ثلاثة أسباب تدفع الورثة للتفريط فى مقتنيات مورثهم، أولا الكراهية، ثانيا الاحتياج المادى، ثالثا عدم الإدراك لأهميتها.
ولا واحد من الأسباب الثلاثة ينطبق على بوسى وابنتيها سارة ومى، ومهما ازداد عدد سنوات الرحيل تكتشف أن مشاعر الحب تزداد سخونة مع نور، ورغم ذلك تسرب العديد من مقتنيات نور الشخصية إلى بائعى (الروبابكيا)، وعندما نصل إلى تلك المحطة، فهذا يعنى أن البضاعة ثمنها بخس، لا تجد من يشتريها، وببضعة جنيهات صارت فى متناول الجميع.
قالت بوسى إن الشىء الوحيد الذى وزعته، ترحما على روح نور، هو ملابسه لأنها عادة مصرية، رغم أنها كذلك، إلا أن بقاءها كان أجدى، سواء ارتداها فى أعمال فنية أم لا، شاهدت قبل نحو عام فى (موسم الرياض) ملابس عبد الحليم حافظ، جاكيت وقميص وجواز سفر وبطاقة شخصية وقصاصات بخط يده وغيرها، شكلت بالفعل لمحة خاصة عن عبد الحليم الإنسان، أعادت لنا بزاوية ما زمن (حليم)، إلا أننا لن نبكى على اللبن المسكوب.
واقعة تواجد مقتنيات نور على الأرصفة حقيقة، ذكرها العديد من الزملاء، بينما المسؤول عن ذلك مجرد اتهامات تفتقر إلى العقل والمنطق، أتذكر أننى عندما بدأ الحديث عن مكتبة ومقتنيات نور الشريف، بعد رحيله مباشرة، تواصلت مع بوسى، واقترحت عليها أن تتبرع بها إلى معهد المسرح الذى كان يعتز بأنه أحد أبنائه.
كما أنه فى مرحلة مبكرة من عمره، كان يدرس للطلبة، إلا أنها أخبرتنى أنها تلقت عرضا من مكتبة الإسكندرية، وأن الأوفق أن تهديها لهم، ووجدت فعلا أن المكتبة تعنى اتساعا أكثر لدائرة مريدى نور الشريف، ولم تكن كتبا فقط ولكن أيضا أوسمة ودروع وجوائز، بديهى لو كان فى نية الأسرة تسويقها ماديا لاحتفظت بها.
الأسرة يقينا لن تتكسب من بيع نور، وأيضا لن تهمل، ولهذا أنزعج جدا من المسارعة بتوجيه الاتهام على (السوشيال ميديا)، وتقديم بوسى أرملة تريد أن تمحو نور من الذاكرة، وكأنه لم يكن الحبيب والزوج ووالد ابنتيها، البعض يعود إلى أعوام الخلاف التى انتهت بالطلاق، بضع سنوات وجاءت النهاية باستئناف الحياة الزوجية، الواقعة صحيحة، وكم من خلافات حدثت بين الأزواج وصلت إلى المأذون، هذا قطعا لا يعنى أن هناك مشاعر كراهية وانتقام تتحين الفرصة للإعلان عن نفسها.
أرجو من وزيرة الثقافة د. نيفين الكيلانى أن تسعى لتشكيل لجنة تطالب كل من حصل على شىء باستعادته مجددا، وتدفع الثمن، وتنزل للسوق وتشترى ما تبقى، فهذا تراثنا، والحفاظ عليه واجب وطنى، نور أكثر نجم التقيته يهتم بالتوثيق، لديه دائما (أجندة) يدون فيها ملاحظاته، وعندما سألته قال لى إنه يسير على درب رشدى أباظة، وعندما يلتقى شخصا لديه لمحة خاصة يدونها، وعنما يقرأ جملة تستوقفه يكتبها.
كما أنه كان مولعا بالتصوير بالكاميرا الفوتوغرافية، والفيديو، ولهذا تتعدد مقتنياته، بديهى أن يتسرب بعضها، بدون علم الورثة، أيضا من البديهى أن تلعب الدولة دورها فى الحفاظ عليها واستردادها، يقينا تلك مسؤوليتنا جميعا وليست فقط بوسى وسارة ومى!!.
التعليقات