قبل نحو 35 عاما وفى مثل هذه الأيام، كانت تنتشر أشولة البلح فى الأسواق الشعبية، وكل نوع له ثمن، البائع يختار الاسم الأكثر بريقا ليضعه على شوال البلح الأغلى، وكانت صفية العمرى فى عز نجاح (ليالى الحلمية) تحظى بالسعر الأكبر بين كل النجمات، والناس تدفع وهى مطمئنة لأنها ستحصل على هذا النوع الفاخر، فهى بين كل النجمات الأكثر بريقا.
(نازك السلحدار) كانت عنوانا صارخا للأنوثة، يتقاتل حولها الباشا (سليم البدرى) يحيى الفخرانى، والعمدة (سليمان غانم) صلاح السعدنى، صارت نظرات عينيها فى الثقافة الشعبية عنوانا لنوع غال من السيارات أطلقوا عليها (عيون صفية)، لم يستمر الحال للأبد، تبدلت الأيام، وتغيرت معادلات كثيرة، ولكن ما لم يتغير أبدا هو كبرياء واعتزاز صفية العمرى بنفسها وتاريخها، وعلى الجانب الآخر، لم يتغير اعتزاز وتقدير الجمهور العربى لها. نعم غادرت مقدمة (الكادر)، إلا أنها احتفظت بتقديرها عند الملايين، حتى الذين لم يعاصروا زمن (نازك السلحدار).
دعونا نطل على ما يحدث الآن، نرى البعض يريق كبريائه فى انتظار أن يتعاطف معه أحد لكى يجد له فرصة عمل.
شاهدت المطرب والملحن وهو يستجدى الجميع للوقوف معه، وبدأ يذكر كيف أن المطربة الشهيرة أغلقت التليفون فى وجهه ـ ثم لم تعد ترد على مكالماته، وعندما غير رقم تليفونه وعلمت بذلك، سارعت هى بتغيير رقمها، حتى تواصل التهرب منه، كما أنه يذكر أن المطرب الشهير الذى قدمه فى بداية المشوار، لم يعد يسأل عنه، رغم أنه يعلم مدى حاجته المادية، ربما لم يستثن سوى مطرب واحد فقط دعمه ماليا وأدبيا.
شعرت بقدر من الحزن عما آل إليه حال هذا المطرب الذى مر بظروف صحية صعبة، سوف تكره قطعا كل من أغلق فى وجهه التليفون، إلا أنك أيضا لن تشعر بتعاطف معه لأنه ببساطة أراق ماء وجهه على الشاشات، هل كان هذا هو شرط الاستضافة، مهاجمة مطربين من النجوم، من أجل تحقيق كثافة مشاهدة؟
ليس لدى يقين فى الإجابة، إلا أننا نعيش من لهاث وراء (التريند) إلى لهاث آخر وراء (التريند)، ولا أستبعد أى شىء.
هل شاهدت النجمة السابقة التى لم تعد مطلوبة عند شركات الإنتاج، بينما قبل سنوات قلائل كانت هى الأكثر بريقا، والكل كان ينتظر أن يحظى بموافقتها على السيناريو، تغير الزمن كما أن هناك تغييرا ما طرأ على ملامحها، بسبب خطأ طبيب جراح، وبالمناسبة لا أرى سوى أنها لا تزال جميلة بعيدا عن نجاح أو فشل العملية، فهى تتمتع بحضور وجاذبية، إلا أنها لم تتصالح مع ملامحها الجديدة، وظلت تراجع أكثر من جراح دون جدوى.
فى كل حوار تردد نفس (الموال) الذى يلقى عادة صدى إيجابيا عند قطاع من الجمهور، فهو لديه أيضا انطباع مسبق ومزر جدا ضد الوسط الفنى، الذى يراه ناكرا للجميل ولا يحمل أى مشاعر دافئة للعيش والملح، المصالح فقط فيه تتصالح.
ما الذى يناله الفنان بعد كل ذلك؟ سوى قدر من الحسرة ومصمصة الشفاه على الزمن الذى غدر به.
كبرياء الفنان هو رأسماله الذى لا ينفد أبدا، فلماذا يسكبونه على الأرض، ليتهم يأخذون الدرس من الهانم صفية العمرى (نازك السلحدار)!!.
التعليقات