تعتبر معركة حطين إحدى المعارك الفاصلة بين الصليبيين والمسلمين عبر التاريخ الإسلامي، والتي وقعت في عهد الدولة الأيوبية .
وسميت بهذا الاسم نسبة إلى المكان الذي اندلعت به بقرية حطين، والتي تقع على جبل حطين بدولة فلسطين، وهي تبعد عن مدينة طبريا ما يقارب تسعة كيلومترات.
وكانت هذه القرية تشكل طريق رئيسية وحيوية من خلال مرور القوافل التجارية والجيوش المتجهة إلى بلاد الشام والعراق ومصر منها، مما جعلها تتمتع بمكانة وأهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة لتصبح مطمع الأعداء .
واندلاع هذه المعركة يرجع إلى قيام البارون الإفرنجي والصليبي (رينو دي شاتيون) والقادم من فرنسا بشن غزو بهدف السرقة والنهب، حيث قام في عام (1155) ميلادي باجتياح ونهب جزيرة قبرص وهي تحت الحكم البيزنطي آنذاك.
وقد أطلق سراحه نور الدين زنكي مؤسس الدولة الزنكية، ليتخذ (شاتيون) حصن الكرك مقرا له بالأردن، غير أنه لم يتوقف عن قطع الطرق وسلب القوافل، مما دفع الجيش الإسلامي بالخروج لقتاله والقضاء على ملكه وطغيانه وظلمه.
كان أحد الدوافع المهمة لاندلاع هذه المعركة هو إيقاف الزحف الصليبي والعدوان الإجرامي الفاجر على بلاد المسلمين، وتحرير مدينة القدس الشريفة التي قاموا باحتلالها في عام (1099) ميلادي.
وتنصيب بعض الإقطاعيين والفرسان الصليبيين أنفسهم ملوكا وأمراء على أهل المناطق التي قاموا باحتلالها، مما شكل دافعا وحافزا لدى المسلمين لتحرير البلاد الإسلامية وشعوبها من الخطر الصليبي الغاشم.
كان يوم 4 يوليو 1187، شاهدا على دحر جيش المسلمين للقوات الصليبية، في معركة استمرت 7 ساعات متواصلة، في قرية حطين الفلسطينية والقريبة من مدينة طبرية، حيث سقط خلالها مئات القتلى والجرحى والأسرى من جيش الصليبيين.
قاد الجيش الإسلامي في معركة حطين القائد صلاح الدين الأيوبي بعد تأسيس الخلافة الإسلامية الراشدة في مصر، وقد اشتهر صلاح الدين بالتخطيط الجيد للقتال بشراسة وشجاعته البطولية وقوة حبه للدفاع عن الإسلام.
قام بقيادة الجيش الصليبي ثلاثة من الأمراء هم أمير طرابلس (ريمون الثالث) وأمير إنطاكية (غي دي لوزينيان) وأمير حصن الكرك (رينو دي شاتيون).
حدثت معركة حطين في الخامس والعشرين من ربيع الآخرعام 583هـ بين المسلمين، والصليبيين، وعندما علم الفرنجة بتجهيز جيش المسلمين جهزوا جيشا؛ لملاقاته، ونزلوا في صفورية.
إلا أن صلاح الدين نزل في طبريا، وحاصرها، وأرسل جزءاً من جيشه؛ لملاقاة الفرنجة في صفورية، علما بأن طبريا بعد حصارها سقطت في أيدي المسلمين، بينما بقيت قلعتها تقاومهم. بعد أن وصل جيش صلاح الدين إلى حطين، تلك القرية ذات المراعي، والمياه الوفيرة، حرق الجيش الأعشاب، والأشجار اليابسة التي تغطيها، وهذا ما زاد العطش، وبلاء الحر فانهارت معنويات الصليبيين؛ حيث إنهم طوقوا بشكل كامل.
وبدأ المسلمون بالهجوم عليهم، مما جعل قتالهم مليئا باليأس، والإحباط؛ ولذلك قتل منهم الكثير في بداية المعركة، وبقي المسلمون يقاتلون ببسالة حتى تحقق لهم النصر فيها وأظهرت معركة حطين خارطة سياسية جديدة للمنطقة بعد أن انتصر المسلمون فيها.
وتعتبر معركة حطين من أهم المعارك التي أنزلت الهزيمة القاسية بالصليبيين الذين احتلوا المناطق الإسلامية في بلاد الشام.
والتي أدت إلى تراجع قوة الصليبين ونفوذهم بشكل كبير جدا، إضافة إلى أنها كانت الفرصة الأبرز لتحرير القدس بعد أعوام طويلة من الاحتلال الصليبي.
لقد كانت معركة حطين نتيجة حتمية لرحلة طويلة من الجهاد والكفاح ضد الصليبيين الذين قادوا عدة حملات بداية من عام 1096.
وقد شارك في جهاد الصليبيين عدد لا يحصى من المسلمين الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل تحرير بيت المقدس واستعادتها من أيدي الصليبيين.
اعتبرت معركة حطين محطة مهمة في حياة صلاح الدين؛ حيث أصبح من كبار المجاهدين، والحكام المسلمين.
كما صار اسمه مرتبِطا بالهيبة، والإجلال، والاحترام، والإعجاب بالنسبة إلى الصليبيين؛ نظرا لشهامته، وتسامحه، ونبل أخلاقه.
التعليقات