شهدت ندوة "تحديات السينما المصرية"، التي انعقدت ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 39، خلافات عديدة فى وجهات النظر، خاصة فيما يخص دور وزارة الثقافة، ومن ثم الدولة فى أزمة السينما.
وحضر الندوة عدد كبير من صناع الفن السابع، منهم السيناريست مدحت العدل، ومستشار وزير الثقافة خالد عبد الجليل، والمنتجين جابي خوري، وحسين القلا، وحسام علوان، والموزع أنطوان زند، والمخرجين طارق العريان، وشريف البنداري، ومجدي أحمد علي، ودكتور عمرو شكري، بإدارة الناقد السينمائي خالد محمود.
وجه السيناريست مدحت العدل، اللوم للدولة على عدم مساندتها للسينمائيين بالدرجة الكافية، قائلا: "ظلت السلطة 30 عاما وأكثر تنظر للسينما على إنها نوعاً من اللهو، وأن السينمائيين مجرد مشخصاتية، وما وصل له حال السينما المصرية، هو نتاج إهمال عمره أكثر من 40 عاماً، وعندما جاء الرئيس السيسي لسدة الحكم اجتمع مع الفنانين وكان هناك إدارك حقيقي للقوة الناعمة لمصر، ولكن مع الأسف حضرت الكثير من الاجتماعات والمؤتمرات التي تتناول حال السينما، ولم تخرج إلا عن كونها شو إعلامي فقط أكثر منها رغبة حقيقية في حل للأزمة".
وأضاف: "بذلت جهودا كبيرة لإغلاق قنوات بئر السلم، والتي تتسبب في انهيار الصناعة بعرضها للأفلام بعد سرقتها، وأعطيت كل المعلومات للجهات المعنية التي اكتشفت لاحقاً أن لا حيلة لها ولا تستطيع فعل أى شئ".
وأكد أنه في مؤتمر الشباب تحدث أمام الرئيس عن أزمة السينما المصرية، والذي أمر يضرورة توفير كل الدعم اللوجستي للسينمائيين، رغم أن الدعم المادي مهم للغاية ومطلوب، ولابد أن تعي الدولة ضرورة السينما، وإنها خط الدفاع الأول عن مصر.
ودافع مستشار وزارة الثقافة لشئون السينما االدكتور خالد عبد الجليل عن الوزارة، قائلا: "وزارة الثقافة ليس في يدها شيئا تقدمه، فقد ظللنا على مدار عدة حكومات متتابعة نشكل لجان تبحث حلولا للأزمة، حيث شكلنا لجنة عليا بها مندوبين عن صناع السينما المصرية، وآخرهم اجتماعا، حضره 6 وزراء برئاسة رئيس الوزراء شريف إسماعيل، وتم تقديم ورقة تلخص الأزمة في نقاط، واقتراحات بالحلول، فيما يتعلق بتسهيل تصوير الأفلام الأجنبية في مصر والرقابة والقرصنة وميكنة التذاكر".
وأضاف، "وزارة الثقافة ليس لها أي علاقة بالأمر لإنها وزارة خدمية، وحلول الأزمات في يد وزارة المالية التي لا ترسل الأموال اللازمة، وفي يد وزارة الاستثمار ووزارة التخطيط، ومع الأسف التنفيذ على أرض الواقع أمر صعب للغاية، بسبب الروتين الحكومي الصعب والمعطل والوزارات التي لا تنفذ قرارات مجلس الوزارء وكذلك المحافظين".
ودخل المخرج مجدي أحمد فى نقاش حاد، وقال: "الدولة تنظر للسينمائيين إنهم غير مهمين، على الرغم ان الفكر والثقافة، هما خطا الدفاع الأول عن البلد ضد الإرهاب الحادث، فمثلاً عندما كنت رئيساً لمركز القومي للسينما، كان هناك مبلغ مرصود من فرنسا لإنشاء السينماتيك المصري، ولكن بسبب الاجراءات الحكومية والروتين، فإن فرنسا سحبت التمويل لعدم إنشاءه طيلة مدة منصبى، وعندما غادرت المنصب تحدثت مع محمد صابر عرب، وكان وقتها وزيراً للثقافة بضرورة الاهتمام بالمسألة".
ونبه مجدي إلى ضرورة زيادة دور العرض في مصر، وقال: "هناك غياب كامل لدور العرض في بعض المحافظات، فلماذا لا نفعل كما فعلت الصين عندما أنشأت 10000 دار عرض في سنة ليصبح المجمل 40000 دار عرض، فلماذا لا يتم إتخذا قرار بتحويل الـ 450 قصر ثقافة في مصر إلى دور عرض وامدادهم بالدعم اللوجستي البسيط؟".
وانتقد أداء وزراء الثقافة، وقال "لا أتفق مع خالد عبد الجليل أن وزارة الثقافة غير معنية، فهي في لب الموضوع جداً، لإن وزير الثقافة لابد وأن يحارب من أجل السينما ويقنع الدولة (لو بالعافية) بضرورة حل المسألة وتنفيذ الاقتراحات المقدمة".
واقترح المنتج حسين القلا، ضرورة تكوين إتحادات من جانب السينمائيين، الأول يضم الموزعين والثاني يضم المنتجين والثالث أصحاب دور العرض، كي تعرف الدولة من تخاطب في وجود أزمة معينة، حيث قال: "اختلف مع السابقين، لأني أرى أن الدولة مهتمة للغاية بالسينما، ولكن وقت الجد من تخاطب ولمن تتوجه بالكلام، ورغم ان اقتراحاتي قد تستغرق وقتاً طويلاً إلا أنها ضرورية".
وأكد المنتج جابي خوري، أن الفيلم المصري حقق في عام 2016 بجميع دور العرض المصرية مبلغ 8 مليون دولار فقط، واصفاً إياه بـ"الكارثة التي لا يحققها مصنع لإنتاج السكر في شهر"، وقال "لابد أن نبحث عن حلول سريعة ندعم بها هذه الصناعة ونسرع خطاها، رغم أن الاقتراحات المقدمة رائعة، ولكنها تعد خططا على المدى البعيد، ونحن الآن في حاجة ماسة لتسريع العملية، ففي بولندا الفيلم يحصد ايرادات 258 مليون دولار في العام، وفي كوريا يتحقق ايراد 440 مليار دولار".
أما المخرج طارق العريان، فقال: "عرض هذا العام 40 فيلماً، ولكن الواقع أن 5 منهم فقط من حصد ايرادت، وهذه كارثة حقيقية، فالإنتاج قل للغاية والفيلم المصري فقد انتشاره في الوطن العربي، فضلاً عن قلة جودته وإغراقه في الأفكار شديدة المحلية، وأصبح السينمائيون يخشون من تواجد الفيلم الأجنبي والذي إذا واجه المصري سيكتسحه".
وحذر دكتور عمرو شكري، خبير القرصنة وحماية حقوق الملكية الفكرية من تنفيذ هذه الاقتراحات - إذا نفذت أصلاً - في ظل عدم وجود غطاء قانوني يحميها ويقننها، وقال: "صحيح أنه في أمريكا 6 منتجين كبار يتحكمون في السوق، ولكنهم في ذات الوقت وضعوا تشريعات قانونية يعملون في إطارها".
التعليقات