لا تخلو الحياة الزوجية من بعض الخلافات فالزوجان مهما تشابهت أمزجتهما وتماثلت ميولهما يظلان شخصيتين مستقلتين لكل واحدة منهما سماتها وطبائعها الخاصة، فالحياة الزوجية الناجحة تقوم على المودة والرحمة والإحترام المتبادل بين الزوجين، فالإسلام يأمر الزوجين بأن يكونا قدوة طيبة لأولادهما فى السلوك داخل البيت وخارجه أما أن يتشاجر الزوجان أمام الأولاد ويلقى كل منهما تبعة الأخطاء على الآخر فهذا ما نهى الإسلام عنه وحذر منه.
أما ما يحدث في الحوار والنقاش من مشاجرات مرده إلى إعتقاد أحد الزوجين بأن رأيه صواب بل عين الصواب ولا يحتمل الخطأ فهذا يعود إلى التنشئة الاجتماعية ومؤسساتها التي تتمثل في "الأسرة والمدرسة والجامعة" والتي تغرس فى نفوس الأبناء والطلاب القيم فإهمال قيمة النقاش والحوار وثقافة هذا الحوار والإختلاف مع الآخر كل هذا أدى إلى ظهور الحوار والنقاش وعدم قبول الرأي الآخر وعدم قبول الاختلاف في وجهات النظر عند الزوجين، وإذا وقع الشجار أمام الأولاد فإنهم يتحسرون على العداء بين الزوجين وينشئون وقد إمتلأت نفوسهم بهذه المعاني الذميمة ويقلدون الآباء فيما وقع منهم ،وبهذا يكون الأبوان قد غرسا فى نفوس أولادهما غرساً هزيلاً لا يصلح لتكوين مجتمع.
وأن من ضوابط الحوار في الإسلام أن يكون صادقاً من الطرفين وإلا إنتفى معنى الحوار وأن لا يخشى طرف من طرف ولابد للحوار أن يكون فى إطاره الصحيح بأن يكون بلغة مهذبة تحترم الطرف الآخر وبعيدة عن الإنفعالات وبعيدة عن كل الألفاظ الخارجة والتي لا تليق بآداب وثقافة الحوار.
والشجار بين الزوجين له تأثير ضار جداً على الأبناء بإعتبار الآباء هم القدوة فى السلوك وأن الأولاد يتأثرون بهم عندما تتفتح أعينهم على الحياة ويبدأ تفكيرهم فإذا ما وقع شجار بين الأبوين فإن القدوة الحسنة تضيع من حياة الأولاد.
وكما يجب الإلتزام بآداب الحوار فللنقاش آداب إذا خرج عليها المتحاورون فسد الأمر وأن يكون المتحاورون على درجة من سعة الصدر والتسلح بالتسامح والبعد عن التعصب لرأيهم.
والجدير بالذكر أن الحوار عنصر مهم من عناصر حياتنا الاجتماعية، وإذا غضب الإنسان وإستولى الغضب على عقله ووجدانه وقلبه فإنه ينطق بما لا يحمد عقباه ومن واجب الزوجين أن يعالجا هذا بأن يجلس من كان واقفاً أو يخرج من المكان ويستعيذ بالله من الشيطان ويتوضأ ويصلى ركعتين سائلاً الله أن يفرج كربه لأنه إذا تمادى فى الشجار فقد يتهور وينطق بالطلاق، وبهذا يكون قد شتت أبناءه وضيع مستقبلهم ونشر سره فى كل مكان ثم يعود فيندم حيث لا ينفع الندم.
فالأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء الأمة وإشاعة مفهوم البر والوفاء فطاعة الزوجة لزوجها توحد قلوب الزوجين ومن حق كل امرأة أن تحافظ على كيان أسرتها بكل ما تملك من عقل وخبرة في الحياة لأن الأسرة هي الحصن الحصين لها ولابد من الزوجين في الحفاظ على كيان الأسرة من حيث الترابط والاستقرار الاجتماعي بينهما فالزوجان اللذان يتشاجران أمام أبنائهما كثيرا ما يرتكبان الأخطاء.
فحق الزوج لا يقل أهمية عن حق الزوجة بل هو الأساس حتى تستقيم الحياة فحق الزوج على زوجته يعنى تحقيق إشاعة جو المحبة والمودة في الأسرة ويعني الاستقرار الاجتماعي ورقي الأسرة وكل المبادئ النبيلة والسامية التي تساعد على تقدم الأمة وحضارتها وأن لجوء الآباء والأمهات إلي الشجار أمام الأولاد خطأ فادح فهذا الأسلوب بعلم الأبناء أن العنف هو الطريقة الفعالة لحل المشكلات التي تواجه الإنسان فى حياته اليومية لأن الأولاد حساسون بطبيعتهم فأنهم كثيرا ما يتخيلون أن المنازعات بين والديهم تدور بسببهم.
والأبناء الذين لا يعرفون كيف يواجهون حالات الخلاف الأسرى وهم فى بيوتهم الآمنة لن يكونوا قادرين على معالجة حالات الخلاف المشابهة التي يمكن أن تواجههم عندما يكبرون ولهذا يستحسن العمل منذ البداية على تطوير قدرات الأبناء على مواجهة المشكلات اليومية المختلفة وإيجاد الحلول البناءة.
فالخلاف بين الوالدين يزعج الأولاد فأنه من المستحسن الاعتراف به وإبلاغ الأبناء بأن في أمكانهم التحدث عن هذه المشكلة.
وإعطاء الأولاد تفسيراً مبسطاً للخلاف بين الوالدين ومعرفة السبب الحقيقي للغضب وإبلاغ الأولاد به.
وعندما يحتدم النقاش ويبدأ النزاع فى التصاعد لابد من التوقف فورا وتحديد وقت آخر لإجراء مناقشة خاصة بين الزوج والزوجة وهذه الطريقة تفيد فى تجنب التوتر الزائد ومنع العبارات الغاضبة وفي الوقت ذاته توضع للأبناء أنه من الضروري وضع حد للخلاف والحيلولة دون خضوع الإنسان لمشاعر الغضب العمياء.
وإذا كان الزواج يواجه أزمة فأنه من الأفضل الاعتراف بذلك فقد لوحظ أن أزواجا كثيرين يتورطون فى نزاعات مستمرة لعدم وجود توافق ولأن الزواج ذاته يمر بمتاعب كبيرة وفي هذه الحالة سيعرف الأولاد أن والديهم على خلاف دائم رغم الواجهة المزيفة التي يحاولان اختلافها، وينبغي على الأم إلا تتحدث عن الأب بأسلوب غير لائق أمام الأولاد حرصا على العلاقة بينه وبينهم.
التعليقات