تؤثر اضطرابات الأكل بشكل عام في حوالي 30 مليون شخص في الولايات المتحدة، ومن أهمها فقدان الشهية الذي يتمثل بفقدان الرغبة أو الشهية المعتادة لتناول الطعام، وقد تصيب هذه الحالة الأشخاص من كلا الجنسين، إلا أن انتشارها لدى الإناث يكون أعلى بما يقارب 10 أضعاف مقارنة بالرجال، وفي الحقيقة يختلف فقدان الشهية عن فقدان الشهية العصبي (Anorexia nervosa)، الذي يعتبر اضطراباً نفسياً، ويمكن أن يشكل خطورة على حياة الإنسان، إذ يسعى الشخص المصاب بفقدان الشهية العصبي لتحقيق صورة جسدية نحيلة جداً، وغير طبيعية، إضافة إلى خوفه من زيادة الوزن أو السمنة بشكل مبالغ فيه، وتجدر الإشارة إلى أن الإصابة بهذه الحالة من الممكن أن تبدأ مبكراً؛ أي في مرحلة ما قبل المراهقة، إلا أنها أكثر شيوعاً خلال سنوات المراهقة أو في المراحل الأولى من البلوغ، فهي تعتبر ثالث أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً بين المراهقين، وبشكل عام يمكن القول بأن هذا المرض قابل للشفاء إذا ما تم الخضوع لعلاجه على النحو الصحيح.
علاج فقدان الشهية العصبي
يتم علاج فقدان الشهية العصبي تحت إشراف الأطباء، ومقدمي رعاية الصحة النفسية، وأخصائيي التغذية، وفي الحقيقة قد يتم إخضاع المريض لأنواع مختلفة من العلاج، كما قد يتطلب الأمر إخضاعه للعلاج والتوعية التغذوية بشكل مستمر بهدف استمرار تعافيه وتحسين حالة الصحية، وفيما يلي بيان لأبرز الطرق العلاجية المتبعة في علاج فقدان الشهية العصبي:
* الإدخال إلى المستشفى أو العيادات المتخصصة:
يضطر إدخال المريض للمستشفى في عدة حالات، منها الحالات التي يتسبب فيها فقدان الشهية العصبي بالمعاناة من اضطرابات نظم القلب، أو الجفاف، أو اضطرابات توازن الكهارل في الجسم، أو في حال وجود مشاكل نفسبة أو مضاعفات طبية خطيرة أخرى، كسوء التغذية الشديد، أو استمرار رفض تناول الطعام، وقد يتطلب الأمر في عدة حالات إدخال المريض إلى غرفة الطوارئ أو وحدة الأمراض النفسية، وتجدر الإشارة إلى توفر عيادات متخصصة بعلاج اضطرابات الأكل في عدة دول، بحيث تهتم هذه العيادات بتوفير برامج متخصصة من شأنها مساعدة المريض على تجاوز هذه الحالة.
* تركيب الأنبوب الأنفي المعدي:
قد يتطلب الأمر إخضاع المريض للمراقبة المتكررة لكلٍ من العلامات الحيوية، والأمراض البدنية ذات الصلة، ومستويات الكهارل والرطوبة في الجسم، خاصة إذا كان المريض يعاني من مضاعفات صحية نتيجة الإصابة بفقدان الشهية، فقد يُلجأ لاستخدام الأنبوب الأنفي المعدي (Nasogastric tube) لتزويد الجسم بالغذاء في بعض الحالات الحادة.
* استعادة الوزن الصحي:
يمثل الهدف الأول للعلاج مساعدة المريض على الوصول إلى وزن صحي، إذ إن المريض لن يتمكن من التغلب على اضطرابات الأكل دون الحفاظ على وزن صحي واتباع النظام الغذائي المناسب.
* العلاج النفسي (Psychotherapy):
هناك العديد من أنواع العلاج النفسي التي قد تكون مفيدة في هذه الحالة، وفيما يلي بيان لأبرزها:
- العلاج الفردي: يمكن اتباع خطوات العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive behavioral therapy) مع الأشخاص البالغين لتحسين سلوك وأنماط تناول الطعام بهدف اكتساب الوزن، إضافة إلى مساعدة المريض على تغيير أفكاره ومعتقداته غير الصحيحة التي تؤثر في قابليته لتناول الطعام.
- العلاج المعتمد على العائلة: يعتبر هذا العلاج أساسياً في علاج إصابة المراهقين بفقدان الشهية، حيث يقوم في مبدئه على استهداف الآباء وحثهم على تفديم العون لأبنائهم عن طريق إعادة تغذيتهم ومساعدتهم على استعادة أوزانهم الصحية، حتى يصبحوا قادرين على اتخاذ القرارات الصحيحة المتعلقة بالغذاء والصحة، نظراً لكون إصابة المراهقين بمرض فقدان الشهية قد تؤثر في قدرتهم على اعتماد الخيارات الجيدة المتعلقة بالأكل.
- العلاج الجماعي: يسمح هذا النوع من العلاجات للأشخاص الذين يعانون من فقدان الشهية العصبي بالتفاعل مع الآخرين الذين يعانون من الحالة ذاتها، وينصح بأن يتم ذلك تحت إشراف أخصائي طبي مؤهل؛ تجنباً لتغير المسار التفاعلي بينهم نحو التنافس على من يصبح أكثر نحافة.
- الأدوية: في الحقيقة لم تثبت فعالية أي دواء على وجه الخصوص لعلاج فقدان الشهية العصبي إلى الآن، وقد يلجأ لاستخدام الأدوية النفسية بما في ذلك مضادات الاكتئاب بهدف علاج اضطرابات الصحة العقلية الأخرى التي قد يعاني منها المريض كالاكتئاب، أو القلق، أو اضطراب الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder)، وفي الحقيقة قد تكون هناك حاجة لتناول المكملات الغذائيّة في العديد من الحالات.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة تجيب استخدام مثبطات استرداد السيروتونين الاختيارية (Selective serotonin reuptake inhibitors) واختصاراً (SSRI) والتي تمثل أحد أشكال الأدوية النفسية في حال كان وزن جسم المريض أقل من 95% من المعدل الطبيعي لارتفاعه وعمره؛ إذ أثبتت بعض الدراسات أنّ استخدام نوع آخر من الأدوية يعرف بأولانزابين (Olanzapine) قبل استخدام أدوية مثبطات استرداد السيروتونين الاختيارية من شأنه أن يساعد المرضى على الوصول إلى أعلى وزن جسم ممكن في هذه المرحلة.
أسباب فقدان الشهية العصبي
في الحقيقة ما زال السبب الدقيق لحدوث فقدان الشهية العصبي غير معروف حتى وقتنا الحالي، ويعتقد بأن الأشخاص الذين يصابون بهذا المرض قد تشكلت لديهم صورة سلبية عن أجسامهم، وقد يكون التركيز على الكمال سبباً في الإصابة بهذه الحالة، وتجدر الإشارة إلى وجود عوامل أخرى قد تلعب دوراً في حدوث هذا النوع من فقدان الشهية، وفيما يلي بيان لذلك:
العوامل الجينية والهرمونات:
قد تساهم هذه العوامل في تطور الإصابة بفقدان الشهية العصبي، وقد أشارت بعض الأدلة إلى وجود صلة بين فقدان الشهية وهرمون السيروتونين (Serotonin) الذي ينتجه الدماغ.
العوامل البيئية:
قد يساهم الضغط من المجتمع ليبدو الشخص أكثر نحافة في تطور الإصابة بفقدان الشهية العصبي، كما أن الصور الجسدية غير الواقعية التي تعرضها وسائل الإعلام المختلفة من شأنها أن تؤثر بشكل كبير في اليافعين وتثير رغبتهم بأن يصبحوا أكثر ضعفاً.
العوامل النفسية:
في الحقيقة يميل الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري إلى الحفاظ على نّظام غذائي ورياضي صارم، وهذا بحد ذاته يؤثر في تطور هذا النوع من فقدان الشهية.
التعليقات