رياض السنباطي المنفرد بتلحين الموسيقى العربية، والذي حولت إصابة عينيه حياته تمامًا، فأنجبت تلك الإصابة للفن واحد من أبرز الموسيقيين العرب،حيث أصيب وهو في التاسعة من عمره بمرض في عينه، حال بينه وبين الاستمرار في الدراسة، وهو ما دفع والده إلى التركيز على تعليمه قواعد الموسيقي وايقاعاتها، وقد أظهر رياض استجابة سريعة وبراعة ملحوظة، فاستطاع أن يؤدي بنفسه وصلات غنائية كاملة، وأصبح هو نجم الفرقة ومطربها الأول وعرف باسم "بلبل المنصورة"، وقد استمع الشيخ سيد درويش لرياض فأعجب به أعجابًا شديدًا وأراد أن يصطحبه إلى الإسكندرية لتتاح له فرص أفضل، ولكن والده رفض ذلك العرض بسبب اعتماده عليه بدرجة كبيرة في فرقته.
بدأت علاقة أم كلثوم بالسنباطي منذ الصغر وعمره 13 سنة، وعمرها 17، حيث كان والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي صديق لوالده المنشد محمد السنباطي.
وفي عام 1928 كان قرار الشيخ السنباطي الأب بالانتقال إلى القاهرة مع ابنه، الذي كان يرى انه يستحق أن يثبت ذاته في الحياة الفنية، في ذلك العام بدأ السنباطي مرحلة جديدة من حياته لا يمكن وصفها بالسهولة.
وقد أصدر قرار بتعيينه في المعهد العالي للموسيقى أستاذًا لآلة العود والأداء. ومن هنا بدأت شهرته واسمه في البروز في ندوات وحفلات المعهد كعازف بارع. ولم تستمر مدة عمله بالمعهد إلا ثلاث سنوات، قدم استقالته بعدها حيث كان قد اتخذ قراره بدخول عالم التلحين، وكان ذلك في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي عن طريق شركة أوديون للاسطوانات التي قدمته كملحن لكبار مطربي ومطربات الشركة ومنهم عبد الغني السيد، ورجاء عبده، ونجاة علي، وصالح عبد الحي.
وصلت أعماله إلى 1000 لحن، كان رصيد أم كلثوم منها 88 أغنية وقصيدة منها: "أراك عصى الدمع، ولسه فاكر، وحيرت قلبي معاك، وأقولك ايه عن الشوق، وليلى ونهاري، وطوف وشوف، والأطلال".
وارتبط الموسيقار رياض السنباطي بعلاقة صداقة خاصة جدًا بكوكب الشرق أم كلثوم، التي لحن لها رصيدًا كبيرًا من الأغاني الهامة حصدا نجاحها معًا، استمرت قرابة الـ40 عامًا.
كان التعاون بين رياض السنباطي وأم كلثوم مع بداية مشواره الفني عام 1935، حيث قدما أغنية "على بلد المحبوب وديني" ولاقت نجاحًا كبيرًا، لينضم السنباطي إلى جبهة الموسيقي الكلثومية وكان السنباطي مميزًا عن الآخرين فيما قدمه من ألحان لأم كلثوم، وآثرته السيدة أم كلثوم من بين سائر ملحنيها بلقب العبقري.
وقدم عبقري الموسيقى مع كوكب الشرق "الأطلال" التي اعتبرها النقاد تاج الأغنية العربية واروع أغنية عربية في القرن العشرين، وغنتها ام كلثوم عام 1966 وهي أجزاء من قصيدة الأطلال الاصلية بالإضافة الي أجزاء من قصيدة الوداع للشاعر إبراهيم ناجي و لم تكن تلك هي المرة الوحيدة التي تدمج فيها أم كلثوم أجزاء قصيدتين في أغنية واحدة, فقد فعلتها في أغنية حديث الروح والتي لحنها السنباطي ايضًا حينما ادمجت أجزاء من قصيدة شكوى مع أجزاء أخرى من قصيدة اجابة الشكوى للشاعر محمد إقبال.
علاقة السنباطي بالفن لم تنحصر في الموسيقى والتلحين فقط، فقد قدم في عام 1952 فيلمًا للسينما شاركته بطولته الفنانة هدى سلطان وكان من إخراج المخرج حلمي رفلة، وعلى الرغم من نجاح الفيلم إلا أن السنباطي لم يفكر في تكرار التجربة، من دون إفصاح عن الأسباب.
وقد رحل رياض السنباطي عن الدنيا وتوفى 10 سبتمبر 1981، لتطوى من بعده صفحة من أهم أثرى صفحات الموسيقى العربية، ولكن بقى فنه من موسيقاه وألحانه في مسامع الناس حتى الآن.
التعليقات