لا يمكنك تناول حدث ما في مدينة الكاف التونسية متجاوزا تاريخ تلك المدينة الكنز بروافدها المتعددة التي شكلت الشخصية التونسية سواء كانت بربرية أو بونية، أو رومانية، وعربية، مرورا بالموريسكيين و الوندال و الأسبان إلخ فأثرت في الكاف أو تفاعلت معها لتدخل في نسيجها لتصبح جزء من تاريخها، .. ذلك التاريخ الحافل بالتراث والفلكلور والتراث والميثولوجيا والأحداث الجسام، لا يمكنك تجاوز دور الكاف في إثراء الفن التونسي بكافة روافده، لا يمكنك تجاوز مدينة الغابات و القمم الشاهقة، ولا يمكنك تجاوز ثرواتها من محاصيلها الكبرى، وأشجارها المثمرة، والمناجم الحافلة بالشغيلة الكادحين ونضالاتهم، ولا يمكنك تجاوز البشر بكل حكاياهم التي عبر عنها فنانو ومثقفي الكاف على مر العصور، أيضا لا يمكنك تجاوز مجتمعها المدني النشط من قبل أن يخرج هذا المصطلح إلى الوجود ..
– إنطلاقا من المركز الثقافي “الهادي الزغلامي” الذي أسسه الأبناء تخليدا لذكرى الأب الذي كان سببا في عشقهم اللانهائي للثقافة والفنون وتاريخ الكاف العريق كان تأسيسهم لمهرجان الفنون الملتزمة Alternativas “بدائل”.. حيث تفاعل الفرسان الثلاثة “فؤاد” و “ضمير” و “حكيم” كممثلين عن تلك العائلة المثقفة مع مجتمعهم ثم مع بقية جهات تونس ليتحاوزوا حدود الديار التونسية إلى كافة أنحاء البسيطة بفكرة مهرحانهم المبتكرة الساعية إلى فن جاد محترم يسعي لتكوين مثقف عضوي حقيقي، و قد لاقى المهرجان استجابة عربية و دولية كان أبرز مفاجأتها الاستجابة اللاتينية من كوبا و فنزويلا الذي أضفى على المهرجان نفسا تقدميا ثوريا خاصة مع حضور سفراء تلك الدول و ممثلين عنها ليعلنوا تضامنهم الشريف مع الشعب الفلسطيني و قضيته العادلة، و وقوفهم معه ضد العدوان الصهيوني الإمبريالي على قطاع غزة و الضفة الغربية .
وكان من أبرز أحداث المهرجان و فعالياته الكلمة المسجلة بالفيديو خصيصا للمهرجان من كريمة الثائر العظيم “أرنستو تشي جيفارا” ..، و كان هناك حرص مصرياعلى المشاركة من خلال فيديوهات لقصائد من الشعراء الكبار : “أشرف أبو اليزيد” الذي كانت قصيدته “شارع في القاهرة” مصحوبة بترجمة إسبانية مكتوبة، و“إبراهيم عبد الفتاح” بقصيدته عن والد الشعراء العروبيين الخالد “فؤاد حداد” .. كان لكاتب السطور شرف توصيلها لإدارة المهرجان مع تمنيات أصحابها للمهرجان و الكاف العالية و شعب الخضراء تونس بالتوفيق و الإزدهار ..
– و في أول أيام فعاليات المهرجان و قبل أن يبدأ الفنان متعدد المواهب ” ياسر جرادي ” حفله البديع، قدم لنا مدير المهرجان و المركز الثقافي ” فؤاد السعداوي ” الذي يلقبه شباب الكاف “بالجنرال” البرمجة الكاملة للمهرجان و ضيوفه و في مقدمتهم المشاركين موجها التحية للمسرح الوطني التقدمي لجمهورية فنزويلا البوليفارية و مديره “كارلوس أرورو” الذي رد التحية للمهرجان و جمهوره، حاملا أيضا تحية مماثلة للمهرجان و جمهوره من خلال رسالة حملها له وزير الثقافة في جمهورية فنزويلا البوليفارية..
– و من خلال حفل دافئ يمس القلوب للفنان المتميز “ياسر جراد” بدد برودة طقس الكاف حامت بيننا أرواح شهداء فلسطين و تونس و حضرت في وجداننا أرواحهم لنتذكر معا السابقين منهم و اللاحقين .. الشهيد “شكري بلعيد” و الراعي الشهيد “مبروك السلطاني” و أخيه و أمهما خالتي “زعرة”، كما لم يغب عنا الشيخ “إمام عيسى” و “أحمد فؤاد نجم” من خلال أغاني “ياسر جرادي” و الحانه و كلماته الصادقة ..
ويبقى من المصافحة الأولى لهذا المهرجان الفريد أن ننوه أن هذا المهرجان قد أكد جمهوره أنه سيبقى مستمرا و في حالة إنعقاد دائم في محاولة دءوبة لإيجاد ثقافة بديلة جادة و ملتزمة ..
ولا يمكننا نسيان جنود العلن و الخفاء متوجهين لهم بالتحية و العرفان “ضمير السعداوي” الذي تولي مسؤلية اللوجستيات، و الدينامو المشارك أيضا الفنان “حكيم السعداوي” ..
نُشر بناء على بروتوكل التعاون بالتزامن مع "آسيا إن"
التعليقات