أتذكر قبل أكثر من 30 عامًا أن أحد البرامج بالتليفزيون المصرى استضاف المايسترو صالح سليم، أشهر لاعب كرة قدم فى تاريخنا، قالت له المذيعة (كابتن) صالح، أجابها قائلًا: لا أحب لقب (كابتن)، وأوضح قائلًا: صغرت قوى الكلمة دى، أى حد معدِّى فى الشارع يقولوا له (تعالى يا كابتن.. روح يا كابتن).
ورغم ذلك لا نزال نستخدمها فى الشارع، وأضيف لها فى لغة الخطاب اليومى مفردات أخرى مثل نجم أو فنان أو عالمى. من الممكن أن تطلقها على أى عابر فى الطريق (تعالى يا عالمى.. روح يا عالمى).
فى السنوات الأخيرة صار الفنان محمد كريم ينعته عدد من الأقلام الصحفية بـ(العالمى)، وهو يشعل هذا الإحساس فى (الميديا)، يحرص بين الحين والآخر على نشر صور له مع عدد من كبار النجوم العالميين، مثل نيكولاس كيدج وبروس ويلز وغيرهما.
هناك بالفعل أفلام عالمية يشارك فيها، فهو يسير على خطى خالد النبوى الذى كان فى سنوات سابقة يشارك بأدوار صغيرة فى أفلام أمريكية ويحرص على أن تنعته أيضًا الصحافة المصرية بالعالمى.
ماذا تكون العالمية؟ أن تشارك فى فيلم أمريكى، ليس له علاقة بمفهوم العالمية، فعلها قبل 15 عامًا النجم السورى غسان مسعود وأدى دور صلاح الدين الأيوبى فى فيلم (مملكة السماء) للمخرج ريدلى سكوت، مساحة درامية كبيرة، وكان يشارك فى نفس الفيلم خالد النبوى، بمساحة محدودة،حيث كانت الحصيلة لا تتجاوز خمسة مشاهد نصفها صامت، ووصفته الصحافة المصرية بالعالمى، بينما غسان لم يطلق على نفسه عالميًّا، ولم تفعلها أيضًا وقتها الصحافة السورية.
نكرر السؤال: ماذا تكون العالمية؟ ليست قطعًا أن تشارك فى فيلم من إنتاج (هوليوود) ولا يكفى أن تقف أمام نجوم من العيار الثقيل، ولكن أن يصبح اسمك فى التوزيع الدولى يعنى قيمة شرائية، من وصفوا أنفسهم بالعالمية ليس لديهم شباك تذاكر فى وطنهم، حتى نتحدث عن تسويق خارج الحدود بأسمائهم.
كثيرًا ما يتم تسويق عدد من الأكاذيب، ونصدق لأننا نحب أن نصدق، الانتصارات الزائفة تتحدى فى داخل البعض منا إحساس القهر، فهو يرددها لأنه يتمناها لنفسه أولًا قبل النجم.
لا يمكن لفنان غير متحقق فى بلده وليس لديه شباك تذاكر أن يدعى العالمية، البعض هو الذى يروج لتلك الأكاذيب، ويوجه من خلالها رسائل لشركات الإنتاج فى الوطن (كم أنا مطلوب وكم أنا عالمى!).
لا يوجد فى تاريخنا السينمائى سوى نجم عالمى واحد عمر الشريف، والذى بدأ نجمًا فى السينما المصرية (صراع فى الوادى) قبل أن تتخطفه السينما العالمية فى (لورانس العرب)، وحتى لو لم يعد فى الثلاثين عامًا الأخيرة من عمره يحظى بنفس المساحة إلا أنه لم يفقد أبدًا حقه فى العالمية، والتى كان يسخر منها قائلًا: (ح استفيد إيه وأنا فى القاهرة لما متفرج فى طوكيو أو شنغهاى يعرف عمر الشريف!).
فى السنوات الأخيرة صار لدينا أكثر من نجم من الممكن أن يحقق العالمية مثل رامى مالك ورامى يوسف، نضيف أيضًا مينا مسعود. الثلاثة لهم جذور مصرية يعتزون بها، ولهذا نتباهى بهم.
العالمية أبدًا ليست لقطة صحفية أو مشاهد أمام نجم عالمى، شىء آخر لا يزال بعيدًا جدًّا جدًّا جدًّا يا (عالمى)!.
التعليقات