يمكنك بسهولة أن تجد الإجابة على ذلك السؤال الذي يبدو في ظاهره صعبا إذا علمت أن تلك البلدان كانت تعاني ومازال بعضها يعاني مما عانته وتعانيه فلسطين وباقي أنحاء الوطن الكبير سابقا ولاحقا ..
أفيش الفيلم الفنزويلي
و منذ كفاح الجنرال ” سيمون بوليفار ” و نضالاته ، و مرورا ب ” إرنستو تشي جيفارا ” و ” فيديل وراؤول كاسترو ” ، و ليس إنتهاء ب ” هوجو تشافيز ” و ” نيكولاس مادورو ” .. و الحروب الضروس التي شنتها و تشنها ضدهم قوى الإمبريالية العالمية لم تتوقف و لا ينتظر أن تتوقف في المستقبل القريب ، و قد ذاقت تلك الشعوب من ذات الكأس التي شرب منها الشعب الفلسطيني و الوطن الكبير لذا يمكننا أن نتصور دوافع موقفهم النبيل ..
ولا تتعجبوا إن قلنا أن المهرجانات الجادة على غرار مهرجان الفنون الملتزمة “بدائل” يمكنها أن تفسر للجمهور العربي لماذا تتعاطف تلك الشعوب المناضلة البعيدة مع قضايانا العادلة من خلال عمل درامي ذو صبغة تاريخية .. ، فبعد أن تعرفنا من خلال مشاهد تسجيلية قصيرة على طريقة سير العمل على كافة الصعد في المسرح الوطني التقدمي الفنزويلي..بما في ذلك مختلف التدريبات على فنون الأداء و مهاراته
.. كان لنا موعد مع فيلم “Azu” الفنزويلي قدمه لنا “كارلوس أرورو” مدير المسرح الوطني التقدمي الفنزويلي الذي تناول خطف أبناء إفريقيا السمراء و جلبهم من بلادهم ليصبحوا عبيدا في مزارع الأمريكتين يتعرضون لكافة أنواع التعذيب الوحشي و الإضطهاد بما في ذلك إغتصاب النساء و توق هؤلاء المعذبين إلى الإنعتاق و الحرية و العودة إلى ديارهم و لو كلفهم ذلك الأمر حياتهم ..
لقطة لبطلة الفيلم الفنزويلي Azu
فيلم يطرح مفاهيم العدل و الحرية و القيم الإنسانية النبيلة من خلال لغة سينمائية راقية و متطورة مع ذكاء و حرفية واضحة من المخرج في توظيف حجم اللقطات و إدارة الممثلين الذين قدموا أداء متميزا للغاية كانت محصلته عمل بديع ومؤثر لغته السينيمائية مغايرة لما تعود عليه الجمهور في مدرسة السينما الهيليودية التي أوصلت الحمهور لإدمان نفايات السينما الأمريكية الكاذبة التي تنتصر لقيم الرأسمالية في أبشع صورها من خلال تسليع كل شئ و تعظيم قيم الوحشية و سفك دماء المستضعفين التي تحول القتلة إلى أبطال .. و الضحايا من أصحاب الحق و الأرض إلى إرهابيين و مجرمين في تزييف واضح للحقائق و قضايا البسطاء العادلة ..
د/محمود الماجري
و بعد إستراحة قصيرة إستمتع جمهور مهرجان “بدائل” بفيلم تسجيلي ” كوبي ” عن الزعيم الكوبي الشهير ” فيديل كاسترو ” و نضالاته من أجل الإرتقاء بدولة “كوبا” في كافة المجالات و وضعها على طريق التقدم من خلال الإهتمام بالمجتمع الذي عانى طويلا من حكم الطاغية ” باتيستا ” عميل قوى الإمبرايالية ..
السيدة / مريم مارتينيز .. سفيرة كوبا في تونس .. خلال فعاليات مهرجان الفنون الملتزمة “بدائل”
كانت النكهة التقدمية اللاتينية أكثر وضوحا صباح ثاني أيام مهرجان “بدائل” الذي حرص سفيري كوبا و فنزويلا على المشاركة فيه حيث حضرت السيدة / مريم مارتينيز .. سفيرة كوبا .. ، و السيد/ كارلوس إسيفيدو .. سفير جمهورية فنزويلا البوليفارية .. اللذان حرصا على التأكيد على موقف بلديهما من الدعم الكامل و الإنحياز غير المشروط للقضية الفلسطينية و الشعب الفلسطيني المقاوم في غزة و الضفة الغربية ، و كافة القضايا الإنسانية العادلة للشعوب التي تعاني من وطأة قوى الإستعمار ..
كما كان جميلا و لافتا تلك التحية التي وجهتها السيدة /أليدا جيفارا .. كريمة المناضل الكبير و قديس كفاح الشعوب المقهورة ” إرنستو تشى جيفارا ” .. و التي أعلنت فيها دعمها لمهرجان ” بدائل ” موجهة تحية حارة لجمهوره و المشاركين فيه ..
– إزدادت فعاليات مهرجان “بدائل” زخما تناسب عكسيا مع الطقس شديد البرودة في الكاف و كلما غلب الزمهرير القارس على الطقس ليلا و تكاثف هطول الأمطار كلما أصبحت فعاليات المهرجان أكثر دفئا أو بالأحرى سخونة و أصبح إقبال الجمهور أكبر ، و إرتفع عدد الساهرين في مدينة ترقد مبكرا خلال أيام العمل خصوصا في الشتاء ..
إنتصرت الثقافة للجميع في دورة المهرجان الثانية التي تبنت شعار دورة حتى النصر دائما ، و لم لا و هي تنتصر للثقافة و الفن للجميع و خاصة الشباب الذين إحتواهم مركز “الهادي الزغلامي” و مهرجان “بدائل” الذي حافظ على تلك الطاقة الهائلة لديهم ليستثمرها لصالح المجتمع الذي تواصل مع الداخل و الخارج في تلاقح محمود بين الثقافات .. و حقق إنتصارات متعددة ربما كان أبسطها الإنتصار على الطقس البارد جدا ، و أضفى سمر الجمهور حول الحطب الذي وفره المركز لجمهور المهرجان فعالية جديدة منحت المهرجان مزيدا من الأجواء الفريدة الساحرة
و كان لجمهور المهرجان موعدا مع الأستاذ / محمود الماجري العميد السابق للمعهد العالي للفن المسرحي في حديث ذو شجون حول تاريخ المسرح التونسي ، مجيبا على الإستفسارات و الملاحظات التي طرحها جمهور المهرجان ..
كما لم يبخل “الماجري” على جمهور المهرجان بمشاركة تمثيلية مفاجئة و مرتجلة مع الفنان “نزار الكشو” في المشهد المسرحي الذي قدمه ..
كان للشعر و الرواية و الفلسفة نصيب من فعاليات المهرجان بمداخلة الكاتبة و الباحثة د/ أم الزين بن شيخة من خلال مؤلفاتها في تلك المجالات السالف ذكرها من خلال إستعراضها لبعض ما ورد فيها ، و الإشارة إلى أنه ” بالفن نعيد للأنسانية قدرتها على الفرح ” ، و كانت ممن إقترحوا تواصل تلك الفعاليات على مدار العام ..
– كما تضمنت فقرات المهرجان فاصلا للملحن و المغني “وائل مسكيني” الذي يقدم نصوصا كتبت بالعربية الفصحى في قالب من موسيقى “الروك”..
وقدم إبن مدينة “الكاف” الفنان المتميز “بحري الرحالي” مزجا مثيرا حافلا بالتشويق ظهر فيه كحكاء بارع مزج بين الواقع و الخيال من خلال حكايا و خرافات “الكاف” المدينة و الولاية..كان من أكثرها طرافة حكاية “عرف ثني ركايبو” التي دفعت كاتب السطور لزيارة الحانوت القديم لبطل الرواية ..
وندعو القراء لمتابعة إبداعته على قناته في اليوتيوب ..
ويستمر مهرجان الفنون الملتزمة في محاولته لإيجاد “بدائل” جادة عبر فعاليات إستغرقت ثلاثة أيام لم تستطعها مهرجانات أخرى في أضعاف تلك المدة .. محققا هذا الإنجاز بأبسط الأمكانيات .
نُشر بناء على بروتوكل التعاون بالتزامن مع "آسيا إن"
التعليقات