مصر واليونان ترتبطان بعلاقات قوية منذ القدم تلك العلاقات التى تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ الإنسانى فهما من أقدم الحضارات فى العالم، إذ نشأت علاقات وثيقة من العصور القديمة، إذ يعود تاريخها إلى ما قبل الميلاد بنحو 300 عام، وتعود منذ نشأة الإسكندرية من قبل الإسكندر الأكبر.
وتعد العلاقات الدبلوماسية بين مصر واليونان من اقدم العلاقات كما أنه توجد فى مصر جالية يونانية كبيرة العدد، وبالمثل توجد فى اليونان جالية مصرية كبيرة كذلك.
وعلى مر الأيام نمت الجالية اليونانية بمصر واتسعت دائرة نشاطها، وبدأت تعمل لتنظيم أعمالها في مختلف الميادين الصناعية والتجارية والأدبية، وفي عام ١٨٣٣م عين السيد ميشيل توسيرا أول قنصل لليونان في مدينة الإسكندرية، ثم ما لبث أن أصبح لليونان عدد من وكلاء القناصل في داخلية البلاد.
وفي ٢٥ أبريل سنة ١٨٤٣م تم إنشاء أول جمعية للجالية اليونانية في الإسكندرية، وشكلت بعد ذلك عدة لجان للإشراف على المعاهد الدراسية والمستشفيات، ثم شيدت أول كنيسة يونانية فتحت أبوابها في ٢٥ مارس عام ١٨٥٦م، وشهد هذا العام تكوين لجنة إدارية للجالية اليونانية.
وفي نحو الثلث الأخير من القرن الماضي كانت الجالية اليونانية تخطو خطى فسيحة في طريق الازدهار، وحدث في تلك الآونة أن نشبت الحرب الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية.
فكان من جراء ذلك أن قلت صادرات أمريكا إلى الخارج من القطن، فرحل عدد من اليونانيين إلى المناطق الزراعية في داخل البلاد؛ لممارسة زراعة القطن هناك، وتكونت جاليات يونانية في المنصورة (١٨٦٠م) وبورسعيد (١٨٦٥م)، وطنطا (١٨٧٠م) وشبين الكوم (١٨٧٠م)، والمنيا (١٨٧٦م) والمحلة الكبرى (١٨٨٠م).
وقد بلغ عدد اليونانيين في مصر عام ١٨٨٢م حوالي ٣٧٠٠٠، ثم أخذ يزداد سنة بعد سنة حتى بلغ في عام ١٩٥٦م قرابة ٨٥٠٠٠.وأن التمثيل السياسي بين مصر وبين اليونان، ظل إلى عام ١٩٥٠م بدرجة وزير مفوض، ومنذ ذلك العام رفعت الدولتان تمثيلهما إلى درجة سفارة.
وساهم اليونانيون في الاقتصاد المصري، وهذه المساهمة اقتضت كثيرا من الجهود الشاقة والأعمال المتواصلة؛ لكي تصلَ إلى النتائج الطيبة التي وصلت إليها. والواقع أنه ما قام في مصر مشروع اقتصادي ذو شأن، إلا وساهم فيه اليونانيون، وقد وفقوا في ميدان الصناعات توفيقا كبيرا، بل كانوا الرواد الأوائل لصناعات حيوية في مصر.
تتمتع مصر واليونان بعلاقات سياحية طيبة إذ وصل عدد السياح اليونانيين إلى مصر إلى 44 ألف سائح، وهو نفس الرقم عام 2000 وعام 2004، وشهدت السياحة فى مصر خلال شهر سبتمبر 2005 زيادة بلغت 12.5 % عن عام 2004
وكما شهدت العلاقات ترابطا قويا بعد تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئاسة الجمهورية فى 2014، لتتوالى الزيارات الرئاسية والدبلوماسية بين البلدين
تقاربت العلاقات الاقتصادية بين البلدين من العصور القديمة إذا كانت اليونان من أقرب دول حوض البحر المتوسط إلى مصر والأكثر تفاعلا تجاريا وثقافيا، ليواصل الجانبان تحقيق المكاسب الاستثمارية والتجارية فى العصر الحديث.
وارتفعت صادرات مصر غير البترولية لليونان، خلال التسعة أشهر الأولى من العام الجارى 2020 إلى 39%، لتصل إلى 136.6 مليون يورو، فى مقابل 98.3 مليون يورو خلال نفس الفترة من عام 2016، وفقا لآخر إحصائيات وزارة التجارة والصناعة
كما ارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى اليونان بنسبة 5.4% خلال الـ9 أشهر الأولى من العام الجارى 2020، لتسجل نحو 411.57 مليون يورو، فى مقابل 390.71 مليون يورو مقارنة بنفس الفترة من عام 2016.
أما قيمة الاستثمارات اليونانية فى مصر، فبلغت نحو 155 مليون دولار فى نحو 160 مشروعا، وشملت قطاعات، الصناعة والخدمات والإنشاءات، والقطاع السياحى وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وقطاع التمويل والقطاع الزراعى، وفقا لآخر إحصائيات الهيئة العامة للاستثمار.
والعلاقات التجارية بين مصر واليونان، تنظمها اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، التى تم توقيعها فى يونيو 2001 وبدأ العمل بالشق التجارى منها اعتبارا من أول يناير 2004، ثم دخلت حيز التنفيذ فى يونيو 2004.
كما تم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان، وهدفها الرئيسى هو تحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة البحر المتوسط.
والاتفاقية تؤكد احترام القاهرة وأثينا القانون الدولى الذى يكفل لكل الدول البحث عن الثروات الطبيعية وممارسة الأنشطة الاقتصادية، ولكن بالتوافق مع الدول المتلاصقة أو المقابلة معها بحريا، خصوصا وأنه وفقًا لمعاهدة الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982 .
فإنه لا يجوز البحث عن الثروات البحرية إلا بعد التوافق حول أسلوب استغلال تلك الثروات بالإنصاف مع الدول المتلاصقة والمتقابلة كما هى حالة مصر واليونان المتلاصقتين معا فى الحدود البحرية.
التعليقات