أفلام تلقى نجاحًا فيفكر أصحابها في إنتاج جزء ثانٍ، فهل يلقى ذلك الجزء المكمل للأحداث نفس النجاح أم يفشل أم يتفوق على سابقه، بدأت السينما المصرية في إنتاج أجزاء من الأفلام، من أفلام السيرة الذاتية ليوسف شاهين بداية من "إسكندرية ليه؟" عام 1978مرورًا بـ "حدوتة مصرية" عام 1982، و"إسكندرية كمان وكمان" عام 1990، انتهاءً بآخر أجزاءه "إسكندرية نيويورك" عام 2004، لكن لم تتكرر التجربة كثيرًا، فمنذ بداية السينما المصرية لم تتواجد التجربة سوى سبع مرات، كان اخرها ما تم عرضه العام الجاري من الأجزاء الثانية لكل من الفيل الأزرق، ولاد رزق، والكنز.
ولم يقتصر إنتاج أجزاء متعددة على فكرة الفيلم فقط فقد تم استخدام الشخصية نفسها وجعلها هي المحور، مما يجعلها تشارك في عدد من الأفلام بنفس الاسم والملامح الذاتية لها، فمنها ما قدمته شخصية "اللمبي" التي قام بها محمد سعد في عدد من الأفلام، وعبلة كامل بشخصية "فرنسا".
وعندما كانت البداية من السيرة الذاتية للمخرج العالمي يوسف شاهين والتي تناولت حياته من خلال أربعة أفلام عرضت على فترات متباعدة فكان الجزء الأول "إسكندرية ليه؟" عام 1978، والذي جاء ليروي حياة يحيي الشاب الذي شغفه حب السينما وغرامه بشخصياتها وعلاقته بأسرته، وحلمه بالسفر لأمريكا لدراسة السينما والذي يتحقق في نهاية الفيلم، راصدًا مع ذلك الحرب العالمية الثانية، وما عاشته الإسكندرية أثناء ذلك، ليليه بعد ذلك "حدوتة مصرية" عام 1982، الذي روى أكثر عن شباب يحيي وعلاقاته، متناولًا أزمته الصحية التي تطلبت جراحة دقيقة، والتي أثناءها يعقد بداخله محاكمة لنفسه وللأفراد في محيطه، ومن بعد حدوتة مصرية يأتي الجزء الثالث "إسكندرية كمان وكمان" عام 1990 ليحكي علاقة يوسف شاهين بالممثل الشاب محسن محيي الدين وما تسببت فيه لشاهين بألم كبير، وفي النهاية يأتي "إسكندرية نيويورك" عام 2004، والذي يعد كتصفية حسابات بين شاهين وأمريكا، ومقارنته بين الماضي والحاضر الأمريكي.
ومن الأفلام التي جاءت في ذلك الاتجاه ايضًا "بخيت وعديلة" الذي تم تقديمه للمشاهد في ثلاثة أجزاء، كان أولها عام 1995، والذي يروي بداية لقاء بخيت وعديلة لأول مرة بالمصادفة في أحد القطارات، حيث يجدا حقيبة مليئة بالنقود لتاجر المخدرات يتركها بين أغراضهما ليمكن من الهرب من رجال الشرطة، وفي ذلك الحين يقرر كل من بخيت وعديلة أن يتقاسما المال بعدما لا يجدا صاحبها، وتدور بعد ذلك الأحداث ليأتي الجزء الثاني بعد عامان فقط "بخيت وعديلة : الجردل والكنكة" والذي يعرض تورطهما مع عصابة تجار المخدرات، واقناعهم بالمساعدة في خوض انتخابات مجلس الشعب لتحقيق أغراضهم الخبيثة، لكن ينجح بخيت وعديلة في الإفلات منهم بعد الفوز في الانتخابات، من ثم يأتي الجزء الثالث عام 2000 "هاللو أمريكا" والذي يتلقى فيه بخيت وعديلة دعوة للسفر إلى أمريكا من نوفل ابن عم بخيت، وهناك يصطدما بمجتمع مختلف، وهناك يتزوج بخيت من أمريكية ليحصل على الإقامة، كما يتعرض ايضًا لحادث سير، حيث تصدمه ابنه أحد المرشحين للرئاسة الأمريكية، ويطلب تعويض وينجح في الحصول عليه، حيث يحصل على 5 مليون دولار، تأخذهم أتعاب المحاماة وشركات التأمين، وفي النهاية يتزوج بخيت وعديلة.
وفي عام 2007 يأتي فيلم "عمر وسلمى" الذي يتناول قصة حب شابان التقيا بالجامعة لتتطور قصة حبهما منتهية بالزواج، ليتم استكمال الأحداث في الجزء الثاني عام 2009، بإنجابهما فتاتان، وخيانة عمر لزوجته، حيث تطلب الطلاق، لكنها تعدل عن قرارها في اللحظات الأخيرة، وفي 2012 يأتي الجزء الثالث والأخير من الفيلم الذي يحكي عن طلاقهما وانفراد كل منهما بحياته في إطار كوميدي، ثم يعودا في النهاية مرة أخرى.
وفي نفس العام أيضًا يأتي "الجزيرة" بجزئه الأول عام 2007، وأحداث الفيلم حقيقية، مستوحاة من قصة عزت حنفي تاجر المخدرات والأسلحة الأسيوطي، ويأتي باسم منصور والذي تحالف مع احد الضباط للقضاء على الإرهابيين والعصابات، بينما يسهل له الضابط عمليات بيع السلاح والمخدرات، لكن ينقلب الوضع فيجد الحكومة والشرطة ضده، ويلقى القبض عليه في نهاية الفيلم، وبعد سبع سنوات يأتي الجزء الثاني "الجزيرة 2"،والذي يبدأ بأحداث ثورة 25 يناير، ليهرب من السجن بعد حكم عليه بالإعدام، ليعود للجزيرة مرة اخرى في محاولة ان يعيد ما فاته، لكنه يجد ان كل شيء تغير وتتوالى الأحداث.
وفي آخر تجارب الأجزاء الثانية من أفلام السينما المصرية جاء الفيل الأزرق وولاد رزق الكنز، فجاء "الفيل الأزرق" لأول مرة عان 2014، مأخوذ عن رواية الفيل الأزرق لأحمد مراد، وحقق الفيلم حين عُرض نجاحًا كبيرًا حيث حقق إيرادات تعدت الـ35 مليون جنيه، والذي يروي حكاية يحيى الطبيب النفسي الذي ينقطع عن العمل ليعود بعد 5 سنوات لتكون أولى الحالات التي يعالجها أحد أصدقائه القدامى، والذي من بعدها تتعقد الأحداث، ويتناول يحيي أحد الحبوب المخدرة والتي تدعى بالفيل الأزرق والتي لها القدرة بأن تنقله لعالم آخر، ليكتشف يحيي أمورًا غريبة عن شريف ويحاول فك اللغز.
وفي الجزء الثاني من الفيلم "الفيل الأزرق 2"، الذي تم عرضه العام الجاري والذي حقق أعلى الإيرادات حيث حقق 103 مليون جنيه، تستكمل الأحداث بعد مرور خمس سنوات من نهاية الجزء الأول، ويتم استدعاءه مرة اخرى لقسم الحالات الخطرة (8 غرب)، ويلجأ مرة اخرى لحبوب الفيل الأزرق، محاولًا الكشف عما يتعرض له من ألغاز.
ومن الفيل الأزرق لـ "ولاد رزق" الذي تم عرض الجزء الأول منه عام 2015، والذي حقق أكثر من 12 مليون جنيه مصري، والذي يحكي عن 4 أخوة يدخلون عالم الجريمة، وعند فشل احد جرائمهم وبزواج الأخ الأكبر يقرر تركهم وعدم العمل في ذلك الإطار مجددًا، بينما يكمل الثلاثة الآخرين على نفس الطريق، ويتورطوا في النهاية في صفقة لتجارة المخدرات وتطاردهم الشرطة.
ويأتي الجزء الثاني استكمالًا لأحداث الجزء الأول "ولاد رزق 2"، وذلك خلال العام الجاري والذي حققت إيراداته أضعاف الجزء الأول، حيث حقق حتى الآن 100 مليون جنيه مصري، والذي دارت أحداثه، حول محاولة الأخوة الأربعة بشتى الطرق الحفاظ على العهد الذى قطعوه على أنفسهم بالابتعاد عن حياة السرقة والجريمة، لكن حدثًا واحدًا يطرأ على حياتهم يغير كل ذلك، ويضعهم في مواجهات شديدة الخطورة مع عدد من المجرمين المحترفين.
ليأتي في خاتمة تلك الأفلام "الكنز" الذي تم عرض الجزء الأول منه عام 2017، وهو فيلم دراما تاريخي، والذي تكتشف خلال مشاهدته أن الكنز ليس هو المحور المادي الذي تدور حوله الأحداث، ولكن أحداث الفيلم تبين مدى الفساد التي تعاني منه البلاد منذ قديم الأزل والصراع على السلطة والتعاملات المزيفة بين السلطة والشعب وسلطة رجال الدين ومدى تدخلهم في شئون البلاد بما يعم بالمصلحة عليهم، وكيف تتم عملية التلوين والتكذيب الذي يقومون بها رجال الدين مما يحافظ علهم على مناصبهم ومكانتهم بالدولة وذلك من خلال حكايات من أشخاص مختلفة في أزمنة مختلفة، وذلك أيضَا ما يستكمله الجزء الثاني من الفيلم "الكنز 2"، والذي تم عرضه خلال العام الجاري ولكنه لم يحقق سوى 6,111,158 جنيه فقط.
التعليقات