عين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين الكاتبة الفرنسية من أصل مغربي ليلى سليماني ممثلته الشخصية للفرانكوفونية. ويأتي تعيين الروائية الشابة في هذا المنصب الذي كان وزاريا فيما قبل، بعد عام على فوزها بجائزة جونكور، أرقى الجوائز الأدبية في فرنسا.
اختار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الكاتبة الفرنسية من أصل مغربي ليلى سليماني ممثلة شخصية له للفرنكوفونية. ولم يكن اسم ليلى سليماني مجهولا حين وقع اختيار ماكرون عليها، فالكاتبة الشابة البالغة من العمر 36 عاما فازت العام الماضي بجائزة جونكور الأدبية المرموقة عن راويتها "chanson douce" أو "أغنية هادئة"، والتي كانت تمثل ثاني تجاربها الأدبية بعد "حديقة الغول".
واعتبر قصر الإليزيه في بيان له، اختيار سليماني على أنه "تأكيد لنهج الرئيس (ماكرون) في الاعتماد على الخبرات، وليس على الانتماء السياسي، في المجالات المختلفة"، مؤكدا أن سليماني التي ستمثل الدولة الفرنسية في المجلس الدائم للفرانكفونية، ستقوم "بالعمل على ازدهار اللغة الفرنسية والتعددية اللغوية". بالإضافة إلى دورها في "مجالات المساواة بين الرجل والمرأة، واندماج الشباب في مجالات العمل، ومكافحة التغير المناخي والتنمية الرقمية".
من جانبها، رحبت المنظمة الدولية للفرانكوفونية باختيار سليماني، واعتبر المتحدث باسم السكرتير العام للمنظمة في حديث لفرانس 24 باللغة الفرنسية، أنه اختيار موفق، معتبرا أن سليماني ليست كاتبة فحسب وإنما هي صاحبة قضية وسيساهم تعيينها في ازدهار الفرانكوفونية.
ليلى سليماني... باريسية من الرباط
ولدت ليلى سليماني في 3 أكتوبر عام 1981 في المغرب، من أم فرنسية جزائرية طبيبة وأب مغربي كان يعمل مصرفيا. ونشأت في الرباط حتى بلغت الثامنة عشر من عمرها. ثم انتقلت للعيش في العاصمة الفرنسية باريس.
وتقول سليماني إنها تربت على مبادئ الحرية والجرأة، حيث كان أبواها يغرسان فيها تلك القيم منذ الصغر.
وفي حديث سابق لفرانس 24 بتاريخ 3 نوفمبر 2016، تقول سليماني إنها تفضل التعريف بنفسها على إنها باريسية وغير متدينة ولكنها "تقر" أنها بالرغم من ذلك "شئت أم أبيت، أبقى في المغرب امرأة مسلمة".
وترفض سليماني الخوض في الحديث عن الهوية وأصولها المغربية، وتؤكد من خلال حديثها العام الماضي لفرانس 24 أنها تريد إظهار وجه آخر للمغربي الفرنسي، وجه قائم على القدرة على الإحاطة بثقافة عالمية "وغير مجبر على الحديث عن الإسلام والهوية والهجرة وكثبان الرمل والمساجد".
وكبرت سليماني في بيئة مهتمة بالثقافة الفرنسية، حيث كان أبواها يفضلان التخاطب بالفرنسية ودرست في المدارس الفرنسية بالرباط حتى المرحلة الثانوية، قبل أن تحصل على دبلوم في معهد العلوم السياسية في باريس، كما درست الإعلام في المدرسة العليا للتجارة.
واستهلت الكاتبة الشابة حياتها العملية في مجلة جون أفريك عام 2008، واستمرت في العمل الصحفي لخمس سنوات قبل أن تقدم استقالتها وتقرر التفرغ للعمل الأدبي.
وكانت بداية سليماني في عالم الكتابة موفقة، حيث حصلت على جائرة "المأمونية" المغربية عن أولى أعمالها الأدبية "حديقة الغول" التي صدرت عن دار "غاليمار" عام 2014. وتناولت الرواية قضية شائكة وهي إدمان الجنس. وتروي القصة حياة امرأة متزوجة مهووسة بالجنس، وتقيم علاقات متعددة خارج إطار الزواج.
ولم يخب ظن سليماني في روايتها الثانية "أغنية هادئة" الصادرة عام 2016 عن نفس دار النشر، حيث فازت عنها بأرقى جائزة أدبية في فرنسا وهي جائزة غونكور، وتناولت في الرواية جريمة قتل طفلين على يد مربيتهما، والعوامل الاقتصادية الاجتماعية التي تقف وراء تلك الجريمة.
سليماني المرأة المتحررة التي تسعى لنيل المرأة لحريتها الجنسية
سليماني تعتبر نفسها امرأة متحررة، اتخذت على عاتقها مناصرة قضايا تحرر المرأة، وخاصة في بلدها الأصلي المغرب. وجاءت روايتها الثالثة والتي صدرت مؤخرا تحت عنوان "جنس وأكاذيب"، لتعكس رؤيتها حول تلك القضية، حيث طرحت قضية حرية النساء المغربيات في ممارسة الجنس. وحاولت سليماني إلقاء الضوء على ما اعتبرته "رياء مجتمعي" لا يترك للمرأة حرية في جسدها ويجبرها على أن تكون إما زوجة أو عذراء، مستندة على شهادات لنساء مغربيات عانين من "مجتمع يطغى عليه التفكير الديني والنظام الأبوي"، على حد قولها.
واستمرت سليماني عبر مدونتها 360، في مناصرة قضايا المرأة، من خلال فضح "التمييز" الذي تتعرض له النساء في المغرب مثل الحكم على امرأة متزوجة بالسجن عامين بتهمة "ممارسة الرذيلة" في 31 مارس/ آذار الماضي.
كما أعربت سليماني، عن رفضها القاطع لارتداء المرأة البرقع، معتبرة أنه "شتيمة" في جبين نصف المجتمع، وانتقاص من قيمة المرأة ورمز للخضوع.
سليماني وماكرون رحلة تقارب بدأت خلال زيارة للمغرب
بدأت علاقة الكاتبة الشابة بعالم السياسة خلال الحملة الرئاسية عام 2016، حيث اتخذت موقفا داعما لإيمانويل ماكرون ودعت للتصويت له لقطع الطريق أمام مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، ولتشجيع الشباب و"الحداثة" على خوض المعترك السياسي، على حد قولها في حديث لصحيفة "لوباريزيان" بتاريخ 28 أبريل 2017.
ولفتت سليماني انتباه الرئيس الفرنسي، المعروف بشغفه بالأدب، حيث رافقته في زيارته للمغرب في حزيران/يونيو الماضي.
كما ذكرت بعض المصادر أن سليماني كانت مرشحة لمنصب وزيرة الثقافة، وهو ما لم تنفيه أو تؤكده الكاتبة الشابة.
التعليقات