من الشخصيات التي كان لها صدى كبير في حياتي الصحفية، الكاتب الروائي المصري الكبير، الأستاذ ثروت أباظة، من مواليد قرية غزالة مركز الزقازيق محافظة الشرقية ولد في 15 يوليو 1927 وتوفي في 17 مارس 2002 عن عمر ناهز 75 عاما وله إسهاماته العديدة في الأدب، فوالده هو الأديب "دسوقى باشا أباظة" وعمه الشاعر الكبير "عزيز أباظة" والكاتب الصحفي الكبير "فكرى أباظة".
و"ثروت أباظة" كان قوي العِبارة متين البناء وقدم إلى الأقلام عبارات القدماء التى لم يعد أحد يستخدمها بهذه القوة والجمال حرصاً منه على إحياء القديم الأنيق فى لغتنا البديعة وكثيراً ما كان يستدعى شعراء قدامى لمعنى جديد فأسعفه الشعراء والبلغاء وكانت قدرته على أن يوظف الماضى فى خدمة الحاضر.
قابلته لأول مرة منتصف فترة الثمانيات فى مكتبه بجريدة الأهرام بالدور السادس، عندما كان رئيس القسم الثقافى بالأهرام وكان دائماً يشجعنى ويعطينى الأمل على النجاح فى عالم الصحافة، وإلتقيت معه بعد ذلك عندما كان وكيل لمجلس الشورى فى ذلك الوقت وعندما قابلته فى مكتبه بمجلس الشورى وعرضت عليه منصب رئيساً فخرياً لجمعية محبي الفنان عبد الحليم حافظ كبري الجمعيات الثقافية، فوافق على الفور وفى نفس الوقت أعطانى مؤلفاته الأدبية كاملة وكنت دائم الأتصال به وكان بالمثل دائم السؤال عن مشوارى الصحفى وعندما أبلغته باننى لم يتم تعيينى فقام على الفور بالأتصال بالأستاذ إبراهيم سعدة رئيس مجلس إدارة دار أخبار اليوم بالتوصية على وبالفعل تم تعيينى وأكن له كل تقدير وأحترام .
فكان بصره في قلبه يري الناس بقلبه العامر الملئ بنور الإيمان الحقيقي فقد حباه الله بروح حنونه وتحمل إنتقادات البعض برحابة.فقد كان محب لكل ماهو مصري غيور علي بلده وكان غيوراً على الفن والصدق والجمال كان غيوراً على الإسلام ودينه
حصل الكاتب "ثروت أباظة" على ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول عام 1950 وبدأ حياته العملية بالعمل بالمحاماة وذكر عنه أيضا أنه بدأ حياته الأدبية في سن السادسة عشر وهي بدايه مبكرة واتجه إلى كتابة القصة القصيرة والتمثيلية الإذاعية وبدأ اسمه يتردد بالإذاعة ثم اتجه إلى القصة الطويلة فكتب أول قصصه وهي ابن عمار وهي قصة تاريخية كما كتب مسرحية بعنوان الحياة لنا كانت بداية حبِه للقراءة عندما أهداه والده مجموعة من مؤلفات الكاتب المصريِ (كامل كيلاني) ثم قرأَ تباعا أعمال طه حسين وتوفيق الحكيم وعباس العقاد وأحمد شوقى.
وتحدث معى ثروت أباظة قائلا: كان والدي مثلاً أعلى في حياتي فقد كان أديباً من الدرجة الأولى واصطحبني منذ الصغر إلى مجالس الكبار فعاصرت الحياة السياسية والأدبية والفكرية وإليه يرجع الفضل في كل ما توصلت إليه فإذا كنت صاحب كلمة فالفضل لأبى .وكانت أول مكافأة لى عن أول قصة نشرتها فى مجلة ( الجيل) عام 1961 فكان خمسة جنيهات وأصريت أن أتقاضى المبلغ لعمل وليمة تكلفت مئات الجنيهات.
"ثروت أباظة" تولى رئاسة تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون عام 1974 ورئاسة القسم الأدبي بصحيفة الأهرام بين عامي 1975 و1988 كما أنه شغل منصب رئيس اتحاد الكتاب وقد تولى منصب وكيل مجلس الشورى كما كان عضواً بالمجلس الأعلى للثقافة وبالمجالس القومية المتخصصة ومجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتلفزيون ورئيس شرف لرابطة الأدب الحديث وعضواً بنادي القلم الدولي.
ألف "ثروت أباظة" عدة قصص وروايات تحول عدد منها إلى أفلام سينمائية ومسلسلات تلفزيونية كما كتب أكثر من أربعين تمثلية إذاعية وأربعين قصة قصيرة وسبعه وعشرين رواية طويلة كما حصل على عدة جوائز منها جائزة الدولة التشجيعية عام 1958 ونال وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى ثم جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1982ومن أعماله الروائية شيء من الخوف وهارب من الأيام وثم تشرق الشمس والضباب وأحلام في الظهيرة وطارق من السماء والغفران ولؤلؤة وأصداف وخشوع وهي الرواية العشرون.
والكاتب "ثروت أباظة" ارتبط بعلاقات وثيقة مع كتاب وأدباء مصر الكبارمثل نجيب محفوظ ومحمود تيمور وطه حسين ويوسف السباعى وعبدالحميد جودة السحار وأمين يوسف غراب وعبدالرحمن الشرقاوى وتوفيق الحكيم وجميعهم كانت تربطهم علاقات صداقة قوية فقد قدم له عميد الأدب العربيِ طه حسين روايته (هارِب من الأيام) وأثنى عليه نجيب محفوظ حين قال عنه: إن دوره في الرواية الطويلة يحتاج إلى بحث مطول بعيدا عنِ المذاهب السياسية وقال توفيق الحكيم له ذات مرة: أنا معجب برِواياتك في الإذاعة لدرجة أنني حينَ أقرأ في البرنامج أن لك رِواية أمكث في البيت ولا أخرج.
التعليقات