التسول ظاهرة تزايدت فى الآونة الأخيرة، بشكل ملحوظ وأصبحت تمثل صورة سلبية للمجتمع، وتبرز ظاهرة مهنة التسول بصفة عامة.
والتسول من الظواهر المنبوذة في المجتمع، رغم رواجها وانتشارها حيث يتوزع هؤلاء المتسولون في الشوارع العامة والأزقة، وأمام المحال التجارية، وفي الأماكن التي يزدحم فيها الناس.
ويؤثر التفكك الأسري بشكل كبير، في انتشار التسول بين الأطفال، إذ إن المعاملة السيئة التي يتعرض لها الطفل ،في المنزل من قبل الأبوين، وعدم تلبية احتياجاته الأساسية تؤدي به إلى ممارسة التسول، لكسب النقود وتلبية احتياجاته.
وتؤدي ممارسة التسول، إلى انتشار سلوكيات غير أخلاقية، بين أفراد المجتمع ،وتتنافى مع الدين مما يشكل خطراً على المجتمع.
ومن الأساليب الحديثة التى اتخذها بعض المتسولين نهجا فى الفترة الأخيرة ،التستر وراء بيع المناديل الورقية، أو الحلوى أو آيات القرآن الكريم بكل آسف.ومطاردة الناس بهذة البضاعة بالحاح شديد سواء فى وسائل المواصلات العامة أو المارة على الأرصفة وفى الشوارع.
أصبح التسول مهنة، يتفنن ويبدع المتسولون لها من السبل، والأساليب والأدوات بما يمكنهم من ابتزاز أموال الناس، تحت شعارات الإنسانية والرحمة .
وأن ما يجمعه المتسول، المحترف من مال يعتبر سحتاً، فهو يفضل التسول عن العمل كما يفضل أن يعيش عالة على الناس، ولا يفضل الكد والتعب فهو يؤثر الراحة ،ودنو الهمة عن الضرب فى الأرض ابتغاء الرزق الحلال الطيب.
ويزداد اعداد المتسولين، فى المناطق التى تقل فيها الرقابة الشرطية، ايضا تزداد نسبة التسول فى الاحياء الغنية ،حيث ارتفاع المستوى الاقتصادى فى هذه الأحيانء.
ولقد حذرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم منه عندما دخل المسجد، فوجد شابا يتعبد ويكثر من الصلوات، ويطيل فى السجود فلما فرغ من الصلاة سأله الرسول عليه الصلاة والسلام: (من يعولك فقال له الشاب أخى : قال : أذهب فأخوك أعبد منك ) فهذا دليل صريح على أن العمل طاعة وعبادة.
ولقد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب منه الصدقة فوجده قوى قادر على العمل، فرفض إعطائه وقال له: ما عندك ؟ قال الرجل : حِلس وقعب فباعهما الرسول بدرهمين وقال للرجل: اشترى بهذا الدرهم طعاماً لأهلك واشترى بالآخر قدوماً واذهب فاحتطب ولا ترينى وجهك خمسة عشر يوماً فذهب الرجل واحتطب وجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقد ادخر عشرة دراهم فقال له الرسول: هذا خير من أن تأتى المسألة نكتة فى وجهك يوم القيامة) رواه البخاري.
أن أولى مراحل مواجهة هذه الظاهرة، أن يكف الناس عن إعطاء المال للمتسولين، ولا ينخدعوا بما يسمعونه، أو يرونه منهم بأى حال لأنهم محترفون، ونصابون وكونوا ثروات هائلة.
والتسول يعد فى حد ذاته وسيلة غير مشروعة، للتعيش فضلا عن أنه جريمة يعاقب عليها القانون، طبقا للمادة الأولى من القانون رقم 49 لسنة 1933
فأن تعاطى هذه الوسيلة المحرمة واتخاذها موردا للرزق تثبت حالة التشرد للمتسول وعقوبة طبقا للقانون 98 سنة 1945 المعدل بالقوانين اللاحقة فى المادة الثانية فقرة أولى على أن يعاقب بالوضع تحت مراقبة مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عى خمس سنوات.
وفى حالة العودة للنصب، والتسول مرة أخرى طبقا للمادة رقم 8 يقضى بالحبس مدة لا تزبد على خمس سنوات .
وللحد من أنتشار هذه الظاهرة، لابد أن توجد اجراءات اجتماعية، مخططة جادة والبحث عن الأسرة ،التى تستحق الدعم وتدعمها ماليا واجتماعيا .
ويجب على كل مواطن، أن يبحث بين معارفه عن المحتاج الحقيقى، لكى يعطيه من ماله لوجه الله تعالى.
ومن ناحية أخرى يجب على الدولة أن تسن العقوبات المشددة، على محترفى التسول، وذلك لحد من أنتشار هذه الظاهرة .
وعمل حملات فى الشوارع والطرقات، وأمام المساجد لجمع هؤلاء المتسولين المحترفين ،ودراسة حالاتهم الاجتماعية، بعد التحرى ثم إيجاد فرص عمل للقادرين منهم ، ووضع غير القادرين فى الأماكن المناسبة لهم.
وتوعية المجتمع بالمشكلة، وآثارها من خلال نشرِ برامج التوعية حول التسول، وآثاره ومضاره سواء عبر وسائل الإعلام، أوعن طريق عقد ورشات توعوية لأفراد المجتمع، ليكون المجتمع مسانداً حقيقاً في عملية مكافحة الظاهرة.
ودعم المراكز المتخصصة بمكافحة التسول، بعدد مناسب من الموظفين المؤهلين وزيادة عدد هذه المراكز، والسعي لانتشارها في الأماكن التي تكثر فيها الظاهرة.
ووضع القوانين الرادعة وتطبيقها، وتشجيع قيمة التكافل الاجتماعي، ونشرها بين أفراد المجتمع، ليشعر الناس بالمحتاجين، ويقدموا لهم العون كي لا يضطروا لطرق باب التسول.
التعليقات