من المهم أن نقرأ برؤية متأنية التعليقات التى تنتشر فى الوسائط الاجتماعية لندرك ما الذى أصاب حياتنا، مع مراعاة الفارق بين الرأى، والتعبير عن الرأى وإعلانه على الملأ، لأن تلك حكاية أخرى.
الإنسان عندما تسعده صورة أو رأى مكتوب يكتفى عادة أنه أصبح سعيدًا ولا يوجه الشكر لمن أدخل السعادة إلى قلبه، أو حتى يُفصح عن رضاه، ما يدفعنا عادة للجهر بالرأى هو أن يستفزنا شىء سلبى ولا نملك حياله الصمت، كثافة الاعتراض على موقف أو رأى لا يعنى أنه صوت للأغلبية، الصامتون دائمًا يشكلون القطاع الأكبر، كما أن البعض منا ينتظر أن يتابع التوجه العام، وبعد ذلك يعلن موقفه الذى يأتى متوافقًا عادة مع الكتلة الأكبر، ورغم ذلك فإن الأغلبية الصامتة كانت ولاتزال وستظل تبعًا للتركيبة الإنسانية فى العالم كله ومع اختلاف الدرجة هى الأكبر كثافة.
كانت منة شلبى قد نشرت مؤخرًا صورة تجمعها مع حنان ترك قبل أن ترتدى الحجاب، دلالة الصورة هى الصداقة التى ربطت بين حنان ترك ومنة شلبى، كانت حنان ومنى زكى قد سبقتا ببضع خطوت وأعوام قليلة منة، إلا أن الصداقة بينهن كانت تغلف علاقة هذا الجيل.
الجزء الأكبر من التعليقات لم يستوقفها سوى نشر صورة حنان بدون حجاب، واعتبروه ليس مجرد خطأ، بل يصل لتخوم المؤامرة دبرتها منة شلبى، ويجب التكفير عنها، رغم أن حنان لم تتبرأ من أى فيلم أو مسلسل قدمته قبل الحجاب، حاولت فى مرحلة أن تجمع بين الحجاب والتمثيل ثم أدركت استحالة ذلك فاعتزلت، إلا أنها لم تعتزل الحياة ولم تغلق أبدًا قنوات التواصل مع الناس، ولم تطلب حذف مشهد أو لقطة، حتى لو لم تكن تلك الأفلام من إنتاجها فإنها أدبيًا كانت تملك إعلان ذلك، مثل شمس البارودى التى نشرت عام 1984 نداء مدفوع الأجر فى الصحف، تطالب بحرق أفلامها، وفتحت النيران على شركات التوزيع وبيع أشرطة الفيديو قبل زمن (السى دى)، وحذرتها من بيع أفلامها خاصة (حمام الملاطيلى) 1973، والذى حظى بشعبية طاغية عند عرضه فى السبعينيات، وبعد اعتزال شمس أعيد عرضه منتصف الثمانينيات، فى سابقة استثنائية، محققًا جماهيرية وإيرادات فى الشباك والأسباب معروفة.
ملحوظة: فيلمان فى تاريخ السينما المصرية أعيد عرضهما فى سينمات الدرجة الأولى بعد سنوات بعيدة، من عرضهما أول مرة، مع اختلاف الدوافع قطعًا، وحققا إيرادات ضخمة فى العروض التالية، الفيلم الأول (أبى فوق الشجرة) 1969.
لماذا يعتقد البعض أن الفنانة التى اعتزلت أو تحجبت تستاء عند نشر صورتها بدون غطاء الرأس؟ الوحيد الذى يملك إعلان ذلك هو الفنان، ولا أتصور أن حنان ترك لديها تلك القناعة.
علينا أن نقرأ دلالة تلك الآراء، التى ترى أن صورة المرأة بلا حجاب خطيئة يجب التكفير عنها، وكأن ماضى الإنسان قبل الحجاب عورة لا يجوز أن يتذكرها أحد.
تلك العقول وما تعبر عنه، رغم أنهم لا يشكلون الأغلبية، إلا أنهم من أصحاب الصوت العالى. التقيت حنان قبل نحو عامين بالصدفة، فى أحد شوارع الزمالك، وهى التى بادرت مشكورة بالنداء، والتقطنا صورة، لم أشعر سوى بأنها حنان كما أعرفها قبل نحو ربع قرن، فقط أضافت الحجاب على شعرها، ولكن رأسها كما هو بلا حجاب!!.
التعليقات