قطعًا تلك المعادلة مجرد شطحة خيال، فلا توجد مثل تلك المعادلات على أرض الواقع، إلا أن هذه العملية الحسابية أشارت لها ليلى مراد عندما سألوها فى السبعينيات عن خليفتها فى الفيلم الغنائى، فاضطرت لأن تجمع بين صوت وردة أمام الميكروفون وحضور سعاد حسنى أمام الكاميرا.
هى أغلى نجمة عرفتها شاشة السينما العربية- كانت ولا تزال- أجرها يقف فى المقدمة عند مقارنته عالميًا بأعلى أجور كانت تحصل عليها فى الأربعينيات نجمات هوليوود، (15 ألف جنيه مصرى)، كان وقتها الجنيه يقول للدولار (قوم أقف وإنت بتكلمنى)، ثمنه أكثر من خمسة أضعاف الدولار.
أنفقت بسخاء فى زمن الشباب والوهج، ثم عانت الكثير فى زمن التوقف والانزواء، إلا أنها ظلت شامخة وهى الصفة التى أورثتها لابنيها أشرف وجيه أباظة والراحل زكى فطين عبدالوهاب..
اقرأ المزيد...
ابتعدت عن التمثيل عام 55 وعاشت بعدها 40 عامًا، أى أن سنوات الظل امتدت أكثر من سنوات الضوء، إشعاعها لم يخب أبدًا، قبل عامين أزاحوا الستار عن تمثال كامل برونزى فى مدخل مدينة مرسى مطروح، حيث غنت فى فيلم (شاطئ الغرام) (رايداك والنبى رايداك) التى تقول فى أحد مقاطعها (يا ساكنى مطروح /جنية فى بحركم/ الناس تيجى وتروح /وأنا عاشقة حيكم)، فأطلق الناس على الصخرة التى صورت عليها تلك الأغنية (صخرة ليلى مراد)، ونعتوا الشاطئ الذى تُطل عليه بـ(الغرام)، ولا تزال (مدينة) مرسى مطروح، (مدينة) لـ ليلى مراد بكل هذا الحضور فى الوجدان الشعبى.
لم ألتق الفنانة الكبيرة، ولكنى حاولت أكثر من مرة، تحدثت إليها تليفونيًا، كانت تأتى الإجابة من خلال من أطلقت على نفسها الخادمة، لترد باقتضاب (الست مش موجودة)، وقبل أن أطرح سؤالى الثانى تأتى الإجابة (ما أعرفش ح ترجع إمتى)، كنت مدركًا أنه صوتها، إلا أنها أغلقت تمامًا باب التواصل مع الصحافة، وكل وسائل الإعلام، صارت تُنكر نفسها، ولم تدرك، ولا أدرى كيف، أن نبرات صوتها من المستحيل أن تخطئها الأذن، ولهذا بين الحين والآخر كنت أكرر السيناريو من أجل أن أستمتع مجددًا بصوتها.
ليلى حالة خاصة جدًا، لو لم تكن هناك سينما ما كان من الممكن أن نحظى بهذا التراث الغنائى، رصيدها فى الحفلات قليل جدًا، بسبب خجلها من مواجهة الجمهور، شاركت العديد من المطربين بطولة الأفلام، مثل محمد عبدالوهاب، ثم محمد فوزى، وكانت فى طريقها لبطولة فيلم أمام عبدالحليم، كانت ستلعب دور والدة صديقه، لولا تعثر المشروع إنتاجيًا.
رصيد ليلى 28 فيلمًا، أغلبها علامات فى السينما الغنائية، فهى ملهمة للجميع، يصنعون من أجلها أفلامًا، مثلما طلب منها نجيب الريحانى، وهما فى المصعد، أن يلتقيا فى فيلم قبل أن يرحل، فكتب لهما أنور وجدى (غزل البنات) ولم يشاهد الريحانى الفيلم!!.
قُدمت حياتها قبل ثلاثة عشر عامًا فى مسلسل تليفزيونى (قلبى دليلى)، الناس لم تقتنع بأن هناك من يمكن أن تتقمص دور ليلى مراد. ابنها الممثل والمخرج الراحل زكى فطين عبدالوهاب كتب سيناريو يتناول حياتها، إلا أن المأزق الذى أوقف المشروع أنه لم يعثر على بطلة لها طلة ليلى مراد، تجمع بين إمكانيات صوت وردة أمام الميكروفون وحضور سعاد حسنى أمام الكاميرا!.
التعليقات