منذ منتصف التسعينيات، أدركت مصر، ضرورة أن ينطلق من القاهرة مهرجان عربى للإذاعة والتليفزيون، لاختيار أفضل الأعمال وفى مختلف المجلات. شاركت فى العديد من لجان التحكيم منذ الدورة الأولى، حيث كان المهرجان فى البداية يقام داخل (ماسبيرو) وبعد عامين انتقل إلى مدينة الإنتاج الإعلامى التى تملك إمكانيات أكبر فى استيعاب هذا العدد الضخم من الوفود العربية، سواء من الضيوف والمكرمين وأعضاء لجان التحكيم.
غاب المهرجان عام 2010، وظهرت بين الحين والآخر مهرجانات تحمل الصفة العربية، وفى أكثر من بلد، ولهذا كان ينبغى أن يرى النور بقرار استراتيجى من (الشركة المتحدة) بعودة منصة الانطلاق للقاهرة.
هذه الدورة والتى أطلق عليها الفنان يحيى الفخرانى العدد (الزيرو)، وهى بلغة الصحافة والسينما، النسخة التى يتم بعد ذلك تصحيحها، الفترة الزمنية بين قرار إقامة المهرجان والحفل لا تكفى إلا لتوزيع الجوائز، ولهذا كان ينبغى أن يرجئ الفخرانى طموحه المشروع لإقامة مهرجان عربى ضخم للعام القادم.
اختيار تكليف نقابة المهن التمثيلية بالإشراف على المهرجان صادف أهله، أشرف زكى هو أكثر النقباء نشاطا، وفى كل المجالات، نجح فى تحقيق تلك المعادلة الصعبة، أصبح صوت الفنانين عند الدولة، وفى نفس الوقت صوت الدولة للفنانين، عندما تناقش قضية سينمائية قد تنسى الدولة دعوة غرفة صناعة السينما أو نقابة السينمائيين، إلا أنها لا تنسى أبدا نقابة الممثلين، السبب الحقيقى أننا لا نجد حضورا مؤثرا للغرفة أو نقابة السينمائيين فى الشأن العام أو حتى السينمائى.
سعدت مثل الجميع بالتكريمات المتعددة للمنسيين وأيضا لمن هم بعيدا عن الضوء وأيضا بالتكريم لأبرز نجوم التمثيل فى مصر، وهكذا تصدر القائمة أسماء مثل سميحة أيوب ونادية الجندى ونبيلة عبيد ويسرا وصفية وليلى وإلهام، واستوقفنى أن يصعد معهم محسن محيى الدين، كنغمة نشاز، ولا يفسر ذلك على أى نحو أنه تقليل من حجم إنجاز محسن، وله فى قلبى مساحة خاصة- تزاملنا أربع سنوات بمعهد السينما- عطاؤه المؤثر تجده تحت مظلة يوسف شاهين، ورصيد قليل جدا للتليفزيون.
دعوة الفنانين الذين يعانون من الغياب لفتة رائعة، حتى شكوى قيس عبدالفتاح كان لابد أن تخرج على الهواء، تحدث فى كل بلاد الدنيا، ولا بأس من إعلانها.
كما أن من يقفون خلف الكاميرا مثل المخرج المنفذ وحيد محب أو أسطوات الإضاءة والديكور استحقوا هذا الفيض من الدفء.
الجوائز ذهبت لمن يستحقها، وعن جدارة، وكان صاحب النصيب الأكبر (جزيرة غمام) ثم (بطلوع الروح)، إلا أن تصنيف (راجعين يا هوى) كمسلسل كوميدى، لم ارتح إليه، هذا العام تميز بعدد ضخم من الأعمال الكوميدية، وكان أحقها (الكبير قوى)، تصنيفه (فارس) ليس سُبة، كوميديا (الفارس) قالب درامى، به الجيد والردىء، نجح (الكبير قوى) أن يجمع المصريين والعرب ساعة الإفطار وفى نفس التوقيت، وهذا يكفيه، تفوق عدد كبير من الممثلين، على رأسهم أحمد مكى، كما أن المخرج أحمد الجندى قدم تفاصيل فى قيادة الممثلين والإضاءة والتصوير والمونتاج والموسيقى والديكور، تجاهل (الكبير قوى) يوحى بأن عددا من أعضاء لجنة التحكيم يناصبون الضحك الصافى العداء!!.
أنتظر من الآن أن أرى بداية التحضير لمهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون، وواثق أن يحيى الفخرانى، بمرونته وثقافته ومصداقيته، قادر على أن يحلق بالدورة القادمة إلى السماء!!.
التعليقات