يوافق اليوم الرابع من نوفمبر عيد الحب المصري، الذي تعود فكرة الاحتفال به للكاتب الصحفي مصطفى أمين، وكانت لمصطفى قصة حب مستحيلة، حيث ولدت خلف قضبان ليمان طرة، حيث جمعه القدر بـ "إيزيس" زوجته، وقد وصف الكاتب حبهما بـ "الحب المستحيل الحقيقي"، وبعد خروجه من السجن أصبحت إيزيس زوجة له، وفي هذه المناسبة يعرض لكم "لايف بزنس" بعض من رسائل مصطفى أمين لزوجته.
الرسالة الأولى - في 30 سبتمبر 1969
يا حياتي
أحقا .. إن ما حدث قد حدث؟
في هذا الليمان الذي اعيش فيه يتطلق المتزوجون وينفصل المحبون، ويفترق العشاق، ويتباعد الأصدقاء، ويتنكر الاقرباء.
الغريب أن يولد في هذا المكان نفسه حب عظيم، كيف يولد في مقبرة الحب حب كبير؟ شكراً لك ، أنتِ أعدت للحياة في شفتي كل حلاوة الحياة.
في بعض الأوقات أخشى أن أكون اغرقك في بحر من التفاؤل. أخاف أن يكون شوقي الكبير هو الذي يصنع الفجر الكاذب... ثم لا ألبث أن اقنع نفسي بأنك مستعدة أن تنتظريني ألف سنة!
عندما قابلتك كنت اختم حياتي، فإذا بك تبدئينها من جديد، كنت استعد لأن اكتب كلمة النهاية على قصة حياتي، فإذا بك تجعلين النهاية هي بداية قصتنا..
هذا هو الذي يجعلني اتشبث بك، وجدت فيك المستحيل!
الرسالة الثانية - في نوفمبر 1969
وإذا كان لكل إنسان هدف يجب أن يموت من أجله، فيجب أن يكون للإنسان إمرأة يعيش من أجلها. يحب الحياة لأنها فيها. يحلم ليصل إليها يكافح من أجل سعادتها وهنائها. قبلك كنت أنظر إلي السماء فأرى فيها ثقوباً صغيرة، واليوم اتطلع إلى هذه الثقوب فأجد أنها النجوم، وأنا اشبه بشمعة منطفئة في ليل طويل، في عالم المجهول، فإذا جاء خطاب منك أضاء الشمعة، واختفي الليل، وعلى ضوء هذه الشمعة أعود فأرى جمال الحياة. كانت لعبتي الصمت قبل أن تجيئي إلى حياتي، فلما جاء حبك علمني الكلام.
الايمان في القلوب وليس على شفاة المصلين فقط، مسجدي هو قلبي، لا أعبد الله خوفًا وإنما أعبده حبًا
لا أحمده بلساني، وإنما أحاول أن اساعد المعذبين من مخلوقاته، وهذا يشعرني دائماً أنني قريب من الله.
كل يوم من أيامي هو شهر رمضان، أصوم فيه عن إيذاء الناس، أصوم فيه عن إذلال الضعفاء والسجود أما الأقوياء فاطمئني يا حبيبتي على إيماني! لولا هذا الإيمان القوي لما استطعت أن ابقى حتى الآن علي قيد الحياة.
عندما ستعرف الدنيا قصتنا سوف تذهل وتعجب، عندما تعلم أن امرأة تعيش في الحرية أحبت مسجونًا محكومًا عليه بالأشغال الشاقة المؤبدة، وولاة الامر يؤكدون أنه لن يخرج من السجن إلا بعد أن يمضي المدة كاملة، ومعنى ذلك أنني لن اخرج من السجن إلا في 21 يوليو 1990، وفي يوم الافراج سأكون قد بلغت ستة وسبعين.. عامًا!
سوف يذهل الناس لو عرفوا قصتنا!.
الرسالة الثالثة - في 30 سبتمبر سنة 1970
يا حياتي
مضت أيام كثيرة لم أكتب إليك..
لا أعرف عددها، في كثرة الأحداث الهائلة التي مرت بي نسيت الأيام..
كنت أعتمد علي الإذاعة في معرفة الساعة، ولم أعد أعرف كم الساعة.. أصبح الوقت لا أول له يعرف ولا آخر له يوصف..
وزاد الطين بلة أن خطاباتي لا تخرج إليك، وخطاباتك لا تصل لي..
فمنذ أربعة أيام لا أعرف أخبارك، ولا تعرفين أنبائي..
وأنا أكتب إليك ولا أعرف متي سوف يصل خطابي، أو هل سيصل أو لا يصل..
نحن نعيش فيما يسمونه درجة الطوارئ العظمي! ومعني ذلك أن ننقطع عن العالم، وينقطع العالم عنا! فمنذ أربعة أيام لم تصل إلينا صحف أو مجلات أو خطابات، ولولا نسخة من جريدة وصلت إلينا، لعشنا لا نعرف ما يدور حولنا، وأرجو أن تنتهي حالة الحصار هذه غدًا أو بعد غد، فإن كل ما بقي لي من سعادة في الحياة أن أكتب إليك، وأتلقي ما تكتبين!.
ولقد تزوج مصطفى من حبيبته وأنجب ابنتين هما "رتيبة" والتى أسماها على اسم والدته، و"صفية" واسمها على اسم السيدة صفية زغلول، والتى كان يعتبرها بمثابة الأم الثانية له حيث نشأ وتربى هو وشقيقه فى منزلها "بيت الأمة".
الرسالة الرابعة - في 29 ديسمبر عام 1970
يا حياتي
أتصور أن بعض من حولك يعاملك، كأنك امرأة ناعمة جدًا، رقيقة جدًا، أشبه بالعرائس الملفوفة بورق السوليفان!
والعجيب أنني لم أشعر أبدًا أنك امرأة من القش! شعرت دائما أنك أشبه بالجبل. تصمدين للرياح، تواجهين الزوابع، تتحطم عليك الأعاصير!
شعرت أنك قادرة علي الاحتمال وأن فيك ميزة التحدي.. فإذا صادفك إعصار.. تحولت أنت إلى إعصار!..
وإذا واجهت عاصفة كنت أقوى من العاصفة! المرأة التي تذوب وتضعف وتستسلم وهي بين ذراعي، لا تكاد تواجه الأحداث، حتي ترتفع إلي مستواها، والضعف يصبح قوة، والاستسلام مقاومة، والذوبان صمودًا! هذا التناقض العجيب في شخصيتك هو أحد أسرار عشقي لك وإعجابي بك، وإيماني أنك خلقت لي!
كنت ألاحظك أثناء الأزمات التي تمر بنا، وأراك وأنت تتجلدين أمامها، أشعر بقلبك يتمزق ولكنك لا تحني رأسك!
أحس بك تموتين في داخلك وأنت مصرة علي الوقوف علي قدميك، أتلذذ باستسلامك الكامل لي، وأتلذذ بعنادك العجيب في مواجهة الأحداث وتحدي الأزمات! ولاشك أن حبنا أعطاك مناعة، ومنحك قوة وصمودًا، فنحن نحس دائمًا أننا معًا، ولهذا لا نخاف من شيء؟.
التعليقات