دائمًا ما أدعو بالمناعة وليس المنع، والفارق شاسع، المنع مهما بلغت قدراتك على تحقيقه ستكتشف مع الزمن أن هناك برنامجًا إلكترونيًا قادرًا على فك الممنوع، وستكتشف أيضًا أنك حققت له دعاية مضاعفة، بعد أن زادت مساحة الشغف والترقب.
عرضت سداسية (الليلة واللى فيها) على منصة (شاهد)، وهناك إشارة واضحة (+18)، إنها الفئة العمرية المتاح لها المشاهدة، الثقافة الغائبة التى يجب علينا أن نعلمها لأبنائنا، خاصة فى هذا الزمن، الذى لم تعد فيه الدول قادرة على صناعة حائط الصد ضد تدفق البث.
أتذكر أن الرقيب انتفض فى رمضان الماضى بسبب مشهد- أوحى مجرد إيحاء- فى مسلسل (دنيا تانية)، بطولة ليلى علوى، لزنا المحارم، منعت الحلقة من الإعادة، وتم تغيير خطوط درامية فى العمل الفنى برمته، رغم أن زنا المحارم انحراف جنسى معروف ومحرم فى كل الثقافات والأديان.
مثل مرض السادية، الاستمتاع بتعذيب الآخرين، والمازوخية الوجه الآخر للمرض، متعة تلقى العنف والضرب والإهانة، وهو ما رأيناه فى (الليلة واللى فيها) بدون ترويج ولا خدش حياء.
الكاتب محمد رجاء والمخرج هانى خليفة قدما المسلسل بسلاسة لتعريف الجمهور بالمرض من خلال اللقاء بمجموعة من المرضى، حيث يصبح البوح الجماعى بالمعاناة هو أحد أوجه العلاج.
السيناريو يقدم لنا البطلة التى أدت دورها زينة فى علاقتها مع السائق علاء مرسى، الذى مارس معها (السادية) بناءً على رغبتها، ثم يدخل على الخط أحد المرضى الذى كان يتنصت على زينة وهى تبوح للطبيب بأنها لا تستمتع مع زوجها لأنها تعانى (المازوخية)، أدى دوره الوجه الجديد (أبى يوسف).. المسلسل أيضًا يقدم علاقة الحب المستحيل بين زوج زينة (محمد شاهين) وزوجة أخيه الوجه الجديد آلاء سنان، وهو خط درامى سحرى لم يمنحه الكاتب ما يستحقه.
المسلسل يعيد زينة إلى مكانها الذى تستحقه، إنها واحدة من أكثر بنات جيلها حضورًا أمام الكاميرا ولديها قدرة استثنائية على التنوع، وهى لأسباب متعددة تدفع الثمن، وأيضًا بالعديد من تصريحاتها الإعلامية الخائبة يصبح الثمن مضاعفًا، تأخرت كثيرًا عن مكانها المستحق، زينة وهى فى الرابعة عشر من عمرها قدمها داوود عبدالسيد فى (أرض الخوف) والرهان عليها مستحق، نفتح قوس (تداخل الشخصى مع العام أثر سلبًا عليها كفنانة، المجتمع قاسٍ جدًا فى توجيه أحكامه ضد المرأة، مهما بلغت خطيئة الرجل، أنت لا تحاكم الفنان على دور يؤديه على الشاشة، هناك فاتورة أخرى تسددها الشخصية العامة وأغلبها خاضع لصورة ذهنية تم تشويهها) نقفل القوس. السيناريو حرص على إيجاد مبرر لخيانة زينة لمحمد شاهين.
الرحلة بدأت مع الطفولة والسائق الخاص لها وهى طفلة، هو أول من بدأت معه تلك الممارسة المريضة، عاب السيناريو خط التشويق الذى يحرص عليه فى نهاية الحلقات، كان هناك دائما افتعال.
اقرأ أيضًا ..
هانى خليفة من المخرجين الذى حققوا فى انطلاقهم طفرة بفيلم (سهر الليالى)، واحد من أهم أفلام الألفية الثالثة، وفى الدراما التليفزيونية (فوق مستوى الشبهات)، بعد ذلك لم يستطع أن يحقق خطوة ثانية بنفس الألق، سواء فى السينما أو التليفزيون.
هذه المرة فى دراما (المنصات) كان جريئًا فى اختياره الفكرة، وفى الرهان على سماح أنور يجعلنا نتعجب كيف تغيب كل هذه السنوات بينما هى محتفظة بلياقتها الإبداعية، كما منح الممثل العتويل علاء مرسى الفرصة لنرى عمق إبداع الفنان الذى يسكن تحت جلده، وأكد قدرته على اكتشاف الجديد بالممثل أبى يوسف وأيضًا آلاء سنان.
(الليلة واللى فيها).... حقًا فيها وفيها وفيها!!.
التعليقات