جراب دونالد ترامب مازال ملئ بالحيل والمفاجأت التى يجب ألا ننظر اليها بسطحية؛ وخاصة العفو عن بول مانافورت وروجر ستون ؛ والذى أنهى به الرئيس دونالد ترامب حملة استمرت أربع سنوات لاستخدام مكتبه للتغطية على أخطائه في فضيحة ترامب وروسيا؛ فهجوم فلاديمير بوتين على انتخابات عام 2016 كان هدفه مساعدة ترامب على الفوز بالبيت الأبيض ؛فبينما أنكر ترامب أن الهجوم كان حقيقيًا ، سعى في الوقت نفسه إلى استغلال عملية موسكو لتحقيق مكاسب سياسية ؛ وبالتالى يمكن تفسير العفو على أنه الورقة الأخيرة لمنع هذه الفضيحة؛ ولإخفاء أشياء تدين ترامب.
وستون ومانافورت لم تكن التغطية الوحيدة التى يحاول بها النجو من المسائلة القانونية بعد ذلك؛ ولكنهما جاءا من بين 26 قرارًا بالعفو، أختص فيه ترامب بالإعفاء عن أصدقاء حلفائه الأقوياء والمتصلين ، ووالد صهره ، أعضاء الكونجرس الجمهوريين السابقين ؛ ومع ذلك يبقى مانافورت وستون في مكانة خاصة؛ لإن العفو الذي صدر عنهما جزء من حملة ترامب للانتقام من المستشار الخاص روبرت مولر وتحقيقاته التي تحدثت بالتفصيل عن الهجوم الروسي الذي ساعد ترامب على الفوز ، والذي أدى إلى إدانات جنائية لمساعدي ترامب ، وهى أدلة يمكن القول تؤكد إن ترامب أعاق العدالة؛ الى جانب أن العفو يهدف إلى مساعدة ترامب نفسه؛ لأن تورط كل من ستون ومانافورت في فضيحة روسيا في عام 2016 يشير الى تورط ترامب نفسه.
وكلنا يعلم أن ستون روج للقصة الكاذبة بأن موسكو لم تكن وراء التسريبات التي استهدفت الحزب الديمقراطي وحملة هيلاري كلينتون ، حيث حاول ترامب استخدامه لجمع معلومات داخلية عن عملية ويكيليكس - روسيا.
وطوال الحملة ، بينما كانت مانافورت على اتصال سري مع " كونستانين كيليمنيك" ، الذي تم وصفه بـ "ضابط المخابرات الروسي" في تقرير صدر مؤخرًا عن لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ. وأشار هذا التقرير إلى أن كيليمنيك "ربما كان على صلة بعملية اختراق وتسريب المخابرات الروسية التي ت انتخابات الولايات المتحدة لعام 2016" .
وبذلك يكون كبار مساعدي ترامب جزءًا من الأعمال الروسية. ولكنهم كذبوا لاحقًا على المحققين أو رفضوا التعاون معهم؛ بل وأخفوا المعلومات عن النيابة العامة والجمهور؛ وبالتالى كافأهم ترامب بالعفو. وبالأخص أن حملة ترامب 2016 أعتبرت ستون بمثابة "نقطة وصول" إلى ويكيليكس ، وهو ذكره ستيف بانون ، مساعد ترامب الكبير السابق ، الذي أدلى بشهادته خلال محاكمة ستون لعام 2019. فخلال الانتخابات ، أعطى ستون حملة ترامب إشعارًا مسبقًا بينما كان موقع ويكيليكس يستعد لإلقاء رسائل البريد الإلكتروني التي سرقها عملاء روس من حملة كلينتون والديمقراطيون ونقلوها إلى مجموعة الشفافية. وكان يُنظر إليه ضمن المستويات العليا من الحملة على أنه عميل ترامب الذى يمكنه جمع معلومات داخلية من ويكيليكس يمكن لفريق ترامب استغلالها.
الطريف أن ستون في المحاكمة وصف نفسه بأنه محتال قذر ، كان يتشاور بانتظام مع ترامب خلال الحملة الانتخابية؛ بالطبع أدين ستون بالكذب على الكونجرس ، وعرقلة تحقيق في الكونجرس ، وحُكم عليه بالسجن لمدة 40 شهرًا. ولكن ترامب خفف العقوبة قبل أن يبدأ ستون في تنفيذها.
الى جانب أن مانافورت ، الذي حُكم عليه بالسجن سبع سنوات في عام 2018 أدار عرقلة العدالة والاحتيال الضريبي والبنكي وانتهاك قوانين الضغط الأجنبية ، مما ساعد حملة ترامب من أواخر يونيو إلى منتصف أغسطس 2016.
ومن خلال منصبه ظل يراقب تفاعلات ستون مع ويكيليكس ؛ في الوقت نفسه ، كان على اتصال مستمر مع كيليمنيك. لأسباب لا تزال غامضة ، أعطى مانافورت بيانات استطلاعات الرأي لتمريرها إلى الأوليجارشية الأوكرانية والروسية(رجال الأعمال في الجمهوريات السوفيتية السابقة الذين تربحوا علي الثروة بسرعة خلال عصر الخصخصة الروسية وأشهر هم في عصر بوتين رومان أبراموفيتش ، ألكسندر أبراموف ، ، ميخائيل بروخوروف ، أليشر عثمانوف ، جيرمان خان) ، وبما في ذلك أوليج ديريباسكا ، قطب الألمنيوم الروسي المقرب من بوتين. وفى الحقيقة إن وصول مانافورت واستعداده لمشاركة المعلومات مع أفراد مرتبطين بشكل وثيق بأجهزة المخابرات الروسية ، ولا سيما كليمنيك وشركاء أوليج ديريباسكا ، مثل تهديدًا خطيرًا لمكافحة التجسس عند الأمريكان . بل ان هناك مايؤكد من ضغط كليمنيك على مانافورت لإقناع ترامب بدعم خطة من شأنها أن تمنح بوتين سيطرة فعلية على جزء كبير من شرق أوكرانيا ، التي غزتها روسيا 2014؛ ويقال أن هناك رسالة بريد إلكتروني من كليمنيك الى مانافورت بأن الخطة تحتاج فقط إلى "غمزة طفيفة جدًا من دونالد ترامب لكي تنجح" .! واذا صحت تلك الرسالة فهى بمثابة المشهد الأول فى فيلم أمريكى ينتج لاحقا لكشف فضائح ترامب مع الروس.
التعليقات