سألت نفسي كثيرًا لماذا يجب علينا أن نحب أنفسنا ونُدللها؟
كنا في الصغر نتصور أن الحياة وردية وأن بمجرد أن ننضج ستفتح لنا الدنيا ذراعين لتلتقِفُنا وتسير بنا أشرعة الحياة على نحو يرضي مزاجنا دائمًا.
يا لسذاجة عقولنا الصغيرة!
ثم كبرنا، ورأينا كيف تنحت الحياة أخاديد في قلوبنا الصغيرة وكيف أصبح كل همنا مداواة تلك الجروح، ثم أمسى منتهى آمالنا أن تتحول تلك اللعينة إلى ندوب نتذكرها وتؤلمنا في بعض الأحيان.
كلماتي اليوم يا صديقي صيغة مبسطة تُجَمِل ترحالك في الحياة.
كلنا نتصور أننا جيدين بما يكفي وأننا نستحق كل الخير وأن يجب على الدنيا أن تدعمنا وتسقينا من خيراتها وتملأ قلوبنا بالبِشر والحبور.
وهذا حق نحن نستحق ذلك وزيادة.
ولكن!!!
أُنزِلنا إلى الدنيا لنتعلم ونتأدب؛ المعادلة تقتضي أن نتقن فكرة إننا نستحق الأفضل رغم إننا لم نصل إليه بعد، وأن نعيم الدنيا يسطع أمام ناظرينا وأحيانًا نظل غير قادرين على ملامسته، وأننا يجب أن نستمر سعداء رغم كل الكلاليب التي تحيط بقلوبنا وتجرحنا.
وكيف ذلك؟
كلمة واحد أحب نفسك أولا؛ إبدأ بك!!
لقد كنت أتصور في صغري أنه يجب علىّ أن أظل مثالية طوال الوقت، أن أراقب كل من أُحب وأظل أعتني بقلوبهم، وأن انتهج مبدأ العطاء والتغافل بلا حساب.
وقد أضرني ذلك كثيرًا، لكنه كان ضرر صحيّ تعلمت من خلاله الكثير مما أقامني بجودة؛ لا شئ يهزمك أكثر من أن تترك نفسك فريسة سهلة لأنياب الجياع.
يجب أن يأتي شخصَك في مقدمة من تحب حتى تستطيع أن تُحب ويتواصل عطائك ولا ينضب قلبك.
كل كلمات الدنيا لن تغير بداخلك شئ ما لم تقرر أنت أن تتغير من أجلِك.
أؤمن بأن الطريقة الوحيدة لتجنب التعاسة في الحياة، هو أن لا يكون لديك وقت فراغ تسأل فيه نفسك هل أنت سعيد أم لا. فاستمر في فعل ما تحب، وستجد دومًا طريقة مثالية لإيصاله إلى الكثير من الناس.
الذاكرة المزدحمة ترهق صاحبها وتكسبك أعين ضبابية لا تتلقى السعادات؛ خفف حمولتك وصِرّ أن تسترجع فقط الشق البهي من ذكرياتك.
تَعَلَم أن تحب نفسك واقدارك وأن يكون مقدار هذا الحب إستثنائي. تقبل ندوبك وغلفها بنجاحاتك الشخصية والعملية.
ﻋﻮﺩ ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﺠﺎﻫﻞ ﺍﻟﺬﻛﻲ ﻓﻠﻴﺲ ﻛﻞ
أﻣﺮ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﻭﻗﻮﻓﻚ.
كلنا ننجح بقرار ونفشل بقرار ولا أحد غيرنا يفعل هذا بنا.
كوب الشاي يعطيك المزاج الجيد والاحتياج اللطيف، أما عن القليل من التِفل في الكوب تقبله؛ هي الندوب والخيبات التي ستتخلص منها يوميًا.
أنت من يداوي ويدفع الأذى ويرشد روحك لطريق النور، لن يتسنى لأحد أن يريك الدنيا من خلال عينيك أنت. تلك الأعين يجب أن تدفعك لتذوق الجمال وتُعَلِقك به وإلا تبَرع بهما لغيرك!
كلنا معيوبين لكننا مستورين بفضل الله، فاجعل ما يظهر منك قوتك ورشَادك، فيخشى صِغار القلوب من الاقتراب.
عندما تدخل المتاحف الكبرى ترى لافتة مكتوب عليها ممنوع الاقتراب أو التصوير!
علقت تلك اللافتة لتجنب المخربين وضَحد الأغبياء.
ضع هذا دستورًا لك، من يقترب فقط هم الفئة الخضراء التي ستُكمِل معها الطريق.
أنت بذلك تحفظ نفسك من استنزاف الروح على أشخاص يمتصون طاقتك الروحية لأهداف تخصهم وحدهم.
ولو آمنا سويًا بحق أنك خُلقت وفي يدك الاختيار فلا تلومن إلا نفسك إذا نظرت يومًا للمرآة ولم ترى وجهك.
ملامح روحنا تظل حبيسة بداخلنا، واهتمامنا بكل التفاصيل الصغيرة التي تجعلنا أفضل كل يوم، هو ما يجعل تلك التفاصيل اللطيفة تظهر على وجوهنا وتزدان بها قلوبنا ومن ثَم يراها الجميع ونكتسب بها العزم الجاد لمواصلة الحياة المبهجة.
كلنا عُلِّمنا أن الدار التي سنسكنها بعد وفاتنا هي تلك التي اجتهدنا في بنائها ونحن أحياء، ولكن لم يعلمنا أحد كيف نتجول في دنيانا لبناء جنتنا الخاصة على الأرض.
كل ما يرفعك، أفعله الآن! كن على استعداد دائم للموت وقبله للحياة.
أفضل علاج لجسدك أن تُبقي عقلك هادئًا، وقلبك مضيئًا وروحك متوكلة، كذلك تكتسب الرضا وتفيض دنياك بالجمال.
لن تنال إلا ما كُتب لك وكلنا يُكتب لنا فقط بعض الأعين يصيبها العمى المؤقت وأحيانًا المستديم.
أنت قَدَرَك السائِغ الطَيِّب المُسْتَطَاب.
يقول بشر الفزاري شاعر جاهلي قديم: "ولا خير في حُسن الجسوم وطولها إذا لم يَزِنْ حُسن الجسومِ عقولُ وكم قد رأينا من فروعٍ كثيرة تموت إذا لم تحْيِهِنَّ أصول".
كن لنفسك الأصل المُوسِر الثابت الذي لا يتغير، وكن لقلبك المَخْدع الهانئ المريح، تكن لمن تحب اليُمن الذي لا ينضب والرَخَاء الأَبَدِيّ.
التعليقات