عاشت كنيسة المهد أمس الأحد، ليلة ليست ككل الليالي السعيدة في هذا الوقت من كل عان في الاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح، حيث ألقت الحرب الدائرة في غزة بظلالها على أجواء احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم، إذ تقرر عدم إضاءة شجرة الميلاد في ساحة كنيسة المهد كما هو معتاد والاستعاضة عن ذلك بمجسم يجسد الدمار الذي لحق بغزة.
على بعد 10 كيلو مترات من القدس وفي قلب المدينة القديمة ببيت لحم، تقف كنيسة المهد التي تعد واحدة من أقدم وأهم كنائس فلسطين والعالم، شامخة بعمارتها وتاريخها الذي يستقطب الزوار والسياح من مختلف بقاع الأرض.
تاريخ بناء كنيسة المهد
بنيت كنيسة المهد في صورتها الأولى بالقرن الرابع الميلادي من قبل الإمباراطور الروماني قسطنطين وأمه الملكة هيلانة فوق المغارة التي ولد فيها المسيح عليه السلام، وتميزت بروعتها وبنائها المهيب واحتوائها على الرخيم الجميل والفسيفساء.
في العام 529 ميلادية قام الإمبراطور البيزنطي جاستنيان ببناء كنيسة جديدة في نفس المكان بشكلها القائم حاليا، وفي القرن السابع الميلادي نجت الكنيسة من الدمار على يد الفرس لاحتوائها على نقوش تصويرية تشبه الفن الفارسي.
أضرار تعرضت لها كنيسة المهد
وتوالت عليها الأحداث وصولا إلى زلزلا عام 1834 الذي سبب بها أضرارا شديدة، وبعد 35 عاما تعرضت الكنيسة لحريق مروع ولكنها حافظت على تخطيطها ومعالمها الزخرفية.
وتحاصر قوات الاحتلال الكنيسة منذ عام 2002، لمدة 35 يوما بعد احتماء قرابة 200 فلسطيني بها وقتلت عددا منهم، وفي عام 2012 أدرجت الكنيسة على قائمة التراث العالمي.
كانت كنيسة المهد هي الأولى بين الكنائس الثلاث التي بناها الإمبراطور قسطنطين في مطلع القرن الرابع الميلادي حين أصبحت المسيحية ديانة الدولة الرسمية وكان ذلك استجابة لطلب الأسقف ماكاريوس في المجمع المسكوني الأول في نيقيه عام 325 للميلاد.
دخلت كنيسة المهد سنة 2012 قائمة مواقع التراث العالمي، كنيسة المهد هي أول موقع فلسطيني يدرج ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو.
كهف ميلاد المسيح
ومن مميزات البناء الذي أنشأه الإمبراطور قسطنطين أنه حوى في بنائه الأساسي مثمنًا فيه فتحة تؤدي إلى مغارة الميلاد حيث المذود والنجمة، غربًا يجد المرء بازيليكا كبيرة تنتهي ببهو محاط بالأعمدة والذي يُطلّ على مدينة بيت لحم.
ولكنيسة المهد أهمية خاصة في قلوب المسيحيين بمختلف طوائفهم، فبالإضافة إلى مكانتها التاريخية فهي أيضا تحمل مكانة دينية خاصة، فقد شيدت الكنيسة في نفس المكان الذي ولد فيه المسيح، وتضم الكنيسة مايعرف بكهف ميلاد المسيح، وهو المكان الذي وضع فيه بعد مولده، وأرضيته من الرخام الأبيض، ويزين الكهف خمسة عشر قنديلا فضيا التي تمثل الطوائف المسيحية المختلفة والعديد من صور وأيقونات القديسين.
وقد طالب الملك «ربورت دون جو» ملك نابولي (إحدى المدن الإيطالية) من الملك الناصر «محمد بن قلاوون» تاسع ملوك دولة المماليك البحرية عام 1333 م بالحصول على تصريح يسمح بإقامة رهبان فرنسيسكان في كنسية المهد والعديد من الأديرة بالقدس، وبذلك يصبح لهم تمثيل دائم في الأراضي المقدسة بفلسطين.
التعليقات