كم فنانة ارتدت الحجاب، ثم خلعته، ثم ارتدته، ثم.. ثم.. ثم.. وهكذا؟.. لو استبدلتها قائلًا: كم فتاة أو امرأة ستكتشف أن الشارع علاقته بالحجاب (رايح جاى)؟.
قطاع من المجتمع لا يكفّ عن تقديم رسائل تحذيرية من خلال كلمة أو نظرة، كم فتاة تعرضت في الشارع للازدراء ممن يعتبرون أن الإسلام يساوى الحجاب، جدران البيوت في العديد من شوارعنا تمتلئ برسائل مباشرة للفتاة، ليس فقط التي لا ترتدى الحجاب، ولكن حتى من ترتديه عليها أن تعرف أن هذا لا يكفى، ليس كل حجاب يستحق توصيفا شرعيًا.. ندرك أن هناك خطوة أبعد يخططون لها؛ وهى الانتقال من مرحلة الحجاب إلى النقاب.
لسنا هنا بصدد تحليل دينى عن الحجاب، ولكن رؤية اجتماعية.. لا نستطيع أن نضع حدًا فاصلًا بين الفنان والجمهور.. وأحكامه على الفنان تخضع أحيانا في جزء منها لتلك الاعتبارات الخارجة عن القواعد الفنية، لديه أيضا محدداته الاجتماعية.
«حلا» صارت في السنوات الأخيرة عنوانا للتردد الحادث في كل طبقات المجتمع.. يقينًا ستعود لممارسة الفن دون حجاب، لم تكن المرة الأولى التي تتحجب ثم تخلع، الجزء الأكبر من علاقتها بالحياة والفن يقع في إطار التردد بين التمثيل والاعتزال بحجاب أو بدون. أحيانا تضع معايير دينية صارمة على المشهد قبل التصوير، فهى لا تؤدى دور فتاة محجبة، ولكنها بالفعل ترتديه أمام وخلف الكاميرا، ولهذا ترفض أن تخلعه في أي مشهد درامى، حتى لو كان من الناحية الشرعية يتيح لها أن تخلعه.
مجموعة من الصراعات الداخلية سكنتها طوال السنوات الماضية.. وبقدر ترحيبى بعودتها، وواضح من رد فعل نقيب الممثلين أشرف زكى أنها حظيت بمباركة بيت العائلة الكبير، إلا أنه يبقى أن على «حلا» أولا أن تعود إلى «حلا».
نظلمها ونظلم الحقيقة عندما نعتبر أن مواقفها تعبّر عن مصلحة مباشرة دفعتها لهذا الطريق أو ذاك، إنه استلاب فكرى، لا تملك حلا بداخلها القدرة على المقاومة، قد تخضع بسهولة لأى مؤثر خارجى، يجب أن تطمئن إلى توازنها النفسى، الممثل لا يؤدى دورًا أمام الكاميرا، نتعامل مع كيان فكرى ونفسى أولًا.. «حلا» هي القادرة على اختيار توقيت العودة بعد أن تحقق التوازن الداخلى، الأمر ليس له علاقة مباشرة بخلع الحجاب أو زواج أو طلاق، هذا ما يبدو على السطح، ولكنه وجدان يجب أن ينعم أولا بالسكينة والشفافية.
الجزء الثانى وهو الخاص بالمهنة نفسها، على حلا أن تُخضع نفسها لتدريبات على فن الأداء، كل المحترفين في العالم يلجأون إليها بين الحين والآخر، فن أداء الممثل هو أكثر الفنون خضوعًا للتغيير، لأنه انعكاس في جزء كبير منه للشفرة الاجتماعية التي تتبدل أبجدياتها.
عليها أن تقرأ التفاصيل جيدا، مدركة أن الرهان سيصبح على الشاشة، لا تتوقف أمام من يقذفها بالحجارة بكل ما أوتى من غلظة، عليها أن تزيح الحجارة جانبا وتستمر على الطريق، لا ترد، لأنها ستفتح الباب مجددا أمام سيل منهمر من شظايا الكلمات والتعليقات، طوق النجاة هو فقط أن تتحلى بفضيلة الصمت.
«السلام النفسى وقناعتها الداخلية».. هذا هو المطلوب أولًا وحتى عاشرا.. بعد ذلك، سيصبح الجمهور هو فقط صاحب الكلمة.
نعيش في مجتمع ملىء بالمتناقضات، كثيرًا ما يعلن عكس ما يبطن.. على «حلا» أن تسبح هذه المرة إلى شاطئ اليقين!.
التعليقات