(قدوتي في الكفاح والعمل ،ومعلمي الأول)،بهذه الكلمات النابضة بالحب والوفاء والعرفان بالجميل ،نعى اللاعب المصري "محمد أبو تريكة" والده الذي وافته المنية اليوم الأحد في مسقط رأسه بمدينة "ناهيا" بمحافظة الجيزة ،مبتهلا إلى الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته ،وأن يسكنه فسيح جناته، وبالفعل لا يملك اللاعب الموهوب لأبيه القدوة والمعلم إلا هذه الدعوات ،أما أن يحضن اللاعب جسد أبيه المسجى ،وأن يلقي عليه نظرات الوادع أمربات صعب المنال ،إذ حال دون ذلك قرار جائر وصادم من حكومة بلاده التي أدرجته على لائحة الإرهاب بدون دليل ولا برهان ،.
الوالد المناضل..
توفي والد "أبو تريكة" ،الذي طالما رأى العمل جزءا أساسيا من حياة الإنسان لا يمكن التفريط فيه ، بل وشرف المرء أيا كانت نوعية هذا العمل ،وبهذه الرؤية الكفاحية لم يفكر الوالد أبدًا في ترك العمل والبقاء بالمنزل ،رغم تقدمه بالسن ومعاناته من بعض الأزمات الصحية، ورغم إلحاح أبناءه -وعلى رأسهم أبو تريكة- بأن يترك العمل ويخلد إلى الراحة في منزله، بعد سنوات الشقاء التي قضاها من أجل بناء أسرته.
ومن تحت عباءة هذا الوالد المناضل، خرج اللاعب الإنسان صاحب الإداء الرائع، والقيم الرفيعة داخل المستطيل الأخضر وخارجه ؛ليسطع نجمه في سماء المجتمع المحلي والدولي رمزا كرويا وإنسانيا، حتى بات ملقبا بـأمير القلوب.
ضربة البداية والإنجازات..
بدأ اللاعب المصري "محمد أبو تريكة" الذي ولد في السابع من نوفمبر عام 1978 بمحافظة الجيزة لأسرة متواضعة، وتخرج في كلية الآداب قسم التاريخ بجامعة القاهرة، بدأ مسيرته الكروية من نادي الترسانة المصري، الذي انضم إليه كناشئ، ثم انتقل للفريق الأول بالنادي وقاده للصعود للدوري المصري الممتاز.
ثم فتحت لـ"أبو تريكة" أبواب الشهرة والنجومية ،بانتقاله إلى الأهلي المصري عام 2003، وقيادته هذا الفريق إلى منصات التتويج بالعديد من البطولات ،من بينها برونزية كأس العالم للأندية عام 2006، ولقب دوري أبطال أفريقيا خمس مرات، وكأس السوبر الأفريقي أربع مرات، ولقب الدوري المحلي سبع مرات، وكأس مصر ثلاث مرات، وكأس السوبر المحلية أربع مرات.
وفي عام 2012، انتقل "أبو تريكة" الذي يشبه كثيرون طريقة لعبه بالنجم الفرنسي "زين الدين زيدان" لنادي "بني ياس" الإماراتي على سبيل الإعارة، وقاده للحصول على لقب بطولة الخليج للأندية للمرة الأولى في تاريخ النادي.
وعلى المستوى الدولي، انضم أبو تريكة، الملقب بـ "الماجيكو"، لمنتخب مصر عام 2004 وقاد الفراعنة للحصول على بطولة كأس الأمم الأفريقية عامي 2006 و2008. كما شارك في بطولة كأس العالم للقارات عام 2009، التي فازت فيها مصر على إيطاليا بطل العالم آنذاك، وقدمت مباراة قوية أمام منتخب البرازيل رغم خسارتها بأربعة أهداف مقابل ثلاثة، كما توج "أبو تريكة" بلقب أفضل لاعب محترف داخل القارة الأفريقية عاميْ 2008 و2012، وتميز بأسلوب لعبه النظيف ،إذ لم يحصل على أية بطاقة حمراء طوال تاريخه الطويل في عالم كرة القدم، الذي كانت حصيلة ركضه في ملاعبه أكثر من 144 هدفا ،
اللاعب الإنسان..
ولم يتربع أبو تريكة في قلوب الملايين ،ولم تعلو مكانته في قلوب العرب بإنجازاته الكروية فقط ،بل بتضامنه أيضا على أرض الملعب مع قطاع غزة المحاصر الذي يعاني من عدوان الاحتلال الإسرائيلي، حيث أظهر على قميصه شعارا للتضامن مع غزة بعد تسجيله هدفا في إحدى المباريات، وعند وقوع مذبحة "بورسيعد" في حق مشجعي الأهلي عام 2012 ومقتل أكثر من سبعين شخصا، عبر أبو تريكة عن تضامنه الكامل مع الضحايا وأهاليهم، .
ولكن الصادم والمغاير لهذه المسيرة الحافلة بالإنجازات ،أن محكمة جنايات القاهرة أدرجت في أواخر يناير 2017، وأثناء تواجد النجم المصري "محمد أبو تريكة" في قطر ،حيث كان يعمل محللا بقناة "بي أن سبورت" الرياضية، أدرجته ضمن قوائم المنظمات والشخصيات الإرهابية، بتهمة المساهمة في تمويل جماعة الإخوان المسلمين ،الأمر الذي منعه قهرا من أن يشيع قدوته ومعلمه إلى مثواه الأخير.
التعليقات