قبل نحو 60 عامًا قدم المخرج عباس كامل، المظلوم فى تاريخنا السينمائى، فيلم (هـ 3)، بطولة رشدى أباظة وسعاد حسنى، عن رجل تجاوز الثمانين يتمرد على الزمن ويقرر العودة للشباب عن طريق دواء تم اختراعه اسمه (هـ 3)، ويكتشف العجوز أن إعادة الشباب لعنة تصيب الإنسان، وأن عليه مصالحة الزمن، ويعود فى نهاية الأحداث رجلًا عجوزًا، الفيلم حقق فشلًا ذريعًا فى دور العرض، لأنه لم يدرك أن أغلب الجمهور حتى الشباب منهم يحلمون عندما يكبرون بهذا الدواء السحرى.
حلم (هـ 3) لم يغادر أحلام البشر، وكثيرًا ما نقرأ عن أقراص تؤخر الشيخوخة وتعيد الشباب المأسوف عليه، رغم أن أم كلثوم قالتها (وعايزنا نرجع زى زمان/ قول للزمان إرجع يا زمان).
اللعب مع السنوات صار واحدًا من الثوابت على (السوشيال ميديا)، كثيرًا ما نتابع صورًا للفنانين، خاصة النجمات، والمطلوب منا أن نتحسر على الزمن القاسى، الذى لم يرحم وجوههم النضرة، أقصد التى كانت كذلك، تتابع صور عدد كبير من الفنانين، راحلين وعلى قيد الحياة، كلها تحت عنوان كبير (وعملت إيه فينا السنين؟)، صورة لسمية الألفى الآن وصورة لها قبل أربعين عامًا فى (ليالى الحلمية)، صورة حديثة لشيرين سيف النصر- لا أدرى كيف التقطوها- وصورة لها من فيلم (النوم فى العسل).
عندما حدث تصدع فى عمارة بالزمالك تقطن بها الفنانة الكبيرة نجاة، التقطوا صورة لسيدة تجلس على كرسى أمام العمارة، وقالوا إنها نجاة وتابعوها بصورة أخرى لنجاة وهى تغنى (لا تكذبى)، نجاة أنكرت تمامًا صلتها بالصورة الأولى، سعاد حسنى كثيرًا ما كانت هدفًا لهذه الصور، هى أيضًا ابتعدت عن مصر وذهبت إلى لندن لكى تتخفى بعيدًا عن عيون الناس، التى كانت تلاحقها بعد أن زاد وزنها، سعاد عندما قررت العودة لمصر اختارت قصة فيلم اسمه (البلياتشو) حتى تظل تحتمى بالمكياج الصارخ فلا يعرفها أحد.
(الأنسر ماشين)- قبل مغادرتها مصر نهاية التسعينيات- توقف عند مرحلة فيلم (خاللى بالك من زوزو)، وكل من يتصل بها يستمع إلى صوتها (زوزو النوزو كونوزو).
وبعيدًا عن تحديد سبب الوفاة هل انتحرت بإرادتها، وهو ما أميل إليه، أو أن هناك من ألقى بها من الشرفة فى لندن؟ بعيدًا عن هذا الجدل، فإن سعاد لم تصالح جسدها ولا ملامحها، على عكس نادية لطفى التى لم تكن تعنيها بصمات الزمن، وعدد الصور التى نُشرت لها على مدى السنوات الخمس الأخيرة، فترة بقائها فى مستشفى المعادى العسكرى، يربو على كل من نُشر لها طوال رحلتها الفنية، نادية ظلت تتباهى بنادية فى كل مراحل عمرها.
على الجانب الآخر، تجد صورة حديثة لعمرو دياب 2021 تكتشف أنه صار أكثر شبابًا عن عمرو 1980، وهو ما ينطبق أيضًا على لطيفة أو سميرة سعيد، مع الفارق أن عمرو يحتفظ بشبابه بدون أى إضافات خارجية من حقن أو عمليات جراحية.
الزمن صراع حتمى يعيشه الإنسان، هناك ثمن وفاتورة نسددها، البعض منا يتهرب من دفع الحساب، فيكتشف أن عليه أيضًا تسديد غرامة التأخير.
بصمة الزمن لن تُمحى بباروكة أو صباغة شعر، أو حقن بوتوكس، نحن نكبر أولًا فى داخلنا، والتجاعيد تسكن القلب قبل الوجه، وتلك هى المشكلة التى يعجز عنها (هـ 3)، و(هـ 3 ملايين)!!.
التعليقات