إن جميع العمليات التي يؤديها الجسم تتعلق بشكل أو بآخر بالجهاز العصبي؛ فهو يتحكم بعمليات التنفس، ودقات القلب، وحركة الجسم، بالإضافة لكل ما يخص الذاكرة، والكلام، والتفكير، والتعلم، وتجدر الإشارة إلى أن الجهاز العصبي يتكون من جزأين أساسيين؛ أما الجزء الأول فيتمثل بالجهاز العصبي المركزي (Central Nervous System) المكون من الدماغ والحبل الشوكي (Spinal Cord)، وأما الجزء الثاني فيتمثل بالجهاز العصبي الطرفي (Peripheral Nervous System) الذي يشكل الأعصاب الواصلة بين مختلف أجزاء الجسم، وفي الحقيقة يتم نقل المعلومات أو الإشارات بين أجزاء الجسم عن طريق خلايا عصبية تسمى عصبونات (Neurons)، إذ تتواصل هذه الخلايا مع بعضها البعض عن طريق مواد كيميائية تسمى بالنواقل العصبية (Neurotransmitters)، وتنتقل هذه المواد الكيميائية من عصبون إلى الذي يليه حتى تصل المعلومة من الدماغ أو النخاع الشوكي إلى الجزء أو العضو المطلوب من الجسم، وبالطريقة ذاتها تعود الرسائل العصبية من أعضاء الجسم إلى الدماغ أو النخاع الشوكي.
كيفية المحافظة على صحة الجهاز العصبي وسلامته
نظرًا لأهمية الجهاز العصبي في جميع وظائف الجسم المختلفة، فمن المهم جدًا اتباع أسلوب حياة مناسب للحفاظ على صحته وعمله، وفيما يأتي بيان لبعض النصائح والإجراءات التي يمكن اتباعها في سبيل المحافظة على صحة الجهاز العصبي وسلامته:
- ممارسة التمارين العقلية؛ كالأحجيات والألعاب العقلية المهمة لتدريب الذاكرة، وتنمية مهارات التفكير، فالتمارين العقلية لا تقل أهمية عن التمارين والأنشطة الرياضية التي تحتاجها العضلات.
- النوم لساعات كافية في الليل؛ وأخذ قسط جيد من الراحة، فذلك مهم جدًا لعمل الدماغ بشكل سليم.
- محاولة تقليل التوتر؛ وذلك من خلال ممارسة التمارين الرياضية، وأخذ استراحة من الضغوطات، وممارسة اليوجا، وغيرها.
- عدم البقاء بدون أكل أو غذاء لفترات طويلة؛ فالسكر أو الجلوكوز هو الغذاء الأساسي للخلايا العصبية، لذلك فإن حرمان الجسم منه من الممكن أن يؤدّي الى تثبيط عمل الجهاز العصبي.
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، مع الحرص على تناول الأغذية الغنية بأحماض أوميجا 3 الدهنية (Omega-3 fatty acids)؛ كسمك السالمون، والتونا.
- تناول الفيتامينات والمكملات الغذائية اللازمة لصحة الجهاز العصبي؛ مثل فيتامينات B12، وB6، وB1، بالإضافة إلى فيتامين D، وفيتامين E، والزنك، حيث إن نقص هذه الفيتامينات قد يكون سببًا في الإصابة بالآلام العصبية (Neuropathic pain).
اضطرابات وأمراض الجهاز العصبي
تعتمد مشاكل الجهاز العصبي على الجزء المصاب من الجهاز العصبي وسبب الإصابة، كما تختلف عن بعضها بمدى ومعدل تطورها؛ فبعضها يتطور بشكل بطيء كما في حال الإصابة بالداء التنكسي (Degenerative disease)، وبعضها الآخر يتطور بشكل سريع ومفاجئ فيما يعرف بالأمراض الحادة، والتي تختلف أيضًا باختلاف حدتها، وفي ما يأتي أمثلة على بعض هذه الاضطرابات والمشاكل:
الإصابة بالعدوى:
مثل العدوى التي تصيب الدماغ، وتعرف طبيًا بالتهاب الدماغ (Encephalitis)، أو العدوى التي تصيب الغشاء المحيط بالدماغ والنخاع الشوكي، وتعرف بالتهاب السحايا (Meningitis).
مشاكل الأوعية الدموية:
كنوبة نقص التروية العابرة (Transient ischemic attack) أو السكتة الدماغية (Stroke)، وتعتبر هذه المشكلة من الاضطرابات الحادة التي قد تصيب الجهاز العصبي، وتتسبب بظهور العديد من الأعراض؛ كالتنميل، والضعف أو الشلل في أحد أجزاء الجسم، وظهور مشاكل في الرؤية أو فقدانها في بعض الحالات، كما قد تؤدي إلى اضطرابات في التفكير، والتحدث، والوعي العام للشخص المصاب، وغيرها من الأعراض.
الدوار:
يعتبر الدوار من مشاكل توازن الجهاز العصبي، وهناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى ذلك: كالجفاف، والتوتر، ومشاكل الأذن الوسطى، وضغط الدم، وتجدر الإشارة إلى أن الشعور بالدوخة قد يكون عرضًا جانبيًا لبعض الأدوية.
الصرع (Epilepsy):
وهو مرض مزمن يتسبب بحدوث نوبات من تشنجات عضلية يصاحبها فقدان جزئي أو اختلاف في درجات الوعي، وينتج هذا المرض بسبب حدوث اضطرابات في عمل الخلايا العصبية أو العصبونات، وترتبط الإصابة به بالعديد من الأسباب منها الجينات، وبعض الأورام، بالإضافة الى وجود أضرار في خلايا الدماغ، ويكون علاج الصرع باستخدام بعض الأدوية التي تخفف غالبيتها من ظهور النوبات، بالإضافة إلى الالتزام بنظام غذائي غني بالبروتينات والدهون، ومنخفض الكربوهيدرات، وهو ما يعرف بالنظام الغذائي الكيتوني (Ketogenic Diet)، كما ينصح المريض بالابتعاد عن المؤثرات التي قد تسبب ظهور النوبات؛ كالأضواء الساطعة، والتوتر، وقلة النوم.
مرض باركنسون:
أو ما يُعرف بالشلل الارتعاشي (Parkinson's disease)؛ وهو مرض تنكسي يصيب الجهاز العصبي نتيجة موت الخلايا العصبية أو العصبونات، يؤثر مرض باركنسون في التنسيق الحركي لدى الشخص المصاب، وتظهر أعراضه على شكل ارتعاشات واضطرابات عند الوقوف والمشي، كما أنه قد يتسبب باضطرابات إدراكية، وعادة ما تتأخر الإصابة به لما بعد سن الخمسين، وتجدر الإشارة إلى عدم وجود علاج نهائي لهذا المرض حتى الآن، ويقتصر العلاج على تخفيف الأعراض المصاحبة له.
مرض التصلب المتعدد:
أو التصلب اللويحي (Multiple Sclerosis)؛ وهو مرض مناعي يؤثر في الخلايا العصبية الموجودة في الدماغ والنخاع الشوكي، ويسبب خللاً في انتقال الإشارات العصبية من الجهاز العصبي إلى أعضاء الجسم، ونتيجة لهذا الخلل يمر المريض بنوبات من الأعراض قد تستمر لأيام أو لأشهر، ومن الأعراض التي قد يعاني منها المريض: التشنجات، واختلال التوازن، وظهور مشاكل في التبول وعملية الإخراج، كما قد يصاب المريض باضطرابات في الرؤية والتفكير.
مرض ألزهايمر:
أو الخرف الكهلي (Alzheimer's Disease)؛ وهو مرض تنكسي مزمن، يسبب اضطرابات في الدماغ، وفقدان مستمر في الذاكرة، والقدرة على أداء النشاطات اليومية، ويتفاقم وضع المصاب مع تقدم الوقت، وتجدر الإشارة إلى توفر العديد من العلاجات التي تقلل من سرعة تقدم هذا المرض.
التعليقات