يخطئ من يعتقد إن الضربة الأمريكية ضد المنشأت النووية الإيرانية وليدة الحرب الدائرة الآن بين إيران وإسرائيل، فهل نسى العالم دودة الكمبيوتر المعقدة المعروفة باسم ستوكسنت، التي تم إنشاؤها خصيصًا لأحداث أضرار جسيمة للبرنامج النووي الإيراني.
ستوكسنت هي دودة كمبيوتر خبيثة تم اكتشافها لأول مرة في 17 يونيو 2010، كانت قيد التطوير منذ عام 2005. كانت جزءًا من عملية استخباراتية أمريكية وإسرائيلية تسمى عملية الألعاب الأولمبية، والتي خططت لها وكالة الأمن القومي في عهد الرئيس جورج دبليو بوش ونفذتها فى عهد الرئيس باراك أوباما.
ستوكسنت كانت بمثابة أول سلاح رقمي ذي أهمية جيوسياسية، ويمكنه تغيير طريقة خوض الحروب؛ بالطبع الموساد متورط، ولكن القوة الرائدة ليست إسرائيل. القوة الرائدة وراء ستوكسنت هي القوة العظمى السيبرانية وهي الولايات المتحدة.
استهدفت ستوكسنت خمس منظمات إيرانية، لكن الهدف الأساسي هو البنية التحتية لتخصيب اليورانيوم في إيران. في أغسطس 2010 اُكتشف أن 60 بالمائة من أجهزة الكمبيوتر المصابة في جميع أنحاء العالم كانت في إيران.
عملت ستوكسنت عن طريق استهداف الأجهزة والشبكات التي تستخدم نظام التشغيل Microsoft Windows، ثم يبحث عن برنامج Siemens Step7. أكدت التقارير أن ستوكسنت دمر ما يقرب من خمس أجهزة الطرد المركزي النووية الإيرانية، استهدفت الدودة أنظمة التحكم الصناعية، وأصابت أكثر من 200 ألف جهاز كمبيوتر وتسببت في تدهور 1000 جهاز فعليًا.
انتشرت الدودة في البداية بشكل عشوائي، ولكنها تضمنت حمولة برامج ضارة متخصصة للغاية مصممة لاستهداف أنظمة التحكم الإشرافي واكتساب البيانات.
تمتع البرنامج الخبيث بقدرة وضع المستخدم ووضع النواة على نظام التشغيل Windows، وقد تم توقيع برامج تشغيل أجهزته رقميًا باستخدام المفاتيح الخاصة لشهادتي مفتاح عام تم سرقتهما من شركتين عالميتين معروفتين منفصلتين، وكلاهما يقع في هسينشو للعلوم في تايوان. ساعد توقيع برنامج التشغيل في تثبيت برامج تشغيل وضع النواة بنجاح دون إخطار المستخدمين، وبالتالي ظل غير مكتشف لفترة طويلة نسبيًا من الزمن.
تردد أن المهندس الهولندي إريك فان سابين هو المخرب الذي تسلل إلى المجمع النووي تحت الأرض في مدينة نطنز وقام بتركيب معدات مصابة بفيروس ستوكسنت.
الهجمات صُممت لإجبار جهاز الطرد المركزي على تغيير سرعة دورانه، وذلك برفع السرعة أولاً ثم خفضها، بهدف إحداث اهتزازات أو تشوهات مفرطة من شأنها تدمير الجهاز.
في ذلك الوقت، استُهدف عالمان نوويان إيرانيان في هجمات منفصلة ولكن متزامنة تقريبًا بسيارات مفخخة بالقرب من جامعة الشهيد بهشتي في طهران. قُتل مجيد شهرياري، عالم فيزياء الكم. أصيب فريدون عباسي، وهو مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع بجروح خطيرة.
الاغتيالات أكدت أن من كان وراء الدودة شعر أنه لم يكن كافيًا لوقف البرنامج النووي؛ وهذا ماحدث من إسرائيل فى هجومها على إيران مؤخرا فقد أستهدت قتل علمائها فى المجال النووي.
مؤخرا استهدف هجوم صاروخي إيراني مقر وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المعروفة بـ"8200"؛ تلك الوحدة كانت تقف وراء ستوكسنت.
في النهاية أمنت أمريكا نفسها من أثر الدودة، لأنه رغم أن هذه الدودة مُتشعبة، إلا أنها تُصبح خاملة إذا لم يُعثر على برنامج سيمنز على أجهزة الكمبيوتر المُصابة، وهي ايضا تحتوي على ضمانات لمنع كل جهاز كمبيوتر مُصاب من نشر الدودة إلى أكثر من ثلاثة أجهزة أخرى، إلى جانب أنها تمحو نفسها.
السؤال الآن: هل تنجو الولايات المتحدة من تورطها وتعاونها مع إسرائيل، كما حدث مع الدودة؟.
التعليقات