(عبوري من قارة إلى قارة) كانت هذه عبارتي التي يندهش ويتعجب منها صديقاتي، عندما كنت أعبر إليهن -بشكل يومي- من قارة آسيا ،إذ تقع مدينتي الساحرة "بور فؤاد" إلى قارة أفريقيا حيث مدينة "بورسعيد" ،وأثناء هذا العبور القاري الذي تصاحبني فيه طيور النورس المبهجة ،ألمس بعيني صفحة الطبيعة الخلابة التي لا أستطيع وصفها. لم أجد مثيلا لمدينتي الجميلة والعتيقة ؛ فهي جزيرة رائعة تحيط بها المياه من كل جانب ،وتنتشر خلالها المسطحات الخضراء ورائحة الفل والياسمين، وكان لهذه الطبيعة الجغرافية أثر على أهلها ؛فهم يختلفون عن غيرهم من محافظات المحروسة؛ فالطبيعة الساحلية يختص أهلها بصفات تختلف عن مثيلاتهم. أنشئت مدينة "بورفؤاد" عام 1926 ،وترجع فكرة إنشائها ؛أن تكون مدينة يقطن بها العاملين في قناة السويس، وساعتها كانوا لا يتعدون ال300 أسرة، وأقيمت فيها الورش العمالية وتم تصميمها على الطراز الفرنسي.
تشتهر مدينة "بور فؤاد" بطبيعة سكانها التي تميل إلى الهدوء، حيث تكاد الأسر يعرف بعضها بعضا ،خاصة قبل هجرة بعض أهالي مدن القناة ؛ بسبب الحروب التي واجهتها مدن القناة على وجه الخصوص ، إذ مُزجت في تلك المدينة ثقافات وعادات متعددة ،فضلا عن أن "بور فؤاد" سكنها الأجانب ،حيث كان لهم حي فيها يسمى "حي الإفرنج" في حين قام المصريون بإنشاء حي آخر يضمهم أطلقوا عليه "حي العرب" حتى يتميز عن الأجانب المقيمين بالمدينة ،وبهذا التنوع السكاني ،حدث عند بعضهم تزاوج بين الثقافات.
وبعد عصر الانفتاح تغيرت مدينة "بور فؤاد" كلها ،كما تغيرت مصر؛ فقد جاء إليها فئات متعددة من أبناء الشعب المصري كل بثقافته الخاصة ،وهنا تغيرت "بور فؤاد" وغرقت في عالم العولمة .،
ولكن المدينة الجميلة مازالت تصارع ؛من أجل البقاء وتلتمس الماضي لتبقى متميزة، ومازالت جزيرة خضراء رائعة مهما تغيرت بعض الملامح ،عبق التاريخ مازال يسكنها ،وتملؤها المحبة والهدوء ،والرغبة في خطوات تقودك إلى الممر المائي الفاصل بين القارتين، حيث طيور النورس التي أرى في طيرانها استمرارية الحياة.
وهذا كله ، يدفعني إلى أن أدعوكم إلى البحث عن هذه المدينة بضغطة زر ،أو زيارتها إن أمكن ؛لتروا الجمال ماثلا أمامكم ومتجسدا في مدينتي الجميلة ، مدينة "بور فؤاد" التي تسطر قصة من قصص التاريخ .
التعليقات