يحتوي كتاب التاريخ الفني لمصر على شخصيات لا تنسى تركت بصمات لعشرات السنين بعد وفاتها، كان لمحمد الموجي نصيبا كبيرا في صفحاته، فهو يعد واحداً من أبرز الأسماء التي لمعت في سماء الموسيقى العربية بعد ثورة يوليو 1952، حيث قدّم بصمات فنية خالدة تجاوزت حدود الزمن والجغرافيا.
بفضل موهبته الفذة وإبداعه الموسيقي، استطاع الموجي أن يجدد في ألحان الأغاني العربية، ليترك لنا إرثاً فنياً ثرياً يتجاوز 1800 لحن. هذا التقرير يستعرض جوانب مختلفة من حياة الموجي، إنجازاته، وتعاونه المثمر مع كبار نجوم الغناء العربي مثل عبد الحليم حافظ وأم كلثوم، بالإضافة إلى إسهاماته الموسيقية مع فنانين آخرين. من خلال هذا التقرير، سنلقي الضوء على رحلة الموجي الفنية وإرثه الموسيقي الذي لا يزال ينبض بالحياة حتى يومنا هذا.
بدايات محمد الموجي
ولد محمد أمين محمد الموجي في 4 مارس 1923 ببيلا في محافظة كفر الشيخ. نشأ في عائلة موسيقية حيث كان والده عازفًا على الكمان والعود، مما جعله يتقن عزف العود في سن مبكرة. حصل على دبلوم الزراعة عام 1944، ولكنه اختار طريق الفن، ليبدأ مشواره الفني بالعزف على العود في فرق موسيقية مثل فرقة (صفية حلمي) وفرقة (بديعة مصابني)، قبل أن يتجه إلى التلحين عبر الإذاعة في عام 1951.
اللقاء مع عبد الحليم حافظ
شكلت أغنية "صافيني مرة" التي غناها عبد الحليم حافظ نقطة انطلاق للموجي في عالم التلحين. تميزت علاقتهما بالتعاون المثمر، حيث قدما معًا حوالي 54 أغنية عاطفية ووطنية ودينية، بإجمالي 88 لحنًا. تضمنت هذه التعاونات أعمالاً خالدة مثل "رسالة من تحت الماء" و"قارئة الفنجان" من كلمات نزار قباني، والتي تُعتبر من أجمل ما غنّى عبد الحليم.
التعاون مع أم كلثوم
كان للموجي دور كبير في مسيرة كوكب الشرق أم كلثوم، حيث التقيا في عدة أغانٍ مشهورة مثل "للصبر حدود" و"اسأل روحك". كما لحن لها أغاني وطنية عدة منها "يا صوت بلدنا" و"أنشودة الجلاء"، مسهمًا بذلك في إثراء الإرث الموسيقي لأم كلثوم.
محمد الموجي وحديث عن ألحانه لأم كلثوم by Ahmed Essam | Listen online for free on SoundCloud" src="https://i1.sndcdn.com/artworks-000570631499-5e08dj-t500x500.jpg" />
إسهاماته مع فنانين آخرين
لم تقتصر إسهامات الموجي على أم كلثوم وعبد الحليم، بل شملت أيضًا العديد من الفنانين الكبار مثل فايزة أحمد، حيث قدّم لها أغاني شهيرة مثل "أنا قلبي إليك ميّال" و"ياما القمر ع الباب". كما تعاون مع وردة الجزائرية في أغانٍ مثل "أحبها" و"مستحيل"، وهو مكتشف المطرب هاني شاكر.
الإرث الموسيقي
تعاون الموجي مع شعراء وملحنين كبار مثل مرسي جميل عزيز وعبد الفتاح مصطفى، وقدم أعمالاً متميزة لمطربين آخرين مثل شادية ومحرم فؤاد ونجاة الصغيرة وسميرة سعيد. تميزت ألحانه بالابتكار والتجديد، مما جعله رمزًا من رموز الموسيقى العربية.
العندليب لسلم المجد | بوابة أخبار اليوم الإلكترونية" src="https://images.akhbarelyom.com/images/images/medium/20210304182914170.jpg" />
العندليب يحبس الموجي
تروي ابنته غنوة الموجي حادثة طريفة حول حبس عبد الحليم حافظ لوالدها في منزله من أجل إنهاء لحن أغنية "قارئة الفنجان".
وقالت في لقاء تليفزيوني: "بالفعل حصل إن بابا اختفى كام يوم، وماما قالت عبد الحليم اللي هيقولي هو فين؟، واتصلت بعبد الحليم وسألته عن بابا وقالت له الموجي فين؟، قالها : محبوس، ردت عليه وقالت له وأنت سايبه محبوس يا حليم!، وسألته هو عمل ايه عشان يتحبس؟، وقال لها مهو عشان معملش اتحبس"، ورغم هذا، ظل الموجي مخلصًا لفنه، حيث كان يتردد على عبد الحليم لمدة أربع سنوات حتى انتهى من اللحن.
محمد الموجي ترك بصمة لا تُنسى في عالم الموسيقى العربية، بإبداعاته وألحانه التي تظل خالدة في ذاكرة الفن العربي. توفي في 1 يوليو 1995، تاركًا خلفه تراثًا موسيقيًا قيمًا ومُجدِدًا.
التعليقات