فجأة وجدت نفسى أعتلى خشبة مسرح الحفل الختامى لمهرجان (العين)، في دورته الخامسة، لم أكن بين المكرمين ولست مشاركا في لجان التحكيم، وبديهى لست منافسا على الجوائز.
تغيب أحد الفائزين وتسلمت الجائزة بالنيابة عنه، وفى الحقيقة عنهما، وهما عادل العربى وبلال فلاح فلقد أخرجا الفيلم الذي يحمل الجنسية البلجيكية (تمرد)، وحصدا معا جائزة أفضل مخرج في المسابقة الدولية التي أقيمت لأول مرة، رأسها المخرج السنغالى الكبير موسى تروى.
قلت في بداية كلمتى المرتجلة إن المهرجان يملك دائما الطموح الذي يتجاوز ما هو متاح ماديا، ليس لديه الميزانية الضخمة، ولكن رئيس المهرجان المخرج عامر سالمين وفريق العمل لديه دائما أحلام تتجاوز حساب الأرقام، هناك دائما حدود ملزمة للقوة المادية مهما ارتفع سقفها، بينما القوة الأدبية المتمثلة في الخيال فهى لا تعرف أبدا قيودا أو حدودا.
استوقفتنى مسابقة يشارك فيها المقيمون في دولة الإمارات وهو نوع من التسابق فريد من نوعه، إلا أنه يتسق تماما مع توجهات دولة الإمارات العربية التي تفتح قلبها قبل أرضها لمن يأتى إليها، أن يشعر المقيم أن له كل الحقوق، هذه قيمة تحصد من خلالها كل العطاء، البلد الذي يحتفى بك ويمنحك كل شىء، تمنحه أنت بالمقابل كل شىء، يشعرك بأنه أصبح وطنك تحبه مثلما تحب وطنك الأم، وأتصور أن تلك هي القيمة التي من أجلها قررت إدارة مهرجان (العين) إقامة تلك المسابقة الفريدة من نوعها (أفلام المقيمين)، التي يتهافت على المشاركة فيها عدد كبير من مختلف الجنسيات، ولا فارق بين جنسية وأخرى، ومواطن وآخر، سوى في قوة وجمال ورسوخ الإبداع.
ترفع دولة الإمارات العربية شعار (السعادة للجميع)، تتعدد الجنسيات والأعراق واللغات واللهجات والأديان والطوائف، بينما تتوحد المشاعر، تحت سماء هذا البلد المضياف، والكل يقع تحت مظلة القانون، لا فرق بين مقيم ومواطن إلا باحترام القانون، أضافت دولة الإمارات للدنيا قبل أعوام قلائل وزارة أطلقت عليها (السعادة)، أصبح واجب الجميع هو بث البهجة في قلوب من يحيطون بهم، لم يفرق القانون بين مقيم جاء من آخر بلاد الدنيا ليبحث عن رزقه وبين مواطن، جذوره ممتدة في تلك الأرض، العاملون في وزارة السعادة هدفهم الأسمى ليس فقط تذليل أي معوقات، لكن زرع البسمة على وجه الجميع، مواطنا أو مقيما.
هؤلاء المقيمون والذين يشكلون القسط الأكبر من السكان تنشئ لهم الدولة دور عبادة من كنائس ومعابد ومحرقة، حيث إن الديانة الهندوسية في طقوسها حرق جثث الموتى، قبل نحو 12 عاما قدم المخرج الإماراتى على مصطفى فيلمه (دار الحى) الذي عرض في مهرجان (دبى)، تناول من خلاله كيف يعيش كل هؤلاء في الوطن، فأنت أمام 100 لغة مختلفة يتحدث بها المواطنون، بينما لغة القلوب واحدة وهكذا يتواصلون جميعا بها.
مهرجان (العين)، منذ دورته الأولى، وهو ما جسده أيضا في كل دوراته اللاحقة، يحاول الخروج على ما هو متعارف عليه.
مرحبا بمسابقة (المقيمين) في مهرجان (العين) الذين كانت لهم مكانة على (العين والراس).
ويبقى أن أقول لكم إنه لأول مرة أشهد حفلا سينمائيا يقام في دار عرض مجهزة بأحدث الأجهزة والتقنيات، ومقرها هو حديقة الحيوانات، وفى الطريق تجد يافطة تشير إلى بيت الأسود، وأخرى إلى الأفيال وثالثة التماسيح، وهو ما أعتبره منتهى الخيال، قاده باقتدار وحنكة عقل رئيس المهرجان المخرج عامر سالمين.
التعليقات