المرأة قطعًا تستحق الدعم- كل الدعم- في العالم كله، وليس فقط كما قد يتبادر للذهن في عالمنا العربى، حيث يتضاعف الظلم الاجتماعى، لأنه يتدثر عنوة في كثير من الأحيان بغطاء دينى يمنحه شرعية زائفة.
المهرجانات السينمائية العالمية ليست بعيدة عن الاتهام باستبعاد المرأة من (الكادر). يحلو للبعض أن يجعل (ترمومتر) العدالة عدد الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية، فإذا وجد أن نصيب المرأة المخرجة أقل، يتم وصم المهرجان بالذكورية، ومنظمة (50 50) صارت تشترط أن الجهة التي تقيم أي نشاط مجتمعى يجب أن تراعى التساوى بين الذكور والإناث.
تابعت أكثر من مرة غضبًا في مهرجان (كان)، بسبب تضاؤل المشاركة النسائية للمخرجات في المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو ما واجهته أيضا قبل بضع سنوات أكاديمية الفنون والعلوم الأمريكية التي تقيم مسابقة (الأوسكار)، فقررت الإدارة زيادة عدد النساء المشاركات في التصويت، الأحداث أثبتت أن القهر لا وطن ولا ثقافة له، ولكنه يقفز كل تلك الحواجز.
قبل بضع سنوات، رفعت هوليود شعارًا انتقل للعديد من دول العالم (مى تو) «أنا أيضا»، يحفز كل فنانة سبق أن تحرش بها نجم أو منتج أو مخرج بإعلان ذلك، وبدأت بالفعل تحقيقات، وقطعًا المسىء يستحق العقاب، وتعددت الاتهامات، وبعضها عن وقائع تتجاوز نصف قرن، بعد أن رحل أغلب شهود الإثبات أو النفى، عدد من هذه الاتهامات لا يزال يطارد بعض الكبار دون إدانة قاطعة أو براءة قاطعة.
أطلقت «نتفليكس»، مواكِبةً لمهرجان البحر الأحمر، مبادرة (لأنها أبدعت)، ويحق لمن لديها موهبة في الكتابة والتمثيل والإخراج والإنتاج الالتحاق بها، وضربت أكثر من مَثل بالمبدعات العرب: الكاتبة والمخرجة هناء العمير (السعودية )، وتيما الشوملى (الأردن) وهند صبرى (تونس). وسوف تقدم «نتفليكس» الدعم ماديًّا وأدبيًّا لكل من تنضم لتلك المبادرة.
قطعًا كلام جميل ومقبول مرحليًا، فهو أشبه بما يعرف في عالم السياسة بـ(الكوتة) التي تفرض نسبة محددة للنساء أو الأقليات العرقية أو الدينية للتمثيل السياسى، إلا أنه يظل مقيدًا بإطار زمنى.
هل المرأة العربية سينمائيًا تعانى من التهميش باعتبارها امرأة؟، سوف أضرب لكم مثلا بالمخرجتين نادين لبكى (لبنان) وساندرا نشأت (مصر).. نادين حققت بأفلامها عشرات من الجوائز، وشاركت وترأست لجان تحكيم العديد من المهرجانات، وعندما توجت بجائزة من مهرجان (كان) قبل خمس سنوات عن فيلمها (كفر ناحوم) أطلقت (زغروطة) ملأت قاعة (لوميير) بقصر المهرجانات، كأول امرأة عربية تحظى بتلك المكانة، كما أنها أول امرأة عربية تصل للقائمة القصيرة في الأوسكار.. وعن نفس الفيلم، نادين في كل أحاديثها تنفى تماما أنها عانت الظلم، سواء كمخرجة أو ممثلة، كونها امرأة.
ساندرا نشأت ابتعدت في السنوات الأخيرة عن ممارسة الإخراج، وهى واحدة من أكثر المخرجين ولا أقول فقط المخرجات موهبة.. مَن الذي أبعدها؟
هي التي قررت التقاط أنفاسها، لأنها تبحث عن عمل فنى بمواصفات محددة، وعندما جاءت لها قبل بضعة أشهر الفرصة أخرجت لـ«نتفليكس» الفيلم القصير (أخويا)، بطله مراهق من ذوى الهمم، لم تقل أبدًا في أي تصريح إنها تعانى لكونها امرأة، ظروف السوق المصرية السينمائية ربما تؤدى لغياب بعض الكفاءات، وهو ما ينطبق مثلًا على المخرج الكبير داوود عبدالسيد.
بقدر تعاطفى مع هذا النوع من الدعم الذي تقدمه المبادرة، إلا أن في الإبداع لا تزال قناعتى أن أهم سلاح للفنان هو موهبته، ولا فرق بين امرأة ورجل!.
التعليقات