يظهر البعد الشعبي والثقافي لحضور الثقافة المغربية في أسماء أولياء الله الصالحين، وأحياء وشوارع القاهرة والإسكندرية ومدن مصرية أخرى.
ومازال الأزهر الشريف يحتفظ بباب لمغاربة ضمن أبوابه وهو مايعرف بـ”رواق المغاربة” وتحمل إحدى حواضر الأحياء العريقة في القاهرة، وهو حي “باب الشعرية”، اسم “حارة المغاربة”؛ كما تحتفظ سجلات الأرشيف المصري بأسماء تجار مغاربة تولوا منصب شهبندر تجار القاهرة، أعلى منصب تجاري مصري في فترة ما قبل تأسيس مصر الحديثة.
وإسهام مصر فى مرحلة كفاح المغرب من أجل الاستقلال والدور المهم لإذاعة “صوت العرب”، ومكتب تحرير المغرب العربى، الذى لعب دورا مهما فى هذه المرحلة التاريخية من تاريخ المغرب الحديث.
كما شارك الملك محمد الخامس فى وضع حجر أساس السد العالى؛ مع الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وكان لتأييد الزعيم جمال عبد الناصر أثر فعال فى استقلال المغرب، وعودة الملك محمد الخامس إلى وطنه فى مارس عام 1956.
وقد بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر والمغرب رسميا في عام 1957، وخلال أكثر من 60 عاما، شهدت العلاقات السياسية بين البلدين، قدرا مهما من التفاهم والتنسيق المستمر في ملفات العمل الوطني والاقليمي والدولي المشترك
وتعاون البلدان في تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي (التي تحول اسمها لاحقا إلى منظمة التعاون الإسلامي) في الرباط عام 1969، بعد حريق المسجد الأقصى، كما شارك الجنود المغاربة فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973 على الجبهتين المصرية والسورية.
أن المملكة المغربية أبدت موقفا إيجابيا في دعم خيارات الشعب المصري في ثورة 30 يونيو 2013، ودعم جهود مصر في التحول الديمقراطي ومكافحة الإرهاب والتطرف، وتحقيق التنمية الاقتصادية.
إن العلاقات السياسية بين مصر والمغرب فى الفترة الحالية، تنشط استنادًا لإطارين مهمين لتنظيم أسس آليات العلاقات بين البلدين، أولهما “اتفاق إنشاء لجنة عليا مشتركة بين الدولتين”، الذى تم التوقيع عليه فى القاهرة يوم 28 مايو 1988، وتم عام 1997 رفع رئاسة هذه اللجنة لتصبح على مستوى قيادتي البلدين بدلًا من رئيسي الوزراء ، والإطار الثانى، هو”آلية التنسيق السياسي والحوار الإستراتيجي”، والذى تم التوقيع عليه يوم 5 يناير 2011.
إن التفاعل الثقافى بين الشعبين فى مصر والمغرب يعود إلى عصور بعيدة، والثقافة المصرية جزء أصيل من التكوين الروحى المغربى، كما أن الإرث المغربى الروحى ماثل فى مصر من التصوف، إلى العمارة، إلى الموسيقى، والأزهر باعتباره منارة العالم الإسلامى، فإن تشييده وعمارته جاءت متأثرة بمسجد القرويين فى فاس عاصمة المغرب العلمية .
وقد تجلت الصلات الروحية بين مصـر والمغرب في ارتحال علماء المغرب وطلابه إلى الديار المصرية لتلقي العلم ولقاء العلماء أو للتدريس في معاهدها.
كما أن الشيخ محمد بن الحسين ابن العطار الذي تولى مشيخة الأزهر الشريف عام 1246هـ، كان من أهل المغرب واتصل بعلماء الحملة الفرنسية فتعلم لغتهم وأتقنها، وقبل توليه مشيخة الأزهر أسندت إليه جريدة «الوقائع المصرية» فرأس تحريرها ودعا إلى إدخال العلوم الحديثة وبعث التراث العربي، ومنه تلقى العالم المصلح رفاعة الطهطاوي.
وحينما اعتلى عرش المملكة السلطان مولاي الحسن الأول عام 1290هـ/1859 م أوفد عددا من البعوث الطلابية إلى مصر للدراسة في معاهدها العلمية الجديدة.
وكان من نوابغ هؤلاء الطلاب السيد عبد السلام بن محمد العلمي، خريج مدرسة الطب في القاهرة، وهي أول مدرسة عصرية من نوعها.
و فتحت مصر معاهدها وجامعاتها لطلاب المغرب الذين بدأوا يتقاطرون عليها في الثلاثينيات، من القرن العشرين وخصصت الحكومة المصرية لكثير من هؤلاء الطلاب منحا دراسية، ولا تزال مصر إلى اليوم قبلة المثقفين والفنانين المغاربة الذين أثروا بمواهبهم الآداب والفنون فى مصر والعالم العربى.
كما شكلت روايات نجيب محفوظ وطه حسين ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم وإحسان عبدالقدوس وغيرهم، وجدان القارئ والمثقف والمفكر المغربى، كذلك أصوات أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ تصدح فى مختلف الأسواق الشعبية المغربية.
ومن أبرز المفكرين والأدباء المغاربة الذين أثروا الفكر العربى، مثل المفكر الكبير الدكتور محمد عابد الجابرى، وكتابه الأشهر ” نقد العقل العربى”، ومحمد عزيز لحبابى، وسالم يفوت، وغيرهم ، ومن الأدباء المغاربة: محمد شكرى، والطاهر بن جلون، ومحمد الأشعرى، ومحمد زفزاف، وبنسالم حميش، وليلى أبوزيد وغيرهم.
المغرب التي فتحها المسلمون المغرب عام 683 ميلادية على يد عقبة بن نافع، وفى عام 788 أسست أول دولة إسلامية بالمغرب وهى دولة الأدارسة، وتعاقب على حكم المغرب العديد من الأسر الحاكمة التي سميت باسمهم الدولة.
وفي عام 1660 تم تأسيس الدولة العلوية، وفي عام 1664 بدء عهد مولاي رشيد بن على الشريف حيث قام بتوحيد المغرب وتأسيس سلطة مركزية قوية.
وقد واجهت العلويين أزمات متعددة داخلية وأخرى خارجية من أبرزها فرض الحماية الفرنسية على المغرب سنة (1912م) ، ثم توقيع معاهدة الحماية التي قسمت المغرب إلى مناطق نفوذ فرنسية وأسبانية ودولية عام 1912 في عهد مولاي عبد الحفيظ .
وشهد عهد مولاي يوسف بدء المقاومة المغربية للاستعمار الفرنسي والأسباني في الاعوام التالية، وتزعم حركة المقاومة كل من عبد الكريم الخطابي وموحا حمو الزيانى في منطقة الريف والاطلس شمال المغرب.
ثم تولى الملك محمد الخامس عرش المغرب عام 1927، وفى عهده خاض المغرب معركة الاستقلال، ونفى إلى مدغشقر عام 1952، وعاد إلى المغرب عام 1955، حيث اعترفت الحكومة الفرنسية باستقلال المملكة فى تصريح مشترك بين محمد الخامس والحكومة الفرنسية فى 2 مارس 1956.
وانضم المغرب إلى منظمة الأمم المتحدة فى 22 أبريل 1956، كما انضم إلى جامعة الدول العربية عام 1958؛وتولى الملك محمد السادس الملك في 3 يوليو عام 1999، بعد وفاة والده الملك الحسن الثاني.
التعليقات