عندما تتعرض المرأة للاضطهاد تصرخ أم تثأر؟، هذا هو السؤال الذى تناوله زيد أبو حمدان كاتب ومخرج ومنتج الفيلم الأردنى (بنات عبد الرحمن).
شاهدت الفيلم مرتين الأولى (القاهرة) والثانية (البحر الأحمر)، وفى المرتين تجاوب الجمهور مع البطلات، رغم أنه يدين الرجل، ولا ينسى أن يناله العقاب الجسدى قبل النفسى على يد النساء.
من أهم المعايير العالمية لتقييم مدى تقدم المجتمعات، يصعد للمقدمة حضور المرأة فى كل المجالات، ولهذا نجد أن الحكومات- وخاصة من نصفهم بالعالم الثالث- تتباهى بعدد ما لديها من نساء، وعلى مختلف الأصعدة والمواقع سياسيا واجتماعيا وثقافيا.
الحضور النسائى فى المهرجانات السينمائية، صار يُشكل أيضا جزءا من أوراق التقييم النهائى للمهرجان، المخرج الأردنى، يقدم فيلما ينحاز للمرأة، عن أربع أخوات كل منهن لها خصوصية وملامح شكلية ونفسية مختلفة، مما يتيح له تعدد تفاصيل السرد، بالتقاط مواقف قد تتناقض شكليا مع السلوك الحميد، الذى تعارف عليه المجتمع الأردنى أو العربى فى دائرته الأوسع، حيث تتقاطع هذه الدوائر مجتمعة وبنسبة كبيرة، تختلف ربما فى هامش ضئيل، للمجتمع عادة معيار وحيد للصواب، الإطار الشكلى الذى صرنا جميعا مع اختلاف الدرجة أسرى له.
الوالد (أبو البنات)، طاعن فى العمر، أصيب بخرف الشيخوخة، يختفى فى ظروف غامضة، عندما يرى ابنته التى تعمل فى حياكة الملابس، ترتدى ثوب الزفاف، ولم يكن ثوبها، كانت تعبر عن حلم مستحيل، تلتقى بناته الأربعة، ليبدأن رحلة البحث عن الأب، وما يمثله لهن من حماية، حتى وهو يعيش تحت سطوة المرض، ونقترب أكثر كمشاهدين للسيدات الأربعة وما تعبر عنه كل منهن من توجه يختلف عن الأخرى، صبا مبارك وحنان الحلو وفرح بسيسو ومريم الباشا، القصص تتشابك وتتقاطع دوائرها، الفيلم يقدم كل التنويعات النسائية وفى نفس الوقت لا ينسى أبدا أن المرأة تساوى العدل، والرجل يساوى الظلم.
الجوانب الإيجابية للمرأة تعتمد فى تقديمها على قانون الأضداد، الأبيض يزداد نصوعا بجوار الأسود، الرجال أغلبهم منافقون كاذبون لا يتحملون المسؤولية، يبحثون فقط عن السلطة وعن فرض الأمر الواقع، والنساء على الجانب الآخر، إلا أن الغلبة دائما للمرأة، حتى بمقياس القوة الجسدية، المرأة تستطيع الانتصار عليه.
الرجل المهمش الضئيل لا يستطيع أن يدافع حتى عن نفسه، يعلو صوته فى البداية، وعندما يعلو صوت المرأة أكثر، يلوذ بالصمت، القضايا مثل العيش مع رجل بدون زواج واحدة قطعا من المحددات الشائكة، النقاب الذى احتل مساحة فى الشارع العربى، بينما يكشف تلك الازدواجية المقيتة والتى تحولت من فعل مستهجن إلى حالة يتوافق عليها المجتمع كله، على الشاشة الرجال دائما ظالمون مؤكد، ولكن ألا توجد امرأة طوال الأحداث ظالمة.
الفيلم لا يكشف فقط سلوكا دراميا، بل يؤكد أن المشاهد بات جزءا من تلك الحكاية، المخرج لجأ إلى استخدام (المونولوج) الطويل، تحكى كل بطلة جزءا من حكايتها، ويعلو صوتها، وفى نفس الوقت يعلو صوت التصفيق فى الصالة، المخرج على موجة الجمهور هذه حقيقة، إلا أنه كان من الممكن أن يلجأ لنبرة أقل صخبا وأكثر عمقا، من خلال سرد سينمائى يتكئ على الإيحاء الجميل، وهذا هو تحديدا ما افتقدته فى الشريط السينمائى!!.
التعليقات