يطرح الكاتب الروائي المصري تامر شيخون" أحدث رواياته "شفرات القيامة"، في فعاليات الدورة الثانية والخمسين، لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والمزمع إنطلاقه نهاية الشهر الجاري، عن الدار المصرية اللبنانية للنشر والتوزيع.
ويسرد "شيخون" روايته فيقول: 2040 نيويورك.. تختلي بروحها في ركن مظلم، لا تسمع في الغرفة سوي همس أنفاسها العميقة. عيناها مغمضتان بإحكام، خلجاتها تبوح بسكون كل خلية في جسدها من ورع ناسك معتكف.
جلست "إيزابيلا ستورم" أمام مرآتها ضامة راحتي يديها إلي صدرها في وضع صلاة خاشعة. هالة الضوء المنسدلة من فتحة دائرية صغيرة أعلي مقعدها الصغير تمسح خطوط الزمن من وجهها لتكشف عن آثار جمال عتيق لم تذبل كل عطوره. وجه بيضاوي يتوسط، أنف طويل مسحوب فوق فك عريض. قصة شعر أشقر متموج قصير لا يغطي أكثر من منتصف عنقها الذي يفضح بتهدله عمرها الستيني، مهما تجملت بالمساحيق.
ــ ربي أناجيك وحدي بعيدا عن عيون البشر. لا حاشية، لا جماهير .. ولا حرس. أنت المطلع علي روحي، أنت الذي خلقتني في هذه الأسرة بالذات. أنت من اخترت لي أبا سكيرا وأما كاثوليكية خانعة، ترضي بصفعاته واغتصابه اليومي لها من أجل أربع بنات أنجبتهن سعيا لرضائك. ابتهلت لك يوميا ولم تسمع صلاتها. بكت لك ليلا ولم تستجب لها.
أجبرتي أنا أبنة الخامسة علي الصلاة لك ثلاث مرات في اليوم. لكنها لم تجبني أبدا كلما سألتها: ما فائدة الصلاة يا أمي وهو في الأعلي لا يرد ولا يتجلي في معجزة تنقذنا من هذا العذاب؟ كانت تنهرني كي لا أتحدث كما يتحدث أولاد الشيطان.
ربي أنت من خلقت جيناتي هكذا. مقاتلة، ناجية ومنتصرة. لم يمض يوم دون أن أناجيك. لم أجد إجابة في إنجيلك فتعلمت طريق خلاصي وحدي. أحتاج إليك اليوم أكثر من أي زمن مضي. الذئاب حولي كثر وهم أشرس وأحقر من أبي الذي لم ترحنا منه. اليوم أنا لا أسألك خلاصي، بل خلاص أمة جعلت أمرها في يدي. يقيني أنك من مهدت طريقي لأملك ناصيتها. فأعني إذن علي حملي.
التعليقات