أن تبدو بخير فهذا مكلف جدًا.
يعيش داخلك مصنع لا يهدأ ولا تتوقف آلاته عن العمل ليل نهار. دورك هو مراقب الجودة على إنتاج نفسك.
فهل أتقنت عملك وأنصفت روحك؟
كيف تقاوم عواصف هوجاء تختلج قلبك المرهف؟ كيف تتحكم في دواخل خبايا قلب يتهرب من أن ينكشف؟ وكيف تتعامل مع روح حيية تهاب نظرتك إليها؟
حديثك لنفسك قد يكون من طرف واحد فلا ترد وتعتبر. الرحمة والرقة التي تراوغ بها روح أتعبها الزمان تجعلك تنظر إليها من طرف خفي.
أنت لا تعرف كيف تعاملت روحك مع أحزانها وكيف وأين خبأت آلامها، أي لا تعرف الوسيلة التي غلفت بها الوجع وبها ضمدت جروحها. هي الجزء الخفي عنك، أنت لا تراها ولا تعرف كُنتها.
وجب عليك فقط أن تبدو بخير؛ لتستمر الأنفاس وتتحرك الأيام وتمضي بك قاطرة النسيان.
تقف اليوم مذهولاً لتشاهد روحًا لا تعرفها ولا تشبه من بدأت بها.
أنت تعرف روحك جيدًا فقد صادقَتك سنوات، فهل تعرفها حقًا اليوم؟ هل هي نفس الطيف اللطيف الرقيق الذي وُهِبت إياه؟
أنا لا أعرفني!
كيف نقشت سنوات العمر داخل قلبي حفرًا بالفحم على لوح من الخشب.
تكالبت سنوات العمر على رسم لوحة ما عادت تروقني.
ما يحفره الزمن على لوح خشبي لا تستطيع أن تزيله. تظل آثار الندوب على الخشب لا يَمحي أثرها سوى ندوب غيرها.
أين تلك الطفلة الندية الحيية الذكية التي طالما أبهرت الحب نفسه بقلبها؟
ما عدت أعرفني وما عاد ما أراه يعجبني.
هناك قلوب لا تنسى تحمل ذاكرة لا تبلى، تظل تحمل أوجاعها مادامت تمضي على الطريق.
إنهم أناس يقال لهم المرهفين؛ لا يتحملون أوجاع الآخرين، هم دواء لكل من احتاج. يتألمون في صمت، لو اضطلعت داخل قلوبهم لهالك ما تراه تقف مذهولاً أمام إرادة التكتم على الوجع.
أفئدتهم تحمل على جناح طير، كلما زاد حمل القلب يسقط ليلتقطه طير آخر ويستمر العمر بهم إلى أن يهترئ القلب.
ترقيع الثوب لا يجعله لائقًا لملبَسك فما بالك بترقيع القلب.
أنت بلا شك تعرفت على ذوي القلوب الحساسة فإذا مررت عليهم ربتّ على كَتِفهم؛ لا يحتاجون سوى يد واحدة حانية تقيم روحهم.
تعلم أن تنظر داخل القلوب وليس حولها؛ أن ترى قاع قلبي هو درب من الخيال فقد لا أراه أنا نفسي؛ أن ترى لون روحي هو ما أطلبه وأتمناه.
ليس تكتمًا ولا أسعد بانغلاقي لكن كيف عساه قلبًا كل حناياه متاهة غير متاحة ولو حتى لنفسي.
أن أطلب منك أن تشعر بي.. لن يحدث، لكني أتمنى أن تتفهمني ولا تقف حاجزًا بيني وبين روحي.
أنا أتنفس من قلبي، أفكر بقلبي وأمضي على هذا الدرب منذ شعرت بنبضه ولا حيلة لي في هذا. هكذا خلقت وعلى ذلك سأموت.
إن أردت يومًا مصاحبتي فعليك أن تتعلم أن تصاحبني معروفًا، أن أراك جانبي متاحًا إذا احتجتك.. واعلم جيدًا أني لن أطلب!
يوم أصرح بما أريد فلتسمعني، بعدك يذيب قلبي يعتصر روحي، ما أنا على السؤال بقادرة.
لا تنظر سوى لقلبي لتراني ولا تحمله ألمًا فعَصفي بك سيكون دمار لا يخيب.
صاحبني على عيبي وترفّق بروحي واذكرني دومًا حين يحين الحديث عن الطيبين.
أبصرني بعيني فربما يأتي عليّ يوم يرتاح قلبي؛ يومًا أصررت أنت أن تقيم مودته.
التعليقات