع!
لا يعود الرجل طفلا بعد نضجه أبدًا؛ ليس لكِبَر عمره بل لزحف الخبثاء على أرضه، يأكلون خير عمره ثم ينصرفون عندما يَشْبعون.
أتخيل نفسي لو كنت أعيش في غابة وحيدة لما أصاب العطب روحي ولما نبتت تجاعيد النذالة على جدران قلبي الهَرِمَ.
في الصغر تتصور أن كل شخص يستحق فرصة يثبت فيها جودة قلبه، إلى أن يأتي اليوم الذي تكتشف أنك أعطيت فرصة من استوجب له العطاء لآخر نذل لئيم، غَمَرَك بخسته وفُجْر نواقصه.
الجميل يا صديقي أنه رغم ضحالة ووضاعة بعض الأشخاص لكنهم كانوا أكثر من تعلمنا من خلالهم!
عندما تصل لقناعات تطبقها بقوة ولا تحيد عنها ولا تستثني منها أحد فاعلم يا سيدي أنك اليوم بلغت رُشْدَك.
أحيانًا بعض الصداقات مثل السياسة لا أمان فيها.
صديقي الكتمان ليس من الشجاعة في شيء، أقوى بقاء لك وأنت تشعر بما يؤلمك تفطن له حتى تستطيع أن تغيّره.
لا أحد يراك كما تستحق أن تُرى، هناك من يلتزم برؤيتك كما يمليه عليه "صديد عقله".
أنا على يقين أن كل من أهديته حبًا سواء استحقه أم لا ... عاد إليّ وإلى من أحببت.
رسالتي اليوم ليست أن تتوقف عن الثقة بالآخرين، بل أن تتحرى الجدية في من تضيع عنده تلك الثقة.
ليس الجميع يستحق فرصة أولى في الأساس.
هناك أشخاص لشدة خراب عقولهم الصغيرة الضحلة تتصور أن عيبًا ما يخالجك.
ستجد فئات عاجزة من البشر يبهروننا بسواد قلوبهم وافتعال نفوسهم، هؤلاء لا يستحقوا جوارك، تبرع بهم فورًا.
هناك حقيقة علمية تقول أن بعض عمليات البتر ضرورية لأن بعض صديد العقل يتحول إلى "غرغرينا" لا يرجى منها الشفاء.
البصيرة هي النور الذي يقذفه الله في قلبك لترى هل أنت زَهُوق هَالِك أم رشيد رزين.
هناك بعض النباتات الطفيلية مثل نبات "الحامول" أو " العُليق" التي تعتمد في حياتها وغذائها على النبات العائل.
هي نباتات بلا جذور حقيقية تلتف حول العائل في حركة لولبية متشابكة مثل الأفعى تمتص منه الغذاء بلا عناء، حتى أن بذور هذا المترمم تحتفظ بحيويتها لمدة تصل إلى عشرون عامًا.
يا الله … كم تتشابه تلك النباتات مع من يمتلكون أرجل سليمة لكنهم يركبوا كتفيك متصورين أن حقهم عليك الدعم الغير مشروط بمحبة ولا بزمن ... امتلاك أبدي قاتل مُنَفِر.
كي تصفق تحتاج كلتا يديك حتى يصدر عنهما الصوت، من يتفانى إلى أن يفقد إحدى يديه سيضطر أن يصفق بيد واحدة على وجهه طالبًا الدعم والمؤازرة.
لا أحد يعي كيف تمر أيامك، لا أحد يدري حقًا كم التعاسة التي تحبسها لتبدو سعيدًا، ولا أحد يعلم عن يقين كم الشدائد التي تنهكك وأنت لازلت تحتفظ بقلب إنسان.
القلوب مدائن، وهناك من يمتلك بيتًا آيل للسقوط لا يصلح معه ترميم؛ فقد كان تصميمه من اليوم الأول هَشِيم.
صديقي أدعوك أن تستمر جميلا كما كنت، بل أن تزداد حُسن وملاحة تفيض على كل من حولك.
لكني أدعوك ايضًا أن تفرز جيدًا من يستحق جوارك ومن يستحق أن تغلق عليه باب لسرداب خفي في الهرم الأكبر لم يكتشفه أحدًا بعد.
كل دقيقة يستهلكها نذل سَمِج ما، كانت حق لمن صمد إلى جوارك محب، لكن سذاجة وعيك جعلتك مُفَرِط.
رفيق دربك قد يتركك في منتصف الطريق، لكن رفيق قلبك هو ذاك الساكن الذي تَمَلّك وحدته، لا يترك بيته إلا لمن خلفه عندما يؤول إلى الميراث.
لا يعنيك من اليوم سوء الظن والانصراف كن قريبًا من مدارك وعيك وانشغل بما يدفع عجلة رحلتك للأمام.
إن أفضل ما تبحث عنه وأنت لازلت بخير هي راحة البال.
تلك النعمة التي قد تستغرق منك عمرًا بأكمله للوصول إليها، تكلفك الكثير من الخسارات الضرورية، ما أن تجدها يُمحى عن قلبك ضيق الصدر وتفارقك كلاليب الطريق، فتغدو كما بدأت في صِباك رفيع المُقام ناسك القلب مُكَرَّم مُنِيف عزيز ومن ثَمّ إنسان.
التعليقات