تحطم أمل خالد معظم قواعد القصة القصيرة المتعارف عليها، فهي لا تحكي ولا تصف، ولا تسرد، ولا تحاور، وإنما هي تلتقط الحياة ـ وخاصة حياة القاهرة ـ وتصبها في مشهدية جديدة، بعد أن تمررها بداخلها، ثم تُخرجها في صورة كلمات وأدعية، وصور منتزعة من الواقع اليومي المعيش، وبعض اللوازم الجملية أو الإيقاعية التي تتكرر كثيرا في قصصها القصيرة جدا، التي بلغت ثلاثين في مجموعتها "مسرة الاغتراب"، فتدل على لغتها الخاصة التي تتميز بها.
من هذه اللوازم على سبيل المثال: مصرنا الوطن،
في القصة الأولى "الحداد" تجلس الراوية مع الحبيب ـ الوطن، ويرتفع الدعاء: "يا ربنا الذي في السماء، وفي الأرض وبينهما ،إننا معًا بأمرك ..". ويستمر الدعاء والتضرع إلى الله حتى نهاية القصة: "نضرع إليك إلهنا ربنا الرحمن الرحيم دائما تحفظنا معا فيحيا ضمير مصرنا الوطن كريما مستقيما حرا مؤمنا آمنا بقداسة المصريين أجمعين: آمين".
إنه موقف قصصي جديد، ولقطة إنسانية معبرة، قد لا يجد البعض فيها قصة قصيرة بالمفهوم التقليدي، ولكنها كذلك، فما القصة هنا إلا لقطة من الحياة، أو لحظة من لحظاتها، لا تحتاج إلى كلام كثير وشرح وتعليق، وهي فوق ذلك لا تخلو من شاعرية أو رومانسية، حيث تقول الراوية: "أدخل إلى عينيه المتفائلتين وأضم وجهه الوطن. أواجهه تستبقى دموعي تختلط وماء عينيه، تتشابك يدانا، يتداخل صوتانا، نلتقي يدا، دمعة صوتا يتعالى". ولعلنا نتساءل عن سر العنوان "الحداد" وعلى من هذا الحداد؟
هل هو أيضا على الوطن؟
التعليقات