مع زيادة المخاطر المرتبطة بممارسة رياضة من الرياضات، تزداد إثارة اللاعب والمشاهد على السواء، وهو ما يبدو جليا في رياضة «Base jump» أو القفز من القاعدة، وهي من الرياضات الحديثة التي ابتكرها عشاق الإثارة.
تعتمد هذه الرياضة على قيام اللاعب بالقفز من منصة ثابتة والسباحة في الهواء، ثم فتح المظلة للهبوط بسلام، وهو ما يوضح الصعوبة والخطورة الكبيرة في آن واحد، فمهما بلغ ارتفاع المنصات الثابتة؛ فإن المسافة - غالبا - ما تكون محدودة للغاية لتنفيذ هذه الخطوات، كما هو حال رياضة السباحة في الهواء، حيث يقفز اللاعب من طائرة على ارتفاعات يصل إلى 13 ألف قدم، وهو ما يسمح بوقت كافٍ؛ ليتخذ الجسم السرعة المناسبة (حوالي 200 كم بالساعة)، والتي تتيح فتح المظلة بعد اتخاذ الوضع المناسب للهبوط بأمان وبسرعة مناسبة تكفل سلامة اللاعب، حيث تتيح السرعة الكبيرة مقاومة أكبر من الهواء، بما يمكن اللاعب من السيطرة على حركاته بشكل أفضل؛ ويساعده على فتح المظلة من وضعية مستقرة. كما أن لاعب السباحة في الهواء لديه 3 دقائق من لحظة فتح المظلة إلى لحظة الهبوط، مقارنة بعشر ثوانٍ فقط يتيحها القفز من منصة.
وتنقسم أنواع المنصات إلى أربع شرائح، تتمثل في المباني الشاهقة، وأبراج الهوائي المعدنية، والجرف الصخرية والجسور المرتفعة، والتي تتفق جميعها في ما تنطوي عليه من مخاطر الحوادث، نظراً لإمكانية احتكاك اللاعب بالحوائط أو أي عوائق أخرى؛ مما قد يسبب له كارثة محققة.
ووفقا للإحصائيات، فإن رياضة السباحة في الهواء يروح ضحيتها 1 من كل 100 ألف لاعب، بينما تودي رياضة القفز من القاعدة بحياة 1 من كل 60 لاعباً، كما أن فرص الإصابة نتيجة لتنفيذ 500 قفزة، تصل إلى 100 % وفرص الإيداع بمستشفى 99 %.
ومن الأسباب الرئيسية التي تأتي بالقفز من القاعدة على رأس قائمة الرياضات الخطيرة، هو افتقادها لأي أسس علمية وممارستها بعيدا عن أي قواعد أو تنظيم، كما أن المنصات المستخدمة لا تحقق المطلوب من وجود ارتفاع مناسب يسمح للاعب بمختلف المراحل التي يتيحها القفز من الطائرة، حيث يؤدي قصر المسافة إلى فتح المظلات في مراحل حرجة، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى الاصطدام بعنف عند الهبوط، كما أن عدم وجود مساحات للحركة يؤدي أيضا إلى تشابك خيوط المظلات وسقوط اللاعبين بشكل مميت في أحيان كثيرة.
الغريب أن هذه الرياضة تتمتع بشعبية كبيرة لما تنطوي عليه من روح المغامرة، وكما هو الحال في أي رياضة توجد إحصائيات وسجلات وأرقام قياسية، مثل الرقم القياسي لأكبر عدد من القفزات، والذي يتصدره اللاعب جيب كورليس، بعدد يزيد على1000 قفزة، والرقم القياسي للقفز من أعلى مبنى في العالم وهو الرقم الذي تتصدره دولة الإمارات بجدارة، وهو ما لا يستغرب منه بعد أن أصبحت الدولة معقلا لأعلى مباني العالم من صنع الإنسان ببناء وافتتاح برج خليفة بإمارة دبي، والذي شهد العديد من المحاولات لكسر الرقم القياسي العالمي.
وقد شهد برج خليفة تنافسا كبيرا بين ممارسي هذه الرياضة خلال مرحلة البناء للقفز من أعلى مبنى يشيده الإنسان، حيث قام شخصان أحدهما بريطاني بالتسلل إلى المبنى في عام 2008 بالتنكر في ملابس مهندسين للقفز من شرفة بالطابق 158، حين بلغ ارتفاع البرج 650 مترا، وهو ما تلاه قيام عضوين في جمعية الإمارات للطيران، وهما الإماراتيان ناصر النيادي وعمر الجحلان بالقفز من أحد الأوناش الملتصقة بالبرج من على ارتفاع بلغ 672 مترا في 8 يناير 2010، قبل افتتاح البرج ليصبحا أصحاب الرقم القياسي في القفز من المباني إلى اليوم.
وقد بلغ عدد ضحايا هذه اللعبة الخطرة منذ ظهورها في نهاية سبعينيات القرن الماضي نحو 155 شخصا، وهو رقم في تزايد مستمر، وإن لم يمنع هذا ممارسي الرياضة من العمل على تطويرها وإدخال تعديلات عليها لتصبح أكثر إثارة، ومن ذلك السعي للهبوط بدون مظلة واستخدام أجنحة بدلا منها، أو السعي لاستخدام دافعات نفاثة لتنفيذ قفزات أكثر خطورة.
التعليقات