توافق اليوم ذكرى رحيل واحد ممن ذابوا في الهوية المصرية فصاروا جزءً منها، إنها الذكرى السابعة لرحيل عمار الشريعي، ذاك الذي غاب جسده وبقيت روحه في ألحانه، فله طابع خاص، متى تدق آذانك نغماته تعرفه على الفور انه الشريعي، صاحب أشهر تترات المسلسلات في الدراما المصرية (رأفت الهجان، دموع في عيون وقحة، الأيام، بابا عبده، زيزينيا، محمود المصري، أرابيسك) فله في الدراما مئات الألحان، كما كان للسينما نصيب من الشريعي، فهو صاحب (البريء، كتيبة الإعدام، أحلام هند وكاميليا، حب في الزنزانة) وغيرهم، وإلى جانبهم قدم للمسرح ما يقرب من 8 مسرحيات أشهرهم "الواد سيد الشغال"، كما لا نستطيع أن نغفل عن تجربته الإذاعية الفريدة "غواص في بحر النغم".
عمار الشريعي طفلًا
يرجع أصل الشريعي، لمدينة سملوط بصعيد مصر، ولد في 16 أبريل 1948، ودرس في أول مدرسة للمكفوفين في الشرق الأوسط، وهي المركز النموذجي لرعاية وتوجيه المكفوفين، في القاهرة، والذي تم تغيير اسمه فيما بعد لمدرسة طه حسين.
مسه عشق الموسيقى منذ نعومة أظافره، حيث عزف البيانو من عمر الثلاث سنوات، وكانت الأقرب لقلبه حينها "اتمختري ياخيل" لليلى مراد، وبالأخص كوبليه يا دنيا اجري بينا، وعندما كان عمره 14 عامًا عزف على العود، وكانت أمه عاشقة محمد عبد الوهاب جمهوره الأول.
وتمكن الشريعي، من كتابة وقراءة النوتة الموسيقية وهو في سن صغير، حيث كان عمره حينها 9 سنوات، وتمكن بعدها من التوزيع حين كان عمره 11 عامًا.
للشريعي 6 أشقاء، أكبرهم محمد مساعد أول وزير خارجية، ليلى دكتورة أدب مقارن فرنسي-عربي في الأزهر، وسهام مفتشة أولى في اللغة الفرنسية تبع الحكومة الفرنسية، مراد مهندس بترول، علي مهندس زراعي وعمدة منشية الشريعي ، نجيب الشريعي مهندس وعضوة مجلس شووري، وجد عمار الشريعي هو مراد الشريعي أحد أقطاب ثورة 1919، والذي يُذكر أن المرة الوحيدة التي اجتمع فيها مجلس النواب المصري خارج القبة، حين أغلق الإنجليز البرلمان، كانت في منزله في الحلمية.
قرر والده إرساله لدراسة الموسيقى في الكونسرفتوار في إيطاليا، وبالفعل درس الشريعي اللغة الإيطالية استعدادًا للسفر، لكن حب أمه له وخوفها عليه ما منعه عن إيطاليا، ولكنه سلك طريقًا مختلف، ليصبح عمار الشريعي الطالب في كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية في جامعة عين شمس، ولم يبعده ذلك عن الموسيقى، بل شارك في الجماعات الفنية بالجامعة.
الشريعي يتمرد ويسير على هدى موسيقاه
بعد تخرجه اتجه للعزف على الأكورديون مع الراقصة عزة شريف وغيرها، مما جعل والدته تقاطعه لمدة 5 سنوات، ولكن مع بدايات سطوع نجم عمار ومعرفة الناس به كملحن، تأكدت الوالدة أن عمار قد اختار الطريق المناسب.
كان أول عمل للشريعي، يحقق نجاحًا لافتًا هو أغنية "امسكوا الخشب" عام 1975، مع الفنانة مها صبري، ومن بعدها "أقوى من الزمان" مع الفنانة شادية، ثم ماقدمته من ألحان لمسلسل "الأيام"،
وقال الشريعي، عن "الأيام" أنه كاد أن يرفضه، حيث اعتقد انه وُكل إليه العمل نظرًا لأن كل من طه حسين وهما كفيفان، لكن تمكن الشاعر سيد حجاب من إقناعه بالعمل.
وقال الشريعي، عن فقده بصره، إنه وُلد من البداية كفيف، ورغم ذلك فأنا اتمكن من رؤية النور، لكن عندما يرتفع ضغط دمي يختفي هذا النور، وإذا عُرض علي أن أجري عملية لإعادة بصري فاحتمال كبير أن ارفض.
قال عن الحب
ودع الشريعي العزوبية في عمر الـ 43، حيث تزوج من المذيعة ميرفت القفاص، والتي كان لقائهما الأول من حلقة سجلها الشريعي مع ميرفت في البرنامج الأوروبي، ومن بعدها جمعتهما الصداقة، فاتفقا أن يعملها الغناء مقابل أن تقرأ هي له، وتوجت هذه العلاقة بالزواج عام 1991، وإنجابهما وحيدهما "مراد".
وقال الشريعي، عن الحب في حياته أنه ناتج عن القناعة العقلية والروحية والمادية، ونفى الشريعي حاجة الفنان الدائمة لقصة حب في حياته حيث قال أنه قبل زواجه من ميرفت القفاص كان له قصتين حب فقط.
ما قاله الشريعي عن أعماله
وفي أحد لقاءاته قال إن ألحاني حبًا لها كانت مبنية على تجارب حقيقية عشتها ومنها "قبل النهارده"، "سيبوا لي قلبي وارحلوا"، واغنيتي "بتسأل يا حبيبي"، "كنت ليا وانا ليك" كنت حينها في حالة حب فكانت مشاعري متدفقة.
وقال عن فيلم البريء إنه من أعجب الأفلام التي شاهدتها في حياتي، حضرت العرض الخاص وتأثرت وانفعلت به جدًا، ورغم توقعي بحالة التدفق التي ستصيبني في إنتاج الألحان، لكن ظللت لثلاثة أشهر بدون جملة موسيقية واحدة.
وتابع فجأة في الثالثة فجرًا سمعت الموسيقى بداخلي، فاتصلت فورًا بالمخرج عاطف الطيب لأبشره، ومن بعده الموسيقار نبيل كمال، الذي كان يكتب لي الموسيقى، وخلال 6ساعات انتهت الكتابة، ومن بعدها 9 ساعات اخرى للتسجيل، وفي النهاية أصر المخرج عاطف الطيب أن أقوم أنا بتسجيل أغاني الفيلم الثلاثة.
وعن مسلسل أبنائي الأعزاء شكرًا قال الشريعي كنت حينها في لندن اشتري مستلزماتي لتحضير الاستوديو، وألح عليا المخرج محمد فاضل والشاعر سيد حجاب بالعودة سريعًا للبدء في العمل، ولتأخري كلف بألحان العمل المايسترو جمال سلامة، ولكن لحسن الحظ حين عدت لم يكن جمال سلامة قد بدأ بالعمل، فعاد إلي المسلسل، وقمت بتلحين 7 أغنيات للمسلسل في ساعة واحدة.
أما عن عمله في مسلسل دموع في عيون وقحة، قال أنه يفخر بالعمل به، كما روى موقف طريف عن ألحان مسلسل رأفت الهجان، حيث قال انه كان يغفو أثناء إلقاءه اللحن على منير سعد ليكتبه، وقال عنها انها كانت معزوفة بداخلي.
وعن أغنية "حبيبتي من ضفايرها طل القمر" الشهيرة بختام فيلم كتيبة الإعدام، قال الشريعي، إنه قام بتلحينه وسيد حجاب بكتابتها "لمزاجنا الشخصي"، وآنذاك كنت أود تقديم المطربة هدى عمار، فقمت بتقديم الأغنية للمخرج عاطف الطيب، الذي حين سمعها بكى، واصر على أخذها، فكان وقمت بتسجيلها مع هدى.
وقال عن تتر مسلسل "العائلة" الذي غنته أنغام، أنه تم الانتهاء منه خلال 24 ساعة فقط.
كما قال عن فرقة الأصدقاء، إنه قام بتأسيسها بعد أن انتشر غناء الفرق، والذين كانو في رأيه لا يقدمون موسيقى شرقية خالصة، وقال انها كانت من تأسيسه هو ومحسن جابر وعمر بطيشة وسيد حجاب، وقد احترنا كثيرًا عند اختيار الاسم، فكان من المقرر أن يكون اسمها (ليه- الوطن- الحرية- وإحنا)، تكون الفريق من الثلاثي (حنان- منى عبدالغني- علاء عبدالخالق)، وكان "مع الايام" أول شريط قدموه عام 1980، وتم إيقافهم عام 1982، بعد أن أصدروا ثلاثة شرائط، تكونوا من 34 أغنية، تحول منهم 4 أغنيات فقط لفيديو كليب، وكان السبب أن واحدة من الفرق الشهيرة حينها قامت بتقديم شكوى ضد الأصدقاء معتبرينهم جماعة شيوعية تدس السم في العسل.
التعليقات