يوافق اليوم ذكرى ميلاد واحد من الأكثر تميزًا في القرن العشرين، المطرب والممثل والملحن والمنتج محمد فوزي، الذي ترك بصمة واضحة في كل مجال دخله، نجم ولد في مثل هذا اليوم عام 1918، ليعش 48 عامًا من النجاح الباهر، لتنتهي حياته بعد إصابته بالاكتئاب، الذي كان مجرد بداية لرحلة من المعاناة كانت نهايتها مع سرطان العظام حتى وفاته.
محمد فوزي عبدالعال الحو، الابن الحادي والعشرين من بين خمس وعشرين أخ وأخت منهن الفنانتان هدى سلطان وهند علام، ذلك الشاب الذي ينتمي لمحافظة الغربية، درس بطنطا حتى حصل على الشهادة الإعدادية، ثم جاء للقاهرة عام 1938 ليلتحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى، الذي تركه بعد عامين فقط من الدراسة ليعمل في ملهى الشقيقتين رتيبة وإنصاف رشدي، ومنه إلى صالة بديعة مصابني، التي تعرف من خلالها على فريد الأطرش ومحمود شريف وقد جمعتهم صداقة قوية منذ ذلك الحين.
وحبًا في الغناء تقدم الثلاثي تباعًا فريد ومحمود ثم محمد فوزي، ونجح فريد مغنيًا، بينما فوزي ومحمود فقد نجحوا كملحنين فقط.
وبعد عمله في فرقة مصابني انتقل، ثم تعاقدت معه الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى ممثلاً ومغنياً بديلاً من المطرب إبراهيم حمودة في مسرحية "شهرزاد" لسيد درويش، لكنه أخفق ولم يرحمه الجمهور فتوارى عن الأنظار، ليعود مجددًا مع فرقة فاطمة رشدي، ومنها إلى فيلم "سيف الجلاد" عام 1945 الذي قدمه من خلاله الفنان يوسف وهبي في دور صغير، لتكون هنا البداية حيث يجد المخرج محمد كريم ضالته في ذلك الوجه الجديد، فيسند إليه دور البطولة في فيلم "أصحاب السعادة" عام 1946، و نجح الفيلم نجاحًا مبهرًا غير متوقع، وساعده ذلك النجاح على انشاء شركته السينمائية الخاصة التي حملت اسم "أفلام محمد فوزي" عام 1947.
وخلال ثلاث سنوات استطاع فوزي، التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية طيلة الأربعينيات والخمسينيات، فقدم 36 فيلمًا للسينما المصرية، التي وإن نسيت أحداثها، لا ينسى المشاهد خفة ظل وروح فوزي بها، وما يقدمه من أغنيات.
دأبت الإذاعة المصرية، التي رفضته مطربًا، على إذاعة أغانيه السينمائية من دون أن تفكر بالتعاقد معه، وبعد ثورة يوليو 1952، دخل الإذاعة بقوة بأغانيه الوطنية كأغنية "بلدي أحببتك يا بلدي"، والدينية مثل "يا تواب يا غفور"، و"إلهي ما أعدلك"، وأغاني الأطفال مثل "ماما زمانها جاية" و"ذهب الليل"، والتي غنّاها في فيلم "معجزة السماء"، وكانت "ماما زمانها جاية" هي الأغنية المصورة الأولى في تاريخ التليفزيون المصري.
وعام 1958 استطاع فوزي إنشاء شركته "مصر فون" لإنتاج الإسطوانات، وفرغ نفسه لإدارتها، حيث كانت تعتبر ضربة قاصمة لشركات الإسطوانات الأجنبية التي كانت تبيع الإسطوانة بتسعين قرشًا، بينما كانت شركة فوزي تبيعها بخمسة وثلاثين قرشًا، وأنتجت شركته أغاني كبار المطربين في ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما.
قدم فوزي، بديع الألحان لفنانين جيله ومنهم محمد عبدالمطلب وليلى مراد وشادية ونازك ونجاح سلام وشقيقته هدى سلطان، كما كان أول من قدم أغنية فرانكو آرب "يا مصطفى يا مصطفى"، والتي أداها شقيق الفنانة داليدا بوب عزام عام 1961، كما تُرجمت إلى العديد من اللغات، إضافة إلى كل ما قدمه من عظيم الألحان فهو صاحب لحن النشيد الوطني للجزائر.
وكان فوزي، هو صاحب الفضل على الراحل بليغ حمدي، حيث أتاح له فرصة العمل مع كوكب الشرق أم كلثوم من خلال أغنية "حب إيه"، التي كان من المفترض أن يلحنها فوزي، ومن هنا انطلقت سلسلة نجاحات بليغ.
وكان عام 1961 هو بداية النهاية لحياة مليئة بالنجاحات العظيمة، حيث قررت الحكومة المصرية تأميم شركة مصر فون، وتعيين محمد فوزي مديرًا لها بمرتب 100 جنيه شهريًا، ليبدأ منذ ذلك الحين رحلة مع المرض بدأها بالاكتئاب الحاد، ليتعرض من بعدها لأمراض صعب على الأطباء تشخيصه لينتهي به الحال مع سرطان العظام، خلال رحلته مع الحزن والمرض لم تكن مصر المكان الباقي له، فسافر إلى لندن ثم عاد لمصر ومنها إلى ألمانيا حيث وافته المنية هناك في 20 أكتوبر 1966.
التعليقات