بعد ظهوره الواعد لأول مرة في نسخة 2012 واحتلاله المركز السابع في المرحلة الافتتاحية، أودى عطل ميكانيكي بأحلام البريطاني وأجبره على الانسحاب من السباق. وفي عام 2014، كان على موعد مع مصير مشابه في المرحلة الرابعة، إلا أنه استطاع في السنة التالية الفوز بالمرحلة الافتتاحية في الأرجنتين كأصغر متسابق يفعل ذلك على مدار التاريخ، قبل أن يتعرض لحادث أخرجه من السباق. وبين هذا وذلك، أي في عامي 2013 و2016، فشل في المشاركة في
الرالي بعد تعرضه لحادث خطير في المرحلة التحضيرية النهائية أدى إلى كسر في عظم الفخذ. إلا أن يوم السبت شهد نهاية سوء الحظ الذي رافق السائق البريطاني البالغ من العمر سبعة وعشرين عاماً حيت تمكن من قطع خط النهاية
متصدراً المركز الأول في سباق الدراجات النارية، وأصبح بذلك أول بريطاني في التاريخ يفوز بلقب رالي داكار العالمي. لطالما حلم البريطاني في الفوز برالي داكار، وهو ما بدا جلياً في كلماته الأولى عقب الفوز حيث قال: "إن شعوري لا يصدق. كنت أقود دراجتي في الارجنتين والناس على جانبي الطريق على طول المضمار، أعتقد أن الحضور تجاوز 4 ملايين شخص. إنه شعور لا يوصف أن تشاهد هذا العدد من الناس وهم يشجعونك في كل مراحل السباق". وكانت كلمات سام تعكس ثقةً كبيرة بنفسه قبل سباق داكار حيث علق قائلاً: "أنا متأكد من أنني سأضع نهاية لسوء الحظ الذي لازمني طويلاً"، بينما لم تكن كلماته في مشاركته السابقة في أمريكا الجنوبية تحمل هذا القدر من الثقة: "أعلم أنني لا أمتلك سجلاً مشرفاً". إلا أن الوضع اختلف تماماً في 2017، فقد أصر على جعل رالي داكار شغله الشاغل لهذه السنة، حيث شارك في جولات معينة في البطولات العالمية بهدف التحضير للمرحلة الافتتاحية الصعبة في بداية هذه السنة.
وبفضل هذه الاستراتيجية نجح في أن يحتل المركز الثاني في تحدي الصحراء وفي تصدر المركز الأول في جولة قطر والمركز الثاني في جولة المغرب، وبالتالي أصبح كل ما يتوجب عليه هو الوصول إلى خط النهاية في الجولة الحاسمة في أمريكا الجنوبية. وليست المشاكل التي يتعرض لها سائقو الدرجات النارية بغريبة على سام ساندرلاند، حيث تعرض إثر قفزة عالية على متن دراجته المزودة بمحرك تبلغ استطاعته 125 سي سي لحادث خطير أدى إلى كسر كلتا ساقيه وركبتيه وحوضه في عام 2005، مما أثار مخاوف حقيقية حول قدرته على قيادة دراجة نارية مرة أخرى. وأصبح سام بعمر 15 سنة حبيس الكرسي المتحرك لمدة شهرين مع تحذيره من ركوب الدراجة لسنة كاملة، لكنه لم يستمع للنصائح. وتتذكر والدته "جاكي" تلك اللحظات في مقابلة مع الصحيفة المحلية في بورنماوث مسقط رأسه قائلة: "لم أكن أتوقع أن باستطاعته ركوب الدراجة مرة أخرى بعد قضائه شهوراً حبيس الكرسي المتحرك. لقد كان الأمر مرعباً". وتابعت حديثها قائلة: "لم أكد أصدق عينيّ عندما عاد لقيادة الدراجة بعد خمسة أشهر فقط وفاز بسباق وايماوث الشاطئي، ومن هنا بدأت رحلة العودة. على الرغم من خوفي عليه في البداية. إلا أنني سعيدة لأنه عاد إلى قيادة الدرجات النارية، فهو متعلق بها بشدة". واتخذت الأمور منحى آخر بالنسبة لساندرلاند عندما انتقل إلى دبي بعد أربع سنوات بهدف التغيير، حيث حصل على وظيفة لدى شركة "كي تي أم" وبدأ المشاركة في سباق الدراجات النارية "بغرض المتعة فقط".
وما لبث ترتيبه العام أن شهد تحسناً ثابتاً وبدأ الاقتراب من أفضل سائقي الدرجات النارية على الطرق الوعرة في العالم، وعلى الرغم من نتائجه السابقة المخيبة في رالي داكار، إلا أنه لم يفقد ثقته بقدراته مطلقاً. إلا أن أمراً واحداً كان يشغل باله: "أعلم أنني أمتلك مهارات القيادة مثل أي شخص آخر، إلا أنني لم أكن أتمتع بالخبرة في التنقل والملاحة، وهو ما يشكل 75% من هذه المهنة. رالي داكار صعب جداً وتدخل عوامل كثيرة فيه صعوبته. وأعلم تماماً ما مقدار الجهد الذي يتطلبه الأمر".
وأردف سام قائلاً: "إن أصعب ما يواجهنني هو تعاملي مع الأمر بأريحية وعدم التحلي بالدرجة المطلوبة من الحماس. ناهيك عن التعامل مع الإرهاق الجسدي". كان الأمر أشبه بلعبة الشطرنج بسرعة كبيرة بالنسبة له، فلطالما تعثر فيها، إلا أن الأمر تحول في هذه المرة إلى "كش ملك". وعند الحديث عن التجربة فهو يقول ببساطة: "إنها ضرب من الجنون... وأنا سعيد للغاية." ورغم أن الدراجات النارية كانت عشق سام الأول، إلا أنه اشترك في كرة القدم لبعض الوقت، حيث انضم إلى فريق الشباب في نادي ساوثامبتون وكان من المحتمل ينضم إلى الأكاديمية تلك السنة رفقة جاريث ببل، نجم ريال مدريد الإسباني. وكانت سباقات الدراجات النارية دائماً ما تأتي في المقام الأول، مما دفع ساندرلاند إلى تفويت مباريات الدوري رغبة في ركوب دراجته. ويقول عن ذلك: "ربما كان وضعي المالي سيكون أفضل لو أنني أكملت طريقي في كرة القدم، لكنني أحب حياتي هكذا. فبعد أن قلت وداعاً سوء الحظ في رالي داكار، لا يمكنني أن أشعر بالندم إطلاقاً".
التعليقات