تمر الذكرى الأولى لنشوب حرب أوكرانيا على قارة أفريقيا بأوجاع ثقيلة لما شهده العام الماضي من أزمات شديدة حاصرت القارة نتيجة صعوبات استيراد الحبوب من موسكو وكييف، إضافة لموجات التغير المناخي التي هددت الأمن الغذائي بشدة.
وأفريقيا أكثر القارات تضررا جراء هذه الحرب؛ نظرا لأن روسيا وأوكرانيا أكثر الدول تصديرا للحبوب إلى أفريقيا.
وأدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى تداعيات كثيرة تمثلت في توقف كل من الصادرات الروسية بفعل الحصار الغربي، والصادرات الأوكرانية بفعل الحصار الروسي، وعدم قدرة أوكرانيا على تصدير الحبوب من موانئها.
تزود أوكرانيا وروسيا أفريقيا بأكثر من 40 بالمئة من احتياجاتها من القمح؛والحرب أدت إلى نقص بواقع 30 مليون طن من الغذاء في إفريقيا.
زادت الأسعار بنسبة 40 بالمئة بأسعار الغذاء في القارة؛هذا النقص الشديد في إمدادات الغذاء إلى دول القارة، إلى جانب انخفاض المساحة المحصولية بنسبة 25 بالمئة.
وانخفاض حجم الإنتاج بنسبة 37 بالمئة فاقم أزمة الغذاء في عدة دول، ووضع بعضها على حافة المجاعة. ونقصت القدرة التصديرية عن العام السابق على الحرب، وارتفعت تكاليف سداد قيمة المواد الغذائية نتيجة لارتفاع أسعار الحبوب والأرز والقمح.
في خصم الأزمة اتفق الجانبان روسيا وأوكرانيا؛ على السماح للسفن المحملة بالحبوب من الانطلاق للدول التي في حاجة إلى الحبوب الغذائية.
وانطلق من الموانئ بالفعل حوالي 20 مليون طن من الحبوب؛ وسط توقعات بارتفاع هذا الرقم إلى 75 مليون طن إذا استمر اتفاق استئناف تصدير الحبوب الذي تم تمديده 4 أشهر نوفمبر الماضي، ولكن هذه الانفراجة لم تسفر عن تحقيق أمن غدائي لإفريقيا.
وحذرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو" من أن القارة قد تواجه خطر المجاعة؛ بسبب الاعتماد الرئيسي على الحبوب الروسية والأوكرانية.
ونبهت قادة الدول لضرورة البحث عن مصادر بديلة للحبوب، وتطبيق مجموعة واسعة من الإجراءات لمواجهة تحديات الأمن الغذائي؛ وزيادة قدرتها على الصمود في مواجهة الصدمات العالمية.
وهناك نحو 27 مليون شخص يعانون الجوع في منطقة غرب إفريقيا، وقد يرتفع إلى 38 مليون نسمة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية بزيادة تصل إلى 40 بالمئة.وهذا يعد ارتفاعا غير مسبوق في عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص المواد الغذائية داخل القارة رغم كل أزماتها.
بعد انطلاق الحرب بدأ القادة في إفريقيا الوصول إلى أسواق بديلة لاستيراد القمح والحبوب، مثل فرنسا والولايات المتحدة والهند وباكستان ورومانيا وألمانيا وكزاخستان وأستراليا.
ومع ذلك، عانت الدول المستوردة نتيجة الارتفاع الكبير في أسعار القمح؛ حيث وصل سعر القمح في السوق العالمي مع بدء الأزمة حوالي 550 دولار للطن.
ثم أدى اتفاق تمرير الحبوب بين روسيا وأوكرانيا والإفراج عن السفن في الموانئ بعد أشهر من الحرب؛ لتراوح سعر الطن من 280 إلى 320 دولار.
والحرب أثرت سلبا على ميزان التجارة لدول شمال إفريقيا؛ وأيضا على فرص النفاذ للاستدانة لسد الفجوات التمويلية؛ ومصر من الدول التي تأثرت بشدة بهذا الأمر.
فمثلا أضر رفع سعر الفائدة على الدولار بالعديد من الأسواق الناشئة؛ ومنها مصر كما أن جزءاََ من الاضطراب في أسواق المال؛ يرجع إلى الصعوبات التي يواجهها استيراد المواد الأولية.
التعليقات