العدد السادس من "موسوعة تريندز" يكشف أسرار تمدد وانحسار الإخوان في مصر

أصدر «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» الكتاب السادس ضمن "موسوعة تريندز حول جماعة الإخوان المسلمين"، ويحمل عنوان: "جماعة الإخوان المسلمين ما بين التمدد والانحسار: الحالة المصرية".

ويستعرض الكتاب أهم المتغيرات التي أسهمت في تمدد جماعة الإخوان المسلمين وانتشارها ومن ثم انحسارها، ويضع إطاراً تأصيلياً لماهية التمدد والانتشار، كما يتعقب تطورات الجماعة خلال المراحل الزمنية المختلفة، وذلك عبر تسعة فصول متنوعة وثرية.

ويوضح الإصدار أن جماعة الإخوان المسلمين عرفت منحنى تصاعدياً سـريعاً في التوسع والتمدد خلال سنوات قليلة بعد تأسيسها عام 1928، فبعد فترة وجيزة من انتقالها إلى القاهرة عام 1932، أصبح لديها أكثر من 100 فرع عام 1936 ليصل العدد إلى 400 فرع في نهاية الثلاثينيات، وتضاعفت وتيرة التوسع والنفوذ خلال الأربعينيات ليصل عدد الفروع إلى 2000 فرع عام 1949 وقُدّر عدد المنتمين إلى الجماعة ما بين 300 ألف و600 ألف عضو.

ويستعرض الكتاب عوامل عدة ساعدت الجماعة على تمددها داخل المجتمع المصـري بفئاته ومكوناته المختلفة منها: استغلال الفرص السـياسـية التي أتاحتها الأنظمة السـياسـية المتعاقبة على حكم مصـر، وابتداعها نظاماً إدارياً محكماً يتميز بمركزية القرار ويقوم على الولاء والسـرية، ويربط ما بين الأيديولوجيا والممارسة.

ويذكر الإصدار أن جماعة الإخوان تبنّت هندسة اجتماعية عملت من خلالها على اكتساب عقول الفئات الشعبية وقلوبها ما ساعد على حشدها وتجنيدها لأهداف الجماعة، مستخدمة في ذلك وسائل عدة من أهمها: الدعوة، والتربية والتعليم، والإعلام، والخدمات الاجتماعية، والمؤسسات الاقتصادية، وحتى العنف.

ويؤكد الكتاب أن الجماعة استطاعت توظيف الجمعيات الأهلية لخدمة أهدافها السـياسـية، واستقطاب عناصـر جديدة من ناحية، وتحقيق الحشد الجماهيري والتعبئة في عملية الانتخابات التي خاضتها الجماعة سواء على مستوى الانتخابات المحلية أو البرلمانية أو الرئاسـية من ناحية أخرى.

ويشير إلى أن الجماعة تبنّت سـياسة الوجود بالقرب من الناس في الأحياء السكنية ومراكز العمل والأسواق، لترسـيخ علاقات التضامن والتكافل، وملء الفراغ الذي تركته الدولة، وذلك بتأسـيس شبكة من الجمعيات الخيرية في مجالات التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية.

 ونوه الكتاب بأن نشاطات جماعة الإخوان تصاعدت خلال عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات في المجالين السـياسـي والاقتصادي، في وقت باشـرت فيه العمل على بناء شبكة واسعة من المؤسسات الاجتماعية الخيرية، بما في ذلك المدارس والمشـروعات الخدمية والخيرية والمستشفيات والمستوصفات.

ويبين أن نشاط الإخوان خلال حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك تميز بالتحرك ضِـمن قواعد محدّدة، وعلى الرغم من أنهم كانوا جماعة محظورة، فإنهم تمكنوا من السـيطرة على قطاعات واسعة في المجتمع، ما جعل منهم القوة الأولى والمنافس الأقـوى للحزب الوطني الديمقراطي، وتمكنوا من اكتساب شـرعية الإنجاز الخدمي والتأثير في الشارع المصـري. 

ويذكر الكتاب أن ثمة ملاحظات سلبية عديدة ظهرت خلال حكم الإخوان المسلمين لمصـر، من بينها الفئوية وغياب المشـروعات التنموية، إذ لم تسعفهم تجربة الأعمال الخيرية والتطوعية التي قدمتها الجماعة لقطاعات شعبية واسعة، في تحسـين الأداء الحكومي، والقيام بعملية ترشـيد وطنية للموارد البشـرية والمادية، وذلك عندما تولى حزبهم "الحرية والعدالة" السلطة الكاملة، كما اتهمهم المعارضون بالسعي إلى أخونة الدولة والمجتمع، وإبداء الحرص على تمسكهم بأغلب مناصب الدولة الحساسة.

وتصاعدت المعارضة الشعبية في مصر ضد حكم الإخوان المسلمين، لافتقارهم إلى الرؤية والخبرة في حكم البلاد، وعجزهم عن تفهم الحاجة إلى الحرية للشعب والتنوع في المجتمع، لتشهد البلاد في 20 يونيو 2013 - الذكرى الأولى لليوم الذي تولى فيه محمد مرسـي منصبه - احتجاجات واسعة النطاق انتهت بتدخل الجيش وعزل الرئيس الإخواني من مهامه، بحسب الكتاب.

ويشير الإصدار إلى أنه عقب سقوط الجماعة في 30 يونيو 2013، اتّجهت إلى ما يسمى "فقه الاستضعاف"؛ وهي مرحلة يتحوّل فيها التنظيم من "الخلايا الهيكلية" إلى "الخلايا العنقودية"، سعياً إلى تفكيك الجبهة الداخلية للدولة المصـرية، وزعزعة استقرارها، عبر ثلاثة مسارات: "الجهاد المسلح، والجهاد السـياسـي، والجهاد الإعلامي".

وخلص الكتاب إلى أن جماعة الإخوان منذ إسقاط حكمها في مصـر عام 2013 تعيش على وقع أحداث متلاحقة تشـير في مجملها إلى أنها تسـير في مسار التراجع والانحسار، وما يزيد من حالة التراجع والانحسار التغيرات الإقليمية التي شهدتها المنطقة من حيث بوادر التقارب المصـري - التركي وما ترتب عليه من فقدان الجماعة ملاذاً آمناً كانت تعمل من خلاله، وكذلك الصـراعات والانقسامات التي ضـربت الجماعة سواء بين جيل الشباب والحرس القديم، واتساع الرفض في أوساط الشباب لتعيين إبراهيم منير على رأس قيادتها، أو بين القيادات التاريخية ذاتها بعدما تبين تراجع دور تيار محمود حسـين، في عملية صنع القرار، مقابل تنامي قوة إبراهيم منير.

ويؤكد الإصدار أن جماعة الإخوان لن تكون قادرة على العودة من جديد على الأقل في المدى القريب، وربما تدخل في هذه المرحلة، مرحلة من الكمون تحاول خلالها الحفاظ على ما تبقى لها من مقدرات في انتظار فرصة حقيقية للعودة مرة أخرى، لكن في حال فشلت الجماعة في الدخول في هذا الأمر ونجحت الدولة المصـرية في المقابل بمطاردتها، واستمرت في الوقت نفسه سـياسات التضـييق عليها في الخارج، وفقدان فروعها الخارجية للوجود على الساحة، فإن الجماعة قد تدخل مرحلة تشهد خلالها مزيداً من التراجع والانحسار الذي قد يحولها إلى كيان فاقد للتأثير.

التعليقات